خبر ماذا يخطط الغرب -معاريف

الساعة 09:40 ص|21 مارس 2011

ماذا يخطط الغرب -معاريف

بقلم: الون بنكاس

(المضمون: هذه رسالة هامة للعالم العربي. الولايات المتحدة لن تسمح بمذبحة ولن تؤيد دكتاتورا من نوع القذافي. ايدنا المتظاهرين في مصر، ضحينا بمبارك، نحن نبقى جانبا في البحرين فقط بسبب الدور الايراني، ولكن في ليبيا سنتدخل - المصدر).

        النشيد الرسمي للمارينز يبدأ بسطر "من قاعات مونتزوما وحتى شواطىء طرابلس". الموسيقى الفرنسية، من الاوبرا التي عرضت في باريس في 1859. "قاعات مونتزوما" تتناول المعركة على قلعة شبوتبك في أثناء حرب الولايات المتحدة – المكسيك في 1848. القصر الذي استخدمه الملك الاستاكي مونتزوما في القرن الـ 15. "شواطىء طرابلس" يقصد بها المرة الاولى التي عملت فيها الولايات المتحدة في ليبيا. في 1805، في اثناء الحرب البربرية، نزل البحارة الامريكيون في ليبيا وارتبطوا بالثوار البرابرة المسلمين. كانت هذه المعركة البرية الاولى لقوات امريكية خارج الحدود الامريكية. وكانت تلك فترة حكم نابليون، والايام هي أيام الحروب النابليونية، بعد اقل من 30 سنة من مساعدة فرنسا للثوار الامريكيين في حرب الاستقلال عن بريطانيا. جمهورية امريكية واحدة وخمسة جمهوريات فرنسية بعد ذلك ومرة اخرى نحن الى شاطىء طرابلس، ضد البربري القذافي.

        السؤال المركزي ليس "من قاد الخطوة؟"، سؤال هام ومثير للاهتمام بحد ذاته، بل ما هو هدف فرنسا والولايات المتحدة. هل توجد نية، تخطيط وخطة لاسقاط حكم القذافي؟ أم هل الهدف هو فقط فرض هدنة وشلل عليه مثل صدام حسين بعد حرب الخليج الاول في 1991؟ وماذا في هذه الحالة سيكون على 1.6 مليون برميل نفط "حلو" (ذو محتوى كبريتي متدن، ومن هنا تكون تصفيته أسهل وأقل كلفة) تنتجه ليبيا كل يوم؟

        ايطاليا، فرنسا والنمسا هي الزبائن الاساس ومن هنا ثمة بالتأكيد امكانية ان يكون ساركوزي يخطط لاسقاط القذافي. وضع تكون فيه ليبيا منقسمة بحكم الامر الواقع بين القذافي والقبائل المتمردة هو وضع هش، قابل للانفجار ومشحون بانعدام اليقين يمكنه فقط أن يجر الى مزيد من التدخل من النوع الذي اعلنت الولايات المتحدة بانها لا مصلحة لها فيه. قرار مجلس الامن رقم 1973، في فرض منطقة "حظر طيران" والهام من مجلس الامن لاستخدام القوة العسكرية لمنع القتل وعلى اساس انساني، وفي اعقابه اطلاق 120 صاروخ جوال من طراز "تومهوك" والقصف الجوي تضعضع حكم القذافي وبالتالي فان مسألة الهدف هامة جدا.

        القذافي. ليس لحاكم ليبيا حقا قدرة رد عسكرية، ولكن صواريخ تومهوك لن تسقط حكمه. وعليه فان السيناريو المعقول هو أن الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا ومن ينضم اليها في الايام القريبة القادمة (ايطاليا، السعودية والاردن يظهرون في تقديرات عديدة) تفترض بان الضغط العسكري سيسقط القذافي من الداخل. وهنا يطرح سؤال آخر: بأي قدر، اذا كان هناك على الاطلاق، تنسق الولايات المتحدة وفرنسا حقا على المستوى السياسي؟ وهل التعاون الامريكي – الفرنسي في السنوات الاخيرة سيستمر ليخلق محورا أم هل ستؤدي ارادة ساركوزي لاسقاط القذافي الى ان تصطدم بالبرود وانعدام الحماسة الامريكيين؟

        اوباما. في خطابه يوم الجمعة الماضي أوضح الرئيس اوباما بان للولايات المتحدة دور "يصمم ويتيح" للنشاط العسكري ضد ليبيا. وحسب التصريحات الواضحة لاوباما، فان قوات المارينز لن تنزل مرة اخرى في شواطىء طرابلس. وتكبد اوباما في الـ 48 ساعة الاخيرة العناء لتقديم تعبير مفصل عن الخلافات في ادارته وحجم الجدال الداخلي حول السياسة في موضوع ليبيا. من جهة، وزير الدفاع غيتس، مستشار الامن القومي توم دونيلون ورئيس وكالات مكافحة الارهاب، جون برنان، ابدوا شكا كبيرا. للولايات المتحدة 140 الف جندي في افغانستان وفي العراق. والرأي العام المنشغل بالاقتصاد وبالبطالة لن يؤيد تدخلا عسكريا آخر من جانب الولايات المتحدة، وبشكل عام، فان ليبيا هي الساحة الخلفية لجنوب اوروبا: فرنسا وايطاليا.

        لماذا يتعين على الولايات المتحدة مرة أخرى ان تكون مطفئة الحرائق او الشرطي الدولي، فقط كي تتعرض للانتقاد والاستياء حين تتشوش الامور ويكتشف العالم بان الثوار الليبيين ليسوا سوى صيغة شمال افريقية لطالبان الافغانيين الذين سلحتهم الولايات المتحدة ضد الاحتلال السوفييتي، فقط كي ينموا القاعدة؟

        من جهة اخرى مستشارتان ينصت اليهما اوباما: سمانتا باور من مجلس الامن القومي وسوزان رايس السفيرة في الامم المتحدة، سناتور واحد ذو نفوذ: جون كيري، ومنذ يوم الخميس، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ايضا. حجة هذه المجموعة تقوم على أساس منع الجريمة والمذبحة وعلى اساس الواقعية السياسية: هذه رسالة هامة للعالم العربي. الولايات المتحدة لن تسمح بمذبحة ولن تؤيد دكتاتورا من نوع القذافي. ايدنا المتظاهرين في مصر، ضحينا بمبارك، نحن نبقى جانبا في البحرين فقط بسبب الدور الايراني، ولكن في ليبيا سنتدخل.

        ساركوزي. يمكن الادعاء بانه لولا دفعة الولايات المتحدة نحو قرار مجلس الامن، لولا خطاب يوم الجمعة ولولا تقريب الرئيس لقوات كبيرة من الاسطول نحو شواطىء طرابلس ومنح مظلة قيادة وتحكم لفرض سياسة "حظر الطيران"، ما كانت فرنسا لتعمل وحدها، وبالتأكيد ما كانت لتنجح في بناء تحالف اوروبي (المانيا امتنعت في التصويت في مجلس الامن وبريطانيا بدت مقودة وعديمة النزعة القيادية على المستوى الدولي). حتى وان كانت هذه الحجة صحيحة، فان الرئيس الفرنسي هو الذي بادر، عمل، دفع وضغط نحو العملية. ولا يزال من السابق لاوانه تقدير آثار البروز الفرنسي، ومن السهل احالة ذلك الى المحاولة السياسية لتحسين مكانته وصورته المشروختين، ولكن يمكن القول بوضوح بان لاوباما يوجد من الان فصاعدا حليف اوروبي سيرغب – ومن المعقول أن يحصل – بتدخل أكبر.