خبر مستوطنات مُشعة- هآرتس

الساعة 09:57 ص|17 مارس 2011

مستوطنات مُشعة- هآرتس

بقلم: آري شبيط

يهتز هاتفي المحمول عدة مرات في الاسبوع: رسالة اخرى من جمعية ضغط "يشع". مرة اقتباس من كلام الوزير جدعون ساعر (يجب علينا أن نجدد البناء في يهودا والسامرة). ومرة اخرى اقتباس من كلام الوزير جلعاد أردان (ينبغي وقف تأخير مناقصات التسويق في يهودا والسامرة). ومرة ثالثة اقتباس من كلام عضو الكنيست زئيف ألكين (حان وقت البناء في مدن يهودا والسامرة). ومرة رابعة اقتباس من كلام عضو الكنيست ياريف ليفين (أطلب الى الحكومة والى الوزير اهود باراك الموافقة على البناء في مدن يهودا والسامرة فورا!). ومرة خامسة اقتباس من كلام الوزير موشيه يعلون (علينا أن نبني صادرين عن الحزن وان نطور مشروع الاستيطان في يهودا والسامرة).

اعتقدت في البداية ان الرسائل النصية فكاهة عيد المساخر. فلا يمكن ألا يكون ناس أذكياء مثل ساعر وأردان ويعلون ما زالوا لا يفهمون أي كارثة جلبتها علينا المستوطنات. ولا يمكن أن يكون المدير العام الذكي لمجلس "يشع" ما زال لا يفهم أي كارثة سيجلب علينا بناء آخر في المستوطنات. لا يمكن ان يكون المستوطنون ما زالوا يحلقون في الفضاء الخارجي.

لكنه بعد ست رسائل أو سبع أدركت ان الامر ليس فكاهة ولا عيد مساخر. فالمقطوعون في الحقيقة مقطوعون عن الواقع. والهاذون هاذون حتى النهاية. لم يتعلم اليمين شيئا ولم ينسَ شيئا، وما زال يحيا في كون موازٍ. لا مناص اذا. يجب علينا أن نرسل رسالة رد للرفاق من اليمين. فاليكم الرسالة.

تشبه المستوطنات محطة الطاقة الذرية في فوكوشيما: فهي مشروع عظيم الأبعاد مبني على نحو فخم أُقيم في المكان غير الصحيح بناء على افتراضات مخطوءة. وكما ان مُنشئي محطة الطاقة اليابانية لم يأخذوا في الحسبان ان الارض ستهتز ذات يوم بقوة 9 بحسب سلم ريختر، كان منشئو المستوطنات كذلك ايضا. وكما لم يأخذ منشئو محطة الطاقة اليابانية في الحسبان أن تسونامي سيضربها ذات يوم، كذلك كان منشئو المستوطنات. إن الارض قد رجفت هنا وهناك ايضا. وضرب التسونامي. وكما أصبحت محطة الطاقة في فوكوشيما كابوسا كذلك أصبح مشروع الاستيطان ايضا.

يجب علينا ان نقول الحقيقة وهي ان ليست المستوطنات هي التي أحدثت المواجهة الاسرائيلية الفلسطينية، وأن وقفها لن يُنهي الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. لكن المستوطنات تُصعد الصراع، واستمرار البناء في المستوطنات سيجعل اسرائيل تخسر فيه. لهذا يجب وقف المستوطنات لا من اجل السلام فحسب بل من اجل الأمن القومي. من اجل ضمان مستقبل اسرائيل وانقاذ الصهيونية.

يمكن ان يجادل بعضنا بعضا في الشأن الاخلاقي. سيقول اليسار إن المستوطنات غير اخلاقية على نحو واضح، وسيقول اليمين إن المستوطنات اخلاقية بصورة كبيرة. لكن لا يمكن أن يجادل بعضنا بعضا في شأن السياسة الواقعية. كسب المستوطنون المعركة على التلال لكنهم خسروا المعركة على العالم. لهذا فان المستوطنات اليوم تقع خارج جدار الشرعية الدولية. ولهذا تُخرج المستوطنات اليوم اسرائيل خارج جدار الشرعية الدولية. إن الغيم الاشعاعي لعدم الشرعية الذي يصعد من المستوطنات يتحرك نحو اسرائيل ويُعرض وجودها للخطر.

عندما بُنيت محطة طاقة فوكوشيما في السبعينيات كان يجوز الأمل أن تصمد لكل هزة ولكل طوفان. وعندما بُنيت المستوطنات في السبعينيات والثمانينيات كان يجوز الأمل أن تصمد لكل عاصفة سياسية. تبين اليوم أن الأملين تحطما. تبين ان الفروض الأساسية لشركة الكهرباء اليابانية والفروض الأساسية لغوش ايمونيم ليس لها أساس. فقد أفضت الى بناء صانعات طاقة كبيرة على خط منكسر لا يوجد أخطر منه.

لا يخطر في البال ان ينشيء اليابانيون بعد ما حدث مفاعلا سابعا وثامنا على الساحل. ولا يخطر في البال ان ينشيء الاسرائيليون بعد ما تبين مستوطنات اخرى على الجبل. المستقبل إزاء أعيننا: إن مشروعا ضخما أُنشيء قبل اربعين سنة يهدد الدولة التي انشأته. الاشعاع الصادر عنه هو اشعاع قاتل. حسبُنا رسائل أيها الرفاق. وحسبُنا تحليقا خارج الواقع. حان وقت تبريد المستوطنات واخمادها والبحث عن مصادر طاقة بديلة. حان الوقت للعودة الى البيت.