خبر اُهرب يا اهود -هآرتس

الساعة 09:29 ص|16 مارس 2011

اُهرب يا اهود -هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: يقترح الكاتب على وزير الدفاع الاسرائيلي اهود باراك ان يترك الحكومة وينضم الى المعارضة مع لفني لمقاومة جمود نتنياهو السياسي من هناك - المصدر).

        اهود باراك رجل شجاع، لا في عملياته ايام دورية هيئة القيادة العامة أو باقتراحه تقسيم القدس في كامب ديفيد فقط. بل في استعداده للخروج عن الجوقة، وأن يقول كلاما غير شعبي في ايام العمليات والحداد. بعد ساعات معدودات من جنازة أبناء عائلة بوغل من ايتمار، في يوم الاحد هذا الاسبوع، حُدد لباراك محاضرة في معهد ابحاث الامن القومي. اكتفى بتعزية قصيرة وتحول سريعا الى الجوهر وهو التحذير الشديد من "تسونامي سياسي"، يفيض على اسرائيل، اذا لم تبادر فورا لخطة لتقسيم البلاد.

        "المسؤولية عن السلوك يُحتاج اليها ايضا في ذروة الألم والغضب"، قال باراك وفصل الأخطار التي تترصد باسرائيل اذا تمسكت بالجمود السياسي – وعلى رأسها تدهور العلاقات الحيوية بالولايات المتحدة. وقد حذر من جهد أعداء اسرائيل لدفعها الى وضع "جنوب افريقيا القديم" معزولة وحيدة. دعا باراك الى مبادرة سياسية اسرائيلية، تُفضي الى تسوية دولتين للشعبين، مع ضم الكتل الاستيطانية واخلاء المستوطنات المفرقة وإلا فان اسرائيل، كما حذر وزير الدفاع، ستضربها موجة سلب شرعية دولية تُسبب لها ضررا اقتصاديا شديدا – وربما تواجه انتفاضة مدنية في المناطق ايضا.

        أما الامور الأصعب فقد احتفظ بها باراك لصديقه العزيز الذي كان مرؤوسه في الماضي وشريكه السياسي في الحاضر، بنيامين نتنياهو. وصف باراك من غير ان يذكر اسم رئيس الحكومة أو لقبه ضعفا خطيرا في القيادة. وصف نتنياهو بأنه غير زعيم إذ تحدث عن "عدم الفعل والشلل والبحث عما يريد جمهور اليمين أو اليسار سماعه الآن وترتيل هذا الكلام". وأبطل باراك بحركة من يده دعاوى رئيس الحكومة الاعلامية ان اسرائيل توسلت من اجل التفاوض ورفض الفلسطينيون. قال باراك كل هذا كلام فان اسرائيل لم توافق في السنتين الاخيرتين على بحث القضايا الجوهرية. يصعب تخيل ضوء احمر أشد وهجا أو انتقاد أكثر تعليلا على نتنياهو من أقرب رجل اليه ذاك الذي يعلم.

        باراك صادق في تشخيصه ان المبنى السياسي للحكومة الحالية لا يلائم التحديات التي تواجهها اسرائيل. ومع ذلك كله يُصر على التمسك بكرسيه وأن يعمل سندا لنتنياهو برغم أنه لا قيمة لوجوده في الحكومة. بعد مئات الساعات من المحادثات معا والجلسات في حلقات ضيقة، لم يتلق نتنياهو حتى نصيحة واحدة من باراك. لا تجديد التفاوض مع سوريا، ولا مبادرة سياسية مع الفلسطينيين، ولا تجميدا آخر للمستوطنات، ولا خروجا لحرب ردعية على ايران، ولا ضم كديما الى الحكومة. لا شيء.

        انقضت فاعلية باراك في تشرين الثاني، عندما رُفض اقتراحه تمديد التجميد في المستوطنات تسعين يوما، مقابل ضمانات سياسية وأمنية من واشنطن. باع باراك نتنياهو الصفقة التي أحرزها مع ادارة اوباما، لكن الريح انقلبت في حلقة السباعية عندما كان بوغي يعلون يقود المعارضة ويحول رئيس الحكومة الى جانبه. قام يعلون منذ ذلك الحين باعتباره أشد خصوم باراك والمرشح لوراثة منصبه اذا خرج من الحكومة.

        منذ ذلك الحين وباراك مشغول بالبقاء. ليس هذا سهلا: كلفته مناورته السياسية في الخروج من العمل على رأس كتلة الأشباح "الاستقلال" محوه من الرأي العام. تخلص من يساريي حزب العمل الذين ضايقوه ويدعو المستوطنون الآن الى إبعاده. وباراك سادر في غيّه، "يريد التأثير من الداخل". حتى إن تسيبي لفني بحسب نهجه "والهامس في أذنها" – وهذه إيماءة شفافة الى حاييم رامون – يستطيعان أن يؤثرا أكثر منه. وهذا من المعارضة في حين أن رامون لا يوجد حتى في الكنيست. يطلب باراك منهما الآن الانضمام الى الحكومة كي لا يبقى وحده في مواجهة نتنياهو ويعلون ورفاقهما من اليمين.

        بدل إثارة مبادرات باطلة كهذه، يستطيع باراك أن يفعل اجراءا واحدا فقط لانقاذ الدولة من الكارثة التي يتوقعها وهو أن يقوم فيترك الحكومة مع رفاقه الاربعة وينضم الى لفني في المعارضة ليقود من هناك معارضة جمود نتنياهو السياسي. تحذيراته تثير القشعريرة، لكنه اذا بقي في وزارة الدفاع فسيتحمل كامل المسؤولية عن الاخفاق الذي حذر منه. باراك رجل شجاع. حان الوقت ليُظهر شجاعته مرة اخرى.