خبر أصدقاء الأسد- هآرتس

الساعة 09:19 ص|16 مارس 2011

أصدقاء الأسد- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

 (المضمون: بعد الثورة في مصر تسخن العلاقات بين دمشق والقاهرة. وماذا عن الاصلاح السياسي في سوريا؟ ربما يحتاج الى الانتظار للجيل القادم كما قال الاسد - المصدر).

        عرضت لبشار الاسد في الاسبوع الماضي فرصة تثبيت مكانة سوريا في الشرق الاوسط. فبعد ست سنين من القطيعة المصرية مع سوريا دُعي سفير سوريا في القاهرة، يوسف الأحمد، الى لقاء مع حسين طنطاوي، وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري الذي يُدبر الآن شؤون مصر، والذي نقل اليه رسالة الى الرئيس الاسد. يُعبر طنطاوي في رسالته عن طموحه "الى فتح صفحة جديدة في علاقات سوريا مع مصر على أساس العلاقات المعروفة في الماضي وتلك التي نأمل وجودها".

        سارع الاسد الذي ارتقب سنين طويلة رسالة مصالحة لم تأت من الرئيس حسني مبارك، الى الرد. فكتب بحرارة انه يتمنى لطنطاوي وللمصريين "نجاحا كبيرا واستقرارا وعودة الى دورها الطبيعي في العالم العربي". واتفق الاسد والطنطاوي ايضا على التعاون والتشاور "في جميع المجالات". والمتوقع الآن أن يُدعى الطنطاوي الى زيارة رسمية لسوريا في نهاية نيسان أو بداية أيار.

        قد تكون المصالحة مع سوريا هي الخطوة ذات الشأن الاولى في مجال علاقات مصر الخارجية تحت قيادة الطنطاوي المؤقتة. وقد تشهد هذه المبادرة ايضا باختلاف الآراء الذي ساد بين الطنطاوي ومبارك زمن ولايته في شأن القطيعة التي بدأت في العلاقات بين سوريا ومصر.

        هذه القطيعة – التي بدأت في 2006، في حرب لبنان الثانية، بعد ان لقّب الاسد قادة الدول العربية "أنصاف رجال"، لانهم امتنعوا عن تأييد حزب الله بل نددوا به - دفعت سوريا الى زاوية سياسية معزولة؛ فقد استقر رأي السعودية ومصر والاردن على قطيعة غير رسمية معها.

        لكنه بعد ثلاث سنين من ذلك حدث تغيير. فقد قررت السعودية مخالفة عن موقف مصر، ترك القطيعة، وجاء عبد الله ملك السعودية في زيارة رسمية اولى الى دمشق في تشرين الاول 2009. إن السعودية، التي أرادت حل الازمة في لبنان في أعقاب قضية المحكمة الدولية التي تحقق في قتل رفيق الحريري، أدركت انه ليست لها دون سوريا أي وسيلة للتأثير في المسارات السياسية في الدولة. وقدّرت ايضا ان علاقات مجددة بالاسد قد تساعدها على صد التأثير الايراني في الشرق الاوسط.

        أحدثت زيارة ملك السعودية تحولا مهما في مكانة الاسد في الشرق الاوسط. فقد تحولت عن وضع عُرفت فيه دولته بأنها أحد رؤوس المحور الجديد غير العربي الذي تشارك فيه تركيا وايران، الى محور ذي أهمية ايضا لدى الدول العربية في حين دُفعت مصر الى مكانة ثانوية.

        غير أن تغيير السياسة السعودية لم يُجد كثيرا على تقديم مصالح الملك عبد الله. فاستمرت الازمة في لبنان ولم ينجح سعد الحريري الذي يرعاه الملك السعودي في تشكيل حكومة ولهذا لم يصبح رئيس الحكومة، أما العلاقات بين ايران وسوريا فأخذت تزداد قوة: ففي الاسبوع الماضي زار طهران رئيس حكومة سوريا ناجي العطري، ووقع هناك على عدة اتفاقات على التعاون التجاري. إن الاتفاقات نفسها التي تنضم الى اتفاقات سابقة لم يُحقق بعضها بعد، أقل أهمية من الزيارة نفسها التي تريد نقل رسالة الى المحيط بأن سوريا لا تنوي جعل الضغط الدولي يؤثر في علاقتها مع ايران. لا يعني هذا أن دمشق غير معنية بتقديم مسيرة السلام مع اسرائيل لكنها غير مستعدة لاحداث صلة بين هذه المسيرة وبين علاقتها بطهران.

        يستطيع الاسد في خلال هذا ايضا أن يعرض دولته باعتبارها "جزيرة استقرار" في الشرق الاوسط العاصف. سوريا هي احدى الدول الفقيرة القليلة في المنطقة التي لم تجرِ فيها مظاهرات حقيقية على النظام، برغم وجود اسباب جيدة جدا للعصيان المدني في الدولة، وهي اسباب أفضل من تلك التي لدى جماهير الشعب في مصر أو في تونس. فالبطالة تبلغ نحوا من 20 – 25 في المائة (10 في المائة بحسب المعطيات السورية الرسمية)، ويعتمد الجهاز الاقتصادي على امتيازات المقربين من السلطة؛ وتحتل سوريا أسفل سلم الفساد الدولي، وعلى حسب معطيات البنك الدولي – تقع في المكان الـ 143 من بين 183 دولة في سلم تشجيع الاستثمارات.

        ليست الثروة التي تجمعها العائلة الحاكمة بمنزلة سر. يمكن ان نجد في مواقع سورية على الانترنت تفصيلات مثيرة عن ممتلكات الاسد وأبناء عائلته الخاصة العظيمة. وقد كُتبت تقارير كثيرة لا تُعد عن اضطهاد حرية التعبير في سوريا من اجل وزارة الخارجية الامريكية، لكننا لم نسمع في الاسابيع الاخيرة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تندد بدمشق بسبب ذلك، ولا يشوش ذلك على سوريا في منافستها في المقعد الذي أخلته ليبيا في مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان.

        متوسط الأجور في سوريا يبلغ نحوا من 300 دولار في الشهر، وهو أجر مرتفع قياسا بدول فقيرة اخرى في الشرق الاوسط، لكن نحوا من 14 في المائة من الـ 20 مليونا من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر. سارعت سوريا في نهاية شباط الى توزيع مال على نحو من 420 ألفا من أفقر العائلات، نحوا من 70 دولارا في الشهر على الشخص، لكن يُشك في ان تستطيع هذه المساعدة أن تكون "أفقا اقتصاديا" يستطيع ان يُهديء سكانا غاضبين.

        وهنا، وبرغم ان الظروف الاقتصادية تشبه أو قد تكون أصعب مما في مصر أو اليمن، لا تثور سوريا وليست فيها علامات على انتفاضة شعبية. يمكن أن ننسب هذا الى قوة سيطرة قوات الامن السورية ورقابتها، والى الصدمة الوطنية السورية: ففي 1982 قصف الجيش السوري بالمدافع والطائرات مدينة حماة ليقمع تمردا للاخوان المسلمين. قُتل عشرات آلاف المدنيين.

        والنتيجة على كل حال هي أن الاسد الذي قال في مقابلة صحفية مع صحيفة "وول ستريت جورنال" ان "الاصلاح (السياسي) سينتظر الى الجيل القادم"، يستطيع ان يكون راضيا أو مطمئنا على الأقل.