خبر في ظل الثورات المتنقلة.. فلسطين إلى أين؟! ..هيثم محمد أبو الغزلان

الساعة 11:47 ص|15 مارس 2011

 

في ظل الثورات المتنقلة.. فلسطين إلى أين؟! ..هيثم محمد أبو الغزلان

هل بدأت رياح التغيير الفعلي على المنطقة العربية؟! من تونس إلى مصر إلى غيرها من الدول؟ بات الكثير من "أصحاب الفخامة" من رؤساء الأنظمة يخافون على أنفسهم فيخرج رؤساؤها ليعلنوا نيتهم عدم الترشح لولاية جديدة، وينفون "نيتهم المبيتة" توريث الحكم لأبنائهم؟! ما الذي حصل؟ وكيف يمكن تفسير ذلك؟! وهم الذين كانوا ولا يزالون لا يدخرون جهداً في قمع الحريات والتضييق على الاعلام وإسكات الأصوات الحرة والشريفة...

أطاح الشعب التونسي بثورته الشعبية المسماة "ثورة الياسمين"، بالطاغية زين العابدين بن علي. كما أطاح الشعب المصري بحسني مبارك. ويخشى الحكام العرب من انتقال عدواها إلى بلادهم! فقد أصبح الشاب العاطل عن العمل، محمد البوعزيزي، والذي أحرق نفسه فداء لتونس الخضراء شهيد الواجب الذي افتدى تونس ليحيا شعبها بكرامة. فهو "أحرق جسده ليدفئ ثورة مؤجلة كانت قد تجمدت أفكارها بين حدود الأقطار العربية المصطنعة، ليعطيها هويته التونسية وشهادته قبل أن يحتضن تراب وطنه الذي أحب بعد أن اطمئن على صلابة رفاقه في الثورة"..

انتصرت الارادة الشعبية التونسية، ولاقت اصداء واسعة في العالمين العربي والعالمي. ووقف الكثيرون تضامناً مع "التوانسة"، ومع الحرية، ومع الحق الذي يأبى الاندثار مرددين قول الشاعر أبي القاسم الشابي:

إذا الشعب يوما أراد الحياة     فلا بد أن يستجيب القدر

أما لجهة مصر العروبة. فقد نزل شعبها الى الميدان ثمانية عشر يوماً حتى أذعن مبارك صاغراً للرحيل. خضوعاً للإرادة الشعبية... الثورة الشعبية ضد "نظام حسني مبارك" مستمرة، رغم استخدامه سياسة الترويع ضد المتظاهرين الثائرين، ورهانه "بصموده الباطل"، و"تمسكه بفضيلة العناد السيء ـ كما كتب نصري الصايغ"، على إنهاك المتظاهرين. فحاول تقديم بعض التنازلات الشكلية لإرضاء الجماهير وإعادة كسب ودها، ولكن لا نتيجة ال برحيل مبارك وزبانيته...

وحدد الثوريون في "ميدان التحرير ـ الحرية"، هدفهم بوضوح بإسقاط نظام مبارك، وأصرّوا على استمرار تحرّكههم حتى تحقيق أهدافهم، ورغم ما حُكي عن انطلاق "الحوار" بين نائب الرئيس ـ عيّنه مبارك ـ، عمر سليمان والقوى المعارضة، التي كانت تجري في واد والمعتصمون أو الثوريون في واد آخر، وفق قاعدة: لا تفاوض قبل رحيل مبارك..

وقد اعتبر الباحث والمفكر الفلسطيني منير شفيق  أن النظام المصري المنهار له دور كبير في إفقار الشعب المصري وربطه بالقطب الأميركي-الإسرائيلي المعادي لتطلّعات ومستقبل الشعوب، والمغتصِب لحقوق الشعوب العربية عموماً والشعب الفلسطيني خاصّة.

وقال شفيق إن الثورة الشعبية المصرية قد تمكّنت من إحداث توازن ردعٍ حقيقيٍ مع "بلطجيّة" وقوّات السلطة التي تفاجأت بما حصل، وحاولت السلطة إفشال الثورة من خلال الفوضى العارمة التي أطلقتها بعيد اندلاع التظاهرات المليونية في مصر الكنانة.

وأشاد شفيق بوعي الشعب المصري وحماسته، لجهة اقتناص الفرصة المناسبة للثورة، بعد مرحلة يأسٍ وإحباطٍ امتدّت لعدّة عقود (تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة- ضعف الكيان الإسرائيلي مقابل تقدّم محور الممانعة والمقاومة –بلوغ الفساد أوجه في مصر ...)، مؤكداً إن النصر حتميٌ لهذه الثورة، مهما طال أمدها ومهما كان تصدّي نظام مبارك شرساً لها، لأن شروط انتصارها توافرت (الإيمان/الإرادة/التنظيم)؛ فضلاً عن الاحتضان العربي والإسلامي والعالمي لها.

واعتبر شفيق أن قضية فلسطين ستكون الأشدّ تأثّراً بما يجري في مصر، لعدّة اعتبارات جيو-سياسية، وخاصّة لجهة الدور المصري الرسمي في محاولات فرض وثيقة المصالحة السيّئة الذكر على حماس، والتي انتهت إلى فشلٍ ذريع.

ونُقل عن مصادر إسرائيلية استخباراتية قولها إن "عيون العالم كله، بما في ذلك إسرائيل، تتابع ما يحدث في مصر بقلق بالغ، وذلك لكونها دولة كبيرة ومهمة للغاية وذات تأثير هائل في العالم العربي كله. كما أن ما يحدث في مصر بموازاة ما يحدث في كل من لبنان وتونس يجب أن يثير القلق الشديد، خاصة وأن هذه هي أول مرة يكون فيها معظم المتظاهرين من الشبان الذين جرى تجنيدهم عبر الشبكات الاجتماعية والانترنت".

ولدى متابعة ما نُشر في المحور المتعلق بالاستخبارات الاسرائيلية لا مفر من ملاحظة أن النقد ضدها كان صارمًا للغاية، لا سيما في ضوء واقع أن مؤسسة الاستخبارات نفسها ارتكبت في الآونة الأخيرة إخفاقات كثيرة في مجال استشراف التطورات في الشرق الأوسط، بدءًا بنتائج الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في العام 2006، وانتهاء بإسقاط حكومة سعد الحريري في لبنان قبل بضعة أسابيع، مرورًا بترسانة الأسلحة لدى حزب الله عشية حرب لبنان الثانية، والمظاهرات المدنية في إيران... والقائمة طويلة.

وهذا يشير الى الاخفاق ايضاً في توقع سقوط مبارك ونظامه؛ فقد كانت الاستخبارات الاسرائيلية مطمئنة الى واقع مصر وقدرة النظام فيها على تخطي ما أسموه الأزمة. بل ذكرت الصحف الاسرائيلية أن المظاهرات الكبرى هي من تنظيم النظام المصري لتنفيس الاحتقان لدى الشعب!!

وبحسب انطوان شلحت: "لتخفيف وطأة "الجلد الذاتي" فإن كبار المحللين العسكريين والإستراتيجيين استعادوا حقيقة أن احتمالات نجاح الاستخبارات في استشراف سلوك الجماهير الشعبية تبقى ضئيلة للغاية، فضلاً عن أن استخبارات دول أخرى أقوى نفوذًا من إسرائيل واجهت الإخفاق في هذا المجال، بل وفي مجالات محدّدة وقابلة للاستشراف أكثر، ولعل أشهرها- إذا ما نأينا بأنفسنا عن نظرية المؤامرة- كامن في "إخفاق الاستخبارات الأميركية في معرفة عدم امتلاك الرئيس العراقي السابق صدام حسين أسلحة دمار شامل". وفي هذا السياق فإن البعض استعاد، بقدر من السخرية السوداء، كيف أن وزير الدفاع الأميركي الأسبق، دونالد رامسفيلد، قال عندما سُئل في مؤتمر صحافي عن إخفاقات استخبارات بلده قبيل غزو العراق: "يبدو أننا لا نعرف أننا لا نعرف""!.

ويعتبر شلحت: "أن القضية في العمق لم تعد منحصرة في معادلة أن "إسرائيل لا تعرف أنها لا تعرف"، بقدر ما إنها تعبر عن هزيمة أخرى لـ "العقل الإسرائيلي" الذي كان ولا يزال أسير مفهوم متكلس أجاد المعلق السياسي والعسكري الإسرائيلي عوفر شيلح وصفه حين قال: المشكلة ليست كامنة في رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أو في رئيس هيئة الأركان العامة، وإنما هي مشكلتنا جميعًا حينما نسألهما. والمشكلة أيضًا هي أننا لا نزال، بعد كل أخطاء تنبؤهما وتنبؤ آخرين، نفكر أنه في الأمور التي تتصل بإرادة الجمهور العريض وليس بالمعلومات التكتيكية، ثمة أحد يعرف أكثر من الجميع لا لشيء إلا لأنه يحمل درجات ورُتبًا (عسكرية) وفي مقدوره أن يتنصّت سرًّا، مؤكدًا أنه فقط الدولة التي تنظر إلى كل شيء عبر فوهة المدفع بمقدورها أن تجعل أفرادها العسكريين مسؤولين بصورة حصرية عن "تقدير المواقف الوطنية"". 

 

فجر طال انتظاره

ويعتبر الكاتب أسعد غانم أن المصريين وعلى خطى إخوانهم التونسيين يفسحون المجال لمن سوف يأتي بعدهم في اليمن والأردن والسعودية وليبيا وحتى جزر القمر، كلها مرشحة الآن، أكثر من أي وقت مضى لانطلاق ربيع الشعوب العربية. نقول هذا ليس فقط بإلهام مما حدث ويحدث في تونس ومصر، بل بالأساس بالاعتماد على قراءة الأسباب العميقة التي أدت إلى الحدث، وعلى مراقبة الوسائل التي حولت حدثاً مثل مظاهرة صغيرة أو إحراق عامل بسيط لنفسه، إلى أداة لتحريك الجماهير.

ما يحدث في هذه الأيام هو حدث تاريخي سوف يغني تاريخ الانتصارات في مصر وسوف يسجل في تاريخها كأحد أهم الإنجازات، تماماً كما يذكر دخول عمرو بن العاص وانتصارات قطز وأيام محمد علي وثورة الضباط الأحرار. وتأتي هذه الأحداث لتشير بشكل واضح لمعالم جديدة على طريق المستقبل، وتفتح الباب على مصراعيه لمفاهيم جديدة وآفاق مضيئة في سماء مصر والمنطقة العربية وحتى العالمية.

ما شهدته تونس ومصر خلال الأسابيع الأخيرة ينطوي على بدايات لثورة عربية شاملة، تستحق أن توصف "بالثورة الكبرى"، فهي ليست انقلاب الضباط ضد الملك، ولا تمرد المحزبين على من فوقهم، ولا انقلاب الفئات المسحوقة على المتحكمين في موارد البلاد الاقتصادية فقط، ولا ثورة الجياع من أجل لقمة العيش كما يحلو لبعض الإعلاميين وصفها.

هذا زلزال سياسي شامل بامتياز، ثورة ضد الظلم، وضد الطغاة، وضد الذين أهانوا الشعوب، وضد الاستفراد بموارد الدولة والأمة، كما أنها خروج على من سلب ونهب البلد وباعه، وعلى من جعلوا السياسة عمالة للأجنبي الساكت عن أفعال النظام.

فهذه الثورة التي نشهدها ليست تعبيراً عن روح مصرية أو تونسية ولا هي شكل خاص للتعامل مع الطغاة، بل حدث عالمي يرتقي لمصاف الثورة الفرنسية والثورة البلشفية وربيع الشعوب في ما كان يسمى الكتلة الشرقية.. هذه الثورة ليست تعبيراً عن روح مصرية أو تونسية ولا هي شكل خاص للتعامل مع الطغاة، بل حدث عالمي يرتقي لمصاف الثورة الفرنسية والثورة البلشفية وربيع الشعوب في ما كان يسمى الكتلة الشرقية، إنها ترتقي لمصاف أحداث عالمية تعبر عن روح إنسانية جامحة لا تقبل الظلم والهوان، بل تكسر الأغلال وتستنفر الإرادة متحدية الخوف والقهر ودولة البوليس والمخابرات، لتصل تباعاً لنقطة اللاعودة. وهذا ليس تهويلاً، تأملوا فقط الاستعداد للتضحية من قبل الملايين بحياتهم، لنفهم أن هنالك روحاً خلاقة، مناضلة ومضحية بأغلى القيم الإنسانية من أجل رسم مستقبل جديد.

وكتب الأستاذ طلال سلمان تحت عنوان: (ثورة مصر تفتح باب الغد العربي الجديد)، مقالاً جاء فيه: "في أي حال، فقد تجاوزت الأمة - بفضل الانتفاضة المجيدة في مصر، وطليعتها التونسية - مخاطر الفتنة الكبرى الجديدة التي كان يراد لها أن تشعل الأرض العربية، وان تغرق الأمة بدمائها، عبر تنظيم تصادم مقصود بين مكوناتها، باستخدام الطائفية والمذهبية أسلحة فتاكة في حرب أهلية لا تنتهي، والنصر فيها أفظع من الهزيمة، اذ ستتساقط الدول والكيانات وتغرق الشعوب في بحر من دمائها، بينما يحتفل أرباب الهيمنة الاميركية والاحتلال الإسرائيلي بانتصار تاريخي لم يكن يداني أحلامهم..

وهكذا يتخلص الحلف الجهنمي للشركاء في إطلاق شرارة الفتنة من الأمة العربية جميعاً: من ادعاءات وحدتها التي ستغرق في بحر دمائها، ومن قضية فلسطين عنوان جهادها من أجل التحرر واستعادة قرارها المصادر، ثم من «جماهيرها» التي ان اجتمعت أسهمت في صناعة العالم الجديد، وان تبعثرت واقتتلت أعيدت الى الجاهلية، بينما الدنيا تسير الى غد مبهر لم يكن يخطر في بال الشعراء أو كتاب روايات الخيال العلمي".

 

مستقبل المقاومة

إذا انطلقنا من تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، ومروراً بالحرب على لبنان 2006، ووصولاً إلى الحرب على غزّة 2008ـ2009 فإننا نرى أن معادلة جديدة ترتسم، غير أنّ في المقابل نجد عامل التحاق الكيان الصهيوني سوسيولوجياً بالنظام العربي مما جعل  له خصائص الدولة، ويسري عليه ما يسري على الدولة من سُنن الضعف والمرض والانحلال في مواجهة مقاومة هي عبارة عن جماعة مقاتلة في لبنان ومجتمع مقاتل في غزّة. وكانت له مع القوتين الصاعدتين جولتان سيكون لهما ما بعدهما.

لقد تمكّنت المقاومة من إسقاط مشروع إسرائيل الكبرى. وأضعفت قدرة المؤسسة العسكرية على الردع إلى حدّ كبير. وهذا ما يفسّر، إلى جانب سمات أخرى في الشخصية الصهيونية، السلوك الإجرامي والقتل الجماعي في مواجهة الوريث الفلسطيني في حربه على لبنان وغزة.

.. تقوم جملة من المؤشرات على مستقبل الصراع. فمن جهة تبدو المقاومة أقوى وأكثر تنظيماً وكأنها جعلت الأسوأ وراء ظهرها، ويبدو العدو أكثر قلقاً لما بدأ ينخر كيانه من عوامل الضعف، رغم بقايا من عوامل قوة كانت اجتمعت فيه يوما، ولكنّ الأسوأ بانتظاره، ولسنا نعني الجانب العسكري الذي لم يسعفه في حربيه الأخيرتين، وإنما قَصَدنا إلى معاني القوّة المتمثلة في الأسس التي أقام عليها تجربته والتي لم يتنكر لها حتى في حالات الحرب، بخلاف النظام العربي الذي أبّد القوانين الاستثنائية باسم حرب لم يَخُضْها.

وتشهد القوتان (المقاومة والعدو) تحوّلا متزامنا ومن طبيعة واحدة. فكما لم يعد الكيان الصهيوني قاعدة متقدّمة للإمبريالية، بلُغة الستينيات، وصارت العولمة في خدمة إسرائيل، بلُغة اليوم، أمكن الحديث عن تحول في المقاومة من مقاومة وظيفيّة تخدم مصالح هذا الطرف أو ذاك إلى مقاومة إستراتيجية تقيم معادلة بديعة تنصهر فيها مصلحة الأطرافِ داعمةِ المقاومة بمصلحة الأمّة.

يشير كثير من الخبراء إلى أنّ إسرائيل لا تتحمل حرباً لا يكون نصرها فيها حاسما، وليس لها في الآن نفسه ما يضمن هذا النصر، خاصّة مع اشتداد عود المقاومة وأثرها على النظام العربي ومحيطه الإسلامي والرأي العام الدولي.

ولذلك يبدو من مصلحتها أن تُسيّر الأزمة إلى حين رغم تلويحها بالحرب إرهابا. إنّ أكثر ما يخيفها الديموغرافيا وهذا ما يفسّر هلعها بإقامة سورين عنصريين: الأول مادي حقيقي مزّق أوصال الضفّة وعزل مدينة القدس عنها والثاني قانوني تمثّل في يهودية الدولة المدعوم من قبل فرنسا وأميركا.

هذا الكلام يؤكده قائد عسكري صهيوني إن قصف تل أبيب بالصواريخ قائم في أي سيناريو للحرب القادمة، مشيرا إلى أن الصواريخ ستكون بعدد أكبر من الصواريخ التي أطلقت من العراق في حرب الخليج الأولى (1991)، وأكثر دقة وأشد فتكا. وبحسبه فإن الجاهزية الإسرائيلية لمواجهة هذه الصواريخ ستكون أعلى بكثير.

 وفي حديثه عن التهديدات المتوقعة لمنطقة المركز التي تضم 16 سلطة محلية بينها مدينة تل الربيع المحتلة "تل أبيب" ويعيش فيها نحو مليون ونصف المليون، عرض "العقيد آدم زوسمان" سيناريو الحرب القادمة على رؤساء السلطات المحلية في المنطقة، تضمن عدد الصواريخ المتوقع سقوطها، ومئات المصابين ومئات المباني المدمرة، وذلك بهدف إعداد خطة عملانية لحالات الطوارئ.

وقال إن "كافة المناطق تقع ضمن مجال صواريخ العدو، ولكن القدرة والجاهزية لكافة التنظيمات الإرهابية موجهة نحو غوش دان". وأضاف أنه خلافا للحرب الأخيرة على لبنان في تموز/ يوليو 2006، والحرب العدوانية على قطاع غزة في كانوني 2008 و 2009، فإن هناك كميات أكبر من الصواريخ والأشد فتكا.

وقال أيضا إن تل أبيب ستكون أكثر مدينة معرضة للقصف الصاروخي، وأن ذلك ربما لن يحصل في اليوم الأول من الحرب، إلا أن القرار يعود لـ"العدو"، وهو يملك القدرة على ذلك. على حد تعبيره.

 

الواقع والتوقعات

يتوقع البعض أن تنعكس حالة الثورة التي انطلقت في تونس ومصر على العديد من الدول في المنطقة العربية. ويمكن أن ينال الفلسطينيون جانباً منها.

فقد ذكرت مجلة التايم الأميركية أن "الضفة الغربية تبدو في بعض النواحي مهيأة لثورة شعبها، فالفلسطينيون هم أفضل الشعوب العربية من حيث التعليم، خاصة مع وجود كثير منهم يعيشون في الشتات في أوروبا وأماكن أخرى"، مشيرةً إلى أن حركة حماس نجحت في طرد المجموعات التي كانت تثير الفوضى في قطاع غزة.

ونقلت المجلة في عددها الصادر الاثنين (7-2) عن أحد السياسيين بجامعة القدس في الضفة اعتقاده أن سلطة عباس، بسبب الأحداث في مصر وتونس واحتمال تمددها، ستتأثر سلباً من حيث كونها ستفقد مصداقيتها إلى حد ما لتحالفها مع النظام الصهيوني؛ ولأنها تنتمي إلى المعسكر نفسه الذي يسمى معسكر الدول المعتدلة.

وأكدت مجلة التايم أن سلطة فتح التي يتزعمها محمود عباس تشعر بقلق بالغ من تطورات الأوضاع في مصر، منوهةً إلى أن الضفة التي تسيطر عليها مهيأة في بعض الأحيان لثورة شعبية.

ودللت على قولها بقيام أجهزة فتح في الضفة الغربية بتفريق ثلاثة حشود اجتمعت لتأييد المتظاهرين في مصر وتونس، وكان آخرها حشد صغير تم تنظيمه عبر الفيس بوك بالقرب من الميدان الرئيسي في ميدان رام الله، وفي اليوم التالي حذرت شرطة عباس على لسان الضميري من تجمعات غير مرخصة من شأنها أن تثير الفوضى.

وتنقل المجلة عن إحدى الفلسطينيات التي شاركت في هذه التجمعات، قولها إن قيادة سلطة عباس تشعر بقلق، مما سيحدث لها إذا ما قرر الشعب الفلسطيني أنها قيادة مريضة وسئم من هذا الموقف، بحسب ما نقلت التايم.

غير بعيد عن هذا، أكد زياد نخالة نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أن السلطة الفلسطينية لا تمثل الشعب الفلسطيني بأي حال من الأحوال، وطالبها بالرحيل بعد أن فقدت شرعيتها.

وأوضح النخالة تعقيباً على الوثائق التي كشفتها قناة الجزيرة الفضائية، أن السلطة تتآمر على شعبنا، وتتعامل معه وقضيته كقوة أمنية تعمل لدى العدو الصهيوني.

واعتبر النخالة، أن السلطة كَسَرت الإجماع الوطني الفلسطيني الذي كانت تمثله منظمة التحرير عندما تنازلت عن الحقوق التاريخية، وأن اليوم لا يوجد إجماع وطني فلسطيني حيث كُسر بالتنازل عن فلسطين ومازالت السلطة متشبثة بوظيفتها وبدورها لتخدم الاحتلال وخاصة أنها قائمة على موازنات الاحتلال ومساعداته وكذلك الأوروبية-  الأميركية.

وأكد النخالة، على حق الشعب الفلسطيني أن يسأل لماذا تقدم الولايات المتحدة وأوروبا أكثر من مليار دولار ونصف المليار كموازنة للسلطة؟، مبيناً أن هذه الموازنات والدعم تقدم كأجرة لما تقوم به من دور وظيفي تخدم فيه المشروع الصهيوني من استيطان وترسيخ وجود الكيان، وذلك بإضفاء الشرعية الفلسطينية لتقول إن هذه التنازلات لها صفة فلسطينية.

وجدد تأكيده، أن السلطة كانت ومازالت تمثل المشروع الآخر ولا تمثل الشعب الفلسطيني، وعليها أن ترحل فقد فقدت شرعيتها، وتترك قيادة الشعب الفلسطيني لمن يستحق، وأن على أبناء الشعب الفلسطيني بمن فيهم أبناء فتح الذين حملوا السلاح لتحرير فلسطين أن يقفوا في وجه السلطة التي تتنازل عن حقوقهم التاريخية يوما بعد يوم.

أما بالنسبة لأفق انهاء حالة الانقسام الفلسطيني، فقد قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) خالد مشعل انه لا يوجد أفق منظور للخروج من حالة الانقسام الفلسطيني.

واضاف "اذا جلسنا مع بعضنا البعض نستطيع ان نحل مشاكلنا وخاصة اذا وجدت النوايا السليمة ونحن نرى انه من دون استعداد الطرفين لانجاز المصالحة على اسس وطنية محضة لن تتحقق المصالحة".

واعرب مشعل عن اسفه لوصول حوار المصالحة الى طريق مسدود بعد ان تم في بادىء الامر في دمشق الاتفاق على كافة النقاط التي كانت محل خلاف بين حماس وفتح.

واوضح انه "تم الاتفاق على أن تتشكل لجنة الانتخابات بالتوافق وأن تتشكل المحكمة التي تبت في نتائج الانتخابات بالتوافق وكذلك حول الاطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية وضرورة اعطائها مهام غير قابلة للتعطيل والتي اكتشفنا فيما بعد انها حذفت من الورقة المصرية بعد ان كانت موجودة في المسودات".

واشار الى انه تم كذلك الاتفاق على اعادة بناء وهيكلة الاجهزة الامنية وتشكيل لجنة امنية عليا تضع سياسات امنية تشرف على قطاع غزة والضفة شريطة ان تتشكل بالتوافق وتكون مسؤولياتها على الضفة والقطاع .

وقال ان كل النقاط التي تم الاتفاق عليها اصلا هي موجودة في الورقة المصرية وتم الاتفاق عليها في زمن قصير دون اي عناء.

وفي خطوة اعتبرتاها حركتا حماس والجهاد بأنها تزيد حالة الانقسام الحاصل، حددت حكومة تصريف الأعمال في الضفة الغربية برئاسة سلام فياض التاسع من تموز/ يوليو موعداً لإجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

 وأعلنت حركة حماس رفضها إجراء أي انتخابات في 9 يوليو/تموز، مشددة على أنها لا تعترف بهذه الانتخابات ولا بنتائجها وستعتبرها كأنها لم تكن.

وقالت حماس "لن نجري هذه الانتخابات في غزة في ظل الانقسام، والانتخابات التي ستجري ستكون فاقدة للشرعية لأنها تجري في ظل رئيس فاقد الشرعية منذ أكثر من سنتين".

ورفضت حركة الجهاد الإسلامي على لسان مصدر مسؤول فيها اجراء الانتخابات، سيما وأنه صادر عن جهة لا تملك حق اتخاذ هكذا قرارات كونها لا تمثل الشعب الفلسطيني.

ورأت الجهاد أن "الدعوة للانتخابات وإجرائها سيزيد من واقع الأزمة القائمة، كونها تأتي خارج إطار التوافق الوطني، وعليه فإن السلطة تتحمل مسؤولية تأزيم الساحة الفلسطينية".

وشددت الحركة على أن أي انتخابات لا تشكل مخرجاً من الأزمة الراهنة، خاصة وأنها تأتي في ظل واقع الانقسام وعدم التوصل لاتفاق يُنهي حقبته المريرة.

وأكدت الحركة أن محاولات إسباغ اتخاذ القرار بأوصاف عديدة منها نعته بأنه "استحقاق ديمقراطي"، هو تغليف تضليلي للصورة السوداوية التي تعكسها ممارسات السلطة وأجهزتها في الساحة الفلسطينية.

وفي تقرير مهم نُشر في "المركز الفلسطيني للإعلام" من رام الله تحت عنوان (المستقبل السياسي الفلسطيني بين المد المقاوم والجزر المساوم)، جاء فيه: "ضربتان شديدتان تلقتهما سلطة رام الله في الأسابيع القليلة الماضية، كانت لهما الأثر البالغ في تعجيل وفاة النهج التفاوضي الاستسلامي الذي يقود جبهته عباس.

تمثلت الأولى بالكم الهائل من وثائق خفايا المفاوضات التي كشفتها قناة الجزيرة الفضائية.. وكشفت ما حاول فريق السلطة المفاوض إبقاءه طي الكتمان سنين طويلة، تلك الوثائق التي أظهرت فقدان سلطة عباس لمصداقيتها منذ تلك السنين، ومشاركتها بالتواطؤ في المماطلة تارة وبمحاولة الانتحار السياسي تارة أخرى في تقرير مصير القضية الفلسطينية التي غدت أقدم مشكلة سياسية يعرفها العالم.

الضربة الموجعة الأخرى كانت أكثر ألماً من سابقتها، فتساقط الأنظمة المظلة لنهج سلطة عباس ابتداءً بنظام بن علي، ومروراً بمبارك وليس انتهاء بمن سيأتي بعده، يضع مستقبل السلطة السياسي على المحك، ما سيجردها مع توالي تلك الانهيارات من الحامي العربي لنهج التسوية وسيقلب المصالح السياسية العربية رأساً على عقب.

ويبقى باب المستقبل أمام سلطة عباس- فياض يؤدي إلى طريقين لا ثالث لهما، خيره لهم وللشعب الفلسطيني كافة بأن يعلنوا معترفين بكل وضوح عن خطيئة التفريط بالثوابت الفلسطينية وخذلانهم لشعبهم وأمتهم مما سيؤدي إلى نهاية مشروعهم نهاية صامتة تبقي المواطن الفلسطيني ناقماً على تخاذلهم التاريخي، صامتاً أمام اعتذارهم العلني، مصراً على محاكمتهم محاكمة المجرم المعترف بما اقترف.

الطريق الأخرى التي إن قررت السلطة السير فيه، والمتمثل في المكابرة والعناد والاستمرار في التغابي على الشعب الفلسطيني، فسيكون له بكل تأكيد ما لا يحمد عقباه من تكرار للتجربتين التونسية والمصرية اللّتين تتهيأ أجواؤهما في تسارع مطرد بمدن الضفة المحتلة، ختم التقرير.

في الختام، من غير الممكن فصل ما يجري في العالم العربي عما يحدث في فلسطين التي يرتبط مصيرها بمصير الأمة كلها. والتي يبدو أن أحجار "الدومينو" قد بدأت بالتهاوي فعلاً..