خبر زكريا محمد يكتب : شعار خاطئ أدى إلى تعميق الانقسام..

الساعة 07:56 ص|15 مارس 2011

زكريا محمد يكتب : شعار خاطئ أدى إلى تعميق الانقسام..

النوايا الطيبة لا تنفع في السياسة.

 لا تنفع أبدا.

كان شعار إنهاء الانقسام نية طيبة بكل تأكيد.

 لكن إلى أين انتهى بنا هذا الشعار الطيب؟ إلى تعميق الشكوك بين الطرفين اللذين أردنا إنهاء انشقاقهما. فسلطة رام الله وأجهزتها أمسكت بهذا الشعار الطيب، وأرادت به إثارة الاضطراب عند سلطة غزة. سلطة غزة أدركت ذلك وفهمته، وبدأت تتصرف على أساسه. وهكذا وصلنا إلى (تعميق الانقسام) تحت شعار (الشعب يريد إنهاء الانقسام). ذلك أن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي.

 

 لم يكن من المناسب أن يكون شعار (الشعب يريد إنهاء الانقسام) شعارنا، رغم أن هدف إنهاء الانقسام هو هدفنا بكل تأكيد. فحتى نصل إلى إنهاء الانقسام كان يجب أن نشن هجومنا على السياسات السائدة، سياسات (الحياة مفاوضات). إضعاف هذه السياسات وكسرها كان هو الذي سيفتح الطريق نحو إنهاء الانقسام. أما الشعارات الطيبة فقد وترت الأجواء بدل أن تهدئها.

 

 كانت هذه قناعتي منذ البدء. لكنني في لحظة ما، وقد دفعني الحماس، قلت: دع الشباب ينزلون الآن، وهم سيتوصلون في النهاية إلى الشعارات الأسلم والأصح. لكنني كنت مخطئا. إذ جرى إحباط تحرك شعبي مبشر حتى قبل أن يتم عن طريق شعار خاطئ. تذكروا الأيام الأولى بعد سقوط مبارك. كان الانقساميون مرعوبين تماما، لكنهم الآن قادرون على التغطي بشعار إنهاء الانقسام من أجل غزوة لتعميق الانقسام. لقد نجحوا حقا!  

 

الكل ضد إنها الانقسام حسب ما يعلنون: فتح وحماس ومبارك المخلوع والشياطين والقرود. بالتالي، فلن يقف أحد مباشرة ليعترض على الشعار. إنه شعار لا يؤذي أحدا. شعار محايد ليست له أشواك. يمكن لكل واحد أن يمسكه وأن يلعب به لعبته التي يريد، من دون أن تخزه الأشواك. وقد ثبت أن أناسا في سلطة رام الله تمكنوا بالفعل من تحويله إلى شعار لتعميق الانقسام، أي إلى عكس ما نريد تماما.

 

 أظن أن في ما حدث عبرة هائلة للشباب. فهم منذ الآن سيفهمون أن النوايا الطيبة في السياسة لا تنفع، وأن عليك إذا أردت هزيمة سياسة خطرة يقودها أناس مخضرمون دهاة أن تكون داهية مثلهم.

 

 في واحد من البيانات المنسوب لحركة 15 آذار جاء أن الانقسام تحول إلى أيديولوجيا. إذا كان الأمر كذلك فالأيديولوجيا تواجه بأيديولوجيا معاكسة. أي أن أيديولوجيا الانقسام تواجه بأيديولوجيا إنهاء الانقسام. وهذا في الواقع ما حصل. تحول شعار إنهاء الانقسام إلى فكرة أيديولوجية طيبة تكبلنا، وتمنعنا من الحصول على الدهاء اللازم لمواجهة دهاة المفاوضات حياة والانقسام طريق.

 

 إنهاء الانقسام يمر عبر إنهاء السياسات التي سيطرت خلال السنوات الست الماضية. تحطيم هذه السياسات، وإيجاد سياسة بديلة، هو الذي ينهي الانقسام.