خبر بعد فلسطين.. تركيا تتبنى مواقف مشرفة من الثورات العربية

الساعة 01:27 م|11 مارس 2011

بعد فلسطين.. تركيا تتبنى مواقف مشرفة من الثورات العربية

كتب إسلام حلايقه

تزداد المواقف التركية المنحازة للمصالح العربية والإسلامية تجليا ووضوحا، كلما جد جديد في الساحة العربية، فتركيا التي ارتمت لعقود عديدة، وأزمنة مديدة في أحضان الغرب، وعكفت طويلا على حماية مصالحه وتنفيذ خططه في الشرق الأوسط والبلاد العربية، تتبنى هذه البلاد اليوم مواقف مغايرة لما كانت عليه من قبل، وقد بدأت تتضح ملامح هذه المواقف منذ تسلم حزب العدالة والتنمية "الإسلامي" لمقاليد الحكم في البلاد أواخر عام 2002، مواقف أقل ما يقال أن تركيا من خلالها تسعى جديا للوقوف في مكانها النموذجي الصحيح، وتواقة لاستعادة تاريخها المجيد ودورها الفاعل في البلاد العربية التي كانت قبل ثمانية عقود، جزءا لا يتجزأ من الدولة العثمانية الموحدة. وأن جدران الجفاء والقطيعة التي استمرت بين الطرفين العربي والتركي بدأت تتآكل منذ بداية الألفية الثالثة.

 

فتركيا صاحبة الاقتصاد الأول في الشرق الأوسط، والسادس عشر عالميا، تشهد تحولات متسارعة شبه راديكالية في سياساتها الخارجية، تمثلت في انفتاحها وتقاربها مع العالم العربي، ومحاولاتها لعب دور فعال في أزماته وقضاياه المعقدة، ولا سيما في السنوات الثلاث الأخيرة، خصوصا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة أواخر عام 2008، وما أعقبه من انتقاد لاذع من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" أثناء مؤتمر "دافوس" الإقتصادي.

 

واستمر التبني التركي لقضية غزة – قضية العرب الأولى - بعد ذلك بوتيرة متصاعدة، لتُسيِّر تركيا قافلة مساعدات بحرية ضخمة بهدف كسر الحصار الجائر عن قطاع غزة، وهي قافلة أسطول الحرية، مقدمة أرواح سبعة من مواطنيها رخيصة في سبيل حرية غزة، ومغيرة في سياساتها وعلاقاتها مع إسرائيل، والتي كانت بعد الحلف العسكري الذي وقع عام 1996 من أقوى العلاقات والأحلاف في الشرق الأوسط.

 

     ولم تكن تركيا غائبة عما يجري في الساحة العربية من اضطرابات وقلاقل، أدت في بعضها الى انهيار أنظمة وولادة أخرى، فتجاوزت تركيا مواقف الدول الغربية المثخنة بالنفاق السياسي، وبدت خطابات أنقرة - التي ترى في نفسها أنها الأقرب لمصر والعالم العربي من الغرب - متقدمة على الخطاب الغربي بانحيازها للشعب المصري، وإعرابها عن ضرورة التغيير، ودعوتها لمبارك مباشرة بالاستجابة لمطالب الشعب، التي تلخصت وقتها بضرورة تنحي مبارك وإسقاط نظامه، حيث قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في أحد خطاباته:

 

     "أقول للرئيس مبارك بشكل أخوي أننا بشر، وإننا إلى زوال،.. استمع لصيحات الشعب ومطالبه التي تمس صميم الحق الإنساني، استجب لمطالب الشعب بالحرية دون تردد"، وأضاف "أن حل المشاكل السياسية هو صندوق الاقتراع، مؤكدا أن الانتخابات المعروفة نتائجها مسبقا لا تسمى انتخابات". وقد أجّل أردوغان زيارة كان سيقوم بها لمصر يومي 8 و9 فبراير/شباط2011, بسبب الوضع "الراهن" وقتها. وأشار أنه سيزور مصر عندما يستقر الوضع، معربا عن وقوف تركيا إلى جانب مصر وتونس. وهذا موقف رفضه وزير خارجية "مبارك" واعتبره تدخل في شؤون الغير.

الأمر ذاته تقريبا قاله الرئيس التركي إثر زيارة له لإيران بعيد نجاح ثورة مصر بأيام قليلة، عندما قال أن العالم الإسلامي يشهد تغيرات أساسية وتركيا تؤيد مطالب الشعوب وتدعمها.

 

وعلى الصعيد الليبي، فقد وقفت تركيا موقفا مشرفا آخر أدى إلى تردد الدول الغربي في لجوئها إلى الخيار العسكري ضد ليبيا، ففي الوقت الذي تعالت أصوات البعض، مطالبين باستخدام الخيار العسكري ضد ليبيا ورافق ذلك تحرك بعض القطع البحرية الغربية إلى محاذاة السواحل الليبية، قال أردوغان أن أي تدخل عسكري في ليبيا يشكل خطرا كبيرا وسيؤدي إلى ردود أفعال متفاوتة. وأن تركيا – وهي أحد أعضاء حلف الناتو- تعارض هذا الخيار.

 

وفي خطاب آخر له انتقد السياسات الغربية التي تتعامل مع الموقف مع ليبيا من منطلق مصالحها الخاصة فقط في ما تحتويه البلاد من ثروات ونفط، وأشار إلى أن تركيا لا تتعامل من هذا المنطلق، وإنما من باب دعمها للحريات والديمقراطية لكافة الشعوب ومختلف البلدان.

 

 ومن هنا يشير محللون إلى أن تركيا تسعى بجد للعب دور إقليمي بارز في الساحة العربية والإقليمية، وأن الأخيرة عائدة بقوة إلى الساحة العربية، وتسعى باستمرار للتقارب مع العالم العربي وتعزيز علاقاتها مع دوله وشعوبه، على غرار ما كانت أمها "الدولة العثمانية"