خبر على ماذا يُحاربون؟ -هآرتس

الساعة 09:29 ص|09 مارس 2011

على ماذا يُحاربون؟ -هآرتس

بقلم: أمير أورن

(المضمون: قد يُصادم الجيش الاسرائيلي في الضفة الفلسطينيين قُبيل اعلان الدولة الفلسطينية في ايلول في الامم المتحدة. يجب إتقاء هذا الصدام قدر المستطاع لانه في غير مصلحة اسرائيل والخروج بمبادرة سياسية تمنعه - المصدر).

        العقيد أورن أفمان هو قائد أكبر لواء في الجيش الاسرائيلي وهو لواء "كفير" التابع لمنطقة المركز – فيه آلاف كثيرة من الجنود، أكثر من سلاح البحرية كله، في ست كتائب. احداها "حرّوف" أو "دوخيبات"، ستصبح في السنة القريبة كتيبة دورية، مع تطوير مكانة "كفير" الى لواء مشاة ممتاز.

        قبل ان يحدث هذا قد تجد كتائب "كفير" وقوات اخرى نفسها في مواجهة صعبة مع الفلسطينيين في الضفة، في كل لحظة ولا سيما في نهاية آب أو بداية ايلول. وخلفية ذلك انه يسبق المباحثات في الامم المتحدة في انشاء دولة فلسطينية بتأييد دولي واسع. ستُدفع اسرائيل الى الدفاع في جبهتين – الجبهة السياسية في نيويورك، والأمنية من شمالي السامرة مرورا بالقدس الى جنوب يهودا.

        لا يوجد على السطح علامة واضحة على التصادم الذي أخذ يقترب. يسود هدوء مضلل ينبع من نجاح الجيش الاسرائيلي و"الشباك" في احباط العمليات ومن نشاط جاد لاجهزة أمن السلطة. بيد أن عدم وجود العلامات الشاهدة لا يمكن أن يدل على ما لن يحدث. إن التطورات ليست متتابعة في خط؛ فهي أشبه بشد نابض ينتهي الى أن يتحرر بمرة واحدة.

        في الاسبوع الماضي خرج أفمان وقائد كتيبة "دوخيبات" من اللواء من قاعدة الكتيبة في بيت ايل لعمل مراقبة على مفترق يهودا والسامرة في الجوار. كان قائد الكتيبة راز شريغ في "دوخيبات" قبل عقد ايضا، إذ كان قائدا شابا ويتذكر جيدا التحول السريع في يوم نشوب أحداث الشغب في المناطق. ففي وقت ما في الصباح، سافر في هدوء مع سيارات فلسطينية في المفترق؛ وفي لحظة اخرى في الظهر توقى هناك مع جنوده رصاص القناصة الذين اختبأوا بين مئات المتظاهرين؛ وفي لحظة ثالثة استُصرخ الى المكان تعزيز مدرعات سُمي التل الصخري بسببه "تل الدبابة".

        يعلم شريغ كم يمكن ان يكون الانتقال من جو النمو الاقتصادي ووقف اطلاق النار الى التصادم العنيف حادا وفوريا؛ وسبق أفمان وتعلم هذه العبرة في لبنان، حيث كان آخر قائد للبوفور. برغم الاعداد لاجلاء الجيش الاسرائيلي عن المنطقة الأمنية بل ومن اجل تحديد أجل معلن لاتمامه، كان الانهيار مفاجئا، في سلسلة الأحداث التي بدأت بمسيرة شعبية أفضت الى انهيار جيش لبنان الجنوبي واستغلال حزب الله للانجاز.

        إن محمود عباس وسلام فياض، واذا لم يكونا هما فالشبان المجهولين (الى هذا الوقت) في الميدان الذين سيدفعون التمرد الى الأمام ويقودون التحدي القادم لاسرائيل، سيُغريهم أكثر أن يسلكوا هذا السلوك بعد نصف سنة. فهذه روح العصر وروح المنطقة، وفي عملية تؤلف بين النار والمناورة سيكون هذا هو الاجراء المستعمِل للقوة الذي سيساعد على العصف السياسي في الامم المتحدة حتى بغير اطلاق رصاصة واحدة من قبلهم: تكفي مظاهرات شعبية ومسيرات جماعية وتحرشات آلاف وعشرات الآلاف إزاء عدسات تصوير العالم. ولن يخافوا وهم متشجعون بنموذج الدول العربية في الاشهر الاخيرة من المساس بالعطف العالمي عليهم. فهذا على أجنحة غولدستون و"مرمرة" سيكبر  ويمنع الجيش الاسرائيلي من استعمال سلاحه في نجوع. وبهذا سيتحقق الحلم العربي القديم وهو الاستعانة بالتدخل الاجنبي للمضاءلة من تفوق اسرائيل العسكري.

        هزم الجيش الاسرائيلي الارهاب الفلسطيني لكنه مرت منذ ذلك الحين خمس سنين أو ست وترعرع شبان لم يُجربوا على جلودهم عملية "السور الواقي" ومشتقاتها. وقد ضعف أثر القوة. في فترة مشابهة انتقلت مصر من هزيمة الايام الستة الى مبادرة يوم الغفران.

        مع خروج الفلسطينيين ليفرضوا على اسرائيل اعترافا بدولة اتفق العالم بل أكثر الاسرائيليين على حدودها، فلأي هدف ستُرسل الحكومة الجيش لمحاربتهم؟ من اجل ماذا ولماذا سيُلقى على الجيش الاسرائيلي أمر الصد بثمن دامٍ من بنيامين نتنياهو واهود باراك ونظرائهما، وبينهم من يدعون بأنفسهم الى انشاء دولة كهذه إن لم يكن بهذه الوسائل ايضا؟ كيف سيتم تعليل الأوامر العسكرية بالقتل ومهام تقول انه يحسن الموت من اجل ارضنا لكن لا من اجل دولتنا؟ هل بالخوف من المستوطنين والجناح اليميني من الليكود؟.

        إن ما جربه في سنة 2000 العقيد أفمان في لبنان والمقدم شريغ في الضفة استوعبه هناك وهناك ايضا قائدهما بيني غانتس الذي اختبر أمس بزيارة مفاجئة قاعدة تدريب "كفير". فوق رئيس الاركان غانتس حكومة ضلّت الطريق. ومن تحته – جيش يُعرض لخطر ازمة ثقة شديدة. من واجبه أن ينذر الآن وبشدة من معركة لا حاجة اليها فاشلة، من الضروري منعها بمبادرة سياسية.