خبر تحرير في فلسطين -هآرتس

الساعة 10:16 ص|08 مارس 2011

تحرير في فلسطين -هآرتس

بقلم: د. مناحيم كلاين

يُدرس العلوم السياسية في جامعة بار ايلان

(المضمون: الاوضاع في الاراضي المحتلة الفلسطينية تنبيء بقرب انتفاضة تشبه الانتفاضات التي حدثت في مصر وتونس وغيرها من البلدان العربية بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها الشبان الفلسطينيون بسبب الاحتلال وقيوده - المصدر).

        اذا كان جنوب السودان وشرق تيمور قد حظيا بالاستقلال قبل الفلسطينيين فان شيئا مهما جدا قد اختل. لانه كيف يمكن مقارنة مكانة هاتين المنطقتين بمكانة فلسطين الدينية والدولية. هذا ما يفكر فيه بيقين كل فلسطيني يجري حساب الربح والخسارة الشخصي والوطني له منذ كان اتفاق اوسلو.

        كذلك تسبب الانتفاضات على الرؤساء المتسلطين والملوك والسلاطين في مصر وشمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية عدم ارتياح للفلسطينيين: فكيف حدث ان توصل الشعب هناك الى هذه الانجازات في مواجهة سلطة القمع، أما هنا فاننا عالقون مع الاحتلال الاسرائيلي الذي يُملي على محمود عباس ماذا يفعل وماذا لا يفعل.

        ما هي الاستنتاجات التي يستطيع الفلسطينيون استنتاجها من الرجة التي تصيب العالم العربي؟ أن الخلاص لن يأتي من الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة لا تؤيد أبو مازن برغم التنازلات الكثيرة التي قام بها. وقد كشفت وثائق "الجزيرة" كم كان مستعدا لابعاد السير في التفاوض مع اسرائيل لكنه لم يحظ بأي مساعدة من واشنطن. وكأن هذا ليس كافيا – فقد فرضت الولايات المتحدة قرار نقض لا لبس فيه للتنديد بالمستوطنات في مجلس الامن. وكل ذلك برغم حقيقة انه في الماضي – بعد أن أطعمها بنيامين نتنياهو المرار ووسع المستوطنات في القدس والضفة الغربية (الامر الذي أنهى المسيرة السياسية) – هاجمتها بكلمات شديدة.

        تعلمنا أحداث الاسابيع الاخيرة ان ليست التنازلات السياسية هي التي تفضي الى تأييد امريكي، بل الانتفاضة غير العنيفة للمواطنين. في الماضي عارض عباس بشدة الاقتراحات التي أُثيرت في دوائر مختلفة لتنظيم انتفاضة شعبية غير عنيفة.

        عملت قيادة السلطة الفلسطينية والقدماء من فتح في تقييد واحتواء المظاهرات الاسبوعية في بلعين وقرى اخرى. لم يخافوا فقط من صعود منافسين سياسيين بل خافوا ايضا من التحول الى مواجهة عنيفة لا تسبب سوى الضرر للفلسطينيين كما حدث فعلا في الانتفاضة الثانية. إن نسب القوة في المواجهة العنيفة هي لمصلحة اسرائيل ولها مصلحة في الحث على التحول الى العنف لاخضاع الفلسطينيين.

        الوضع الآن مختلف. فالنموذج الناجح الذي أقامه المنتفضون غير العنيفين في أنحاء العالم العربي وانضباطهم الذاتي يستطيعان تعليم الفلسطينيين انهم بهذا يتوصلون الى انجازات تاريخية. اذا استعملت اسرائيل العنف لقمع المظاهرات الفلسطينية فستبدو كأنها ذات صلة بالقذافي وبأحمدي نجاد.

        عدم الارتياح في الشارع الفلسطيني كبير. واليأس من المسيرة السياسية ومن اسرائيل ومن الولايات المتحدة يشمل دوائر واسعة. وفي المجتمع الفلسطيني ايضا بنية تحتية تكنولوجية حركت في اماكن اخرى المظاهرات الجماهيرية – فثمة شبكة اتصالات انترنت وهواتف محمولة وصحون أقمار صناعية. والحافز الجيلي الذي عمل في مصر موجود ايضا فالمجتمع الفلسطيني مجتمع شبان أفقهم مسدود بسبب الاحتلال. إن الانتفاضة الثانية ويد اسرائيل الشديدة صاغتا العقد الثاني من حياة أبناء العشرين على التقريب ولقاءهم الاول مع السياسة. إن المستوطنات والجنود والحواجز والقيود تجربة يومية عندهم منذ وعوا على الحياة. وكل ما بقي هو الشرارة التي تشعل المسيرة. أصبحت الكتابة على الجدار.