خبر مستقبل « إسرائيل » بعد نجاح الثورات العربية ..د. محمد مورو

الساعة 04:16 م|07 مارس 2011

مستقبل "إسرائيل" بعد نجاح الثورات العربية  ..د. محمد مورو

 

لا شكَّ أن ما يحدث في المنطقة يُؤثِّر بالضرورة على إسرائيل؛ ذلك أنّ الكيان الصهيوني، شكلًا وموضوعًا، كيان هشّ ضعيف من ناحية الجغرافيا والتاريخ والثقافة، في منطقة هي الأعمق ثقافيًا وحضاريًا بلا حدود، والأكثر كثافة سكانية مقارنة بالكيان الصهيوني، ومن ثَمّ فإن قوة إسرائيل لا تُستمد إلا من ضعف العرب، وخاصة دول المواجهة. وهكذا فإن تغييرًا إيجابيًا في اتجاه الحرية والعدالة في دول المنطقة سيؤثر تأثيرًا سلبيًا واضحًا على الكيان الصهيوني، ومن هنا نفهم لماذا كان نتنياهو منزعجًا أشدّ الانزعاج من تدهور نظام حسني مبارك، ولماذا دفع بكل قوته في اتجاه محاولة تثبيته، ولماذا ضغط على الولايات المتحدة والغرب في هذا الاتجاه.

 

وبداية فإنّ إسرائيل تعتمد في دعايتها لدى الشعوب الغربية على أنّها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فإذا أصبح هذا الأمر غير حقيقي، بمعنى وجود أنظمة ديمقراطية ودول تخدم حقوق الإنسان في تلك المنطقة، فإنّ إسرائيل ستفقد هذه الميزة الدعائية فورًا، ومن ثم تصبح حكومات الغرب وأمريكا أقل قدرة على دعم إسرائيل، خاصة مع انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان الفلسطيني.

 

وكذلك فإن قيام أنظمة لا تقمع شعوبها في المنطقة يعني مزيدًا من مشاركة جماهير تلك البلد في الحياة السياسية والانخراط في مناهضة إسرائيل بالتالي، وكلها أمور سلبية بالنسبة لإسرائيل.

 

وعلينا أن نتصور مثلًا أنه تمت الدعوة على الفيس بوك مثلًا لمظاهرات مليونية سلمية على حدود إسرائيل في مصر والأردن وسوريا ولبنان، يشارك فيها الفلسطينيون من كل أنحاء العالم المشتتين فيه، ويشارك فيها العرب والمسلمون وأحرار العالم، ويطلبون الدخول إلى قلب فلسطين للتواصل مع أهلهم هناك، فهل تستطيع إسرائيل مثلًا أن تقتل هذه الملايين غير المسلحة والسلمية؟ أم أنها سوف تغرق في هذا الخضَمّ البشري الهائل؟!!.

 

على جانب آخر فإن تفسير الموقف الأمريكي والغربي الذي بدأ بتأييد حسني مبارك ثم انتهى إلى رفع الغطاء عنه، أنه كان يعتبر حسني مبارك من أهم الشخصيات التي ساعدت الغرب وأمريكا وإسرائيل، ولكن التمسك به للنهاية في مواجهة شعبه لن يحول دون سقوطه، ولكن سيدفع الثورة في الاتجاه المعادي لأمريكا وإسرائيل، فبدلًا من أن تكون ثورة حريات وثورة وطنية أو قومية أو إسلامية، فسيكون هناك قيام لنظام يعادي الغرب وأمريكا وإسرائيل، ومن ثم كان من الضروري تغيير المواقف بسرعة، في اتجاه رفع الغطاء عن حسني مبارك، مع محاولة التمسك بنظامه ذاته وتوجهات هذا النظام ذاته، أو في أقل الأحوال الاعتراف بالأمر الواقع، ومحاولة منع هذا الواقع من الوصول إلى نقطة العداء للغرب وأمريكا وإسرائيل.

 

وفي الحقيقة فإن الثورة المضادة المتمثلة في بقايا النظام السابق وأجهزته، تجد دعمًا قويًا من أمريكا والغرب وإسرائيل، ليس لإعادة النظام المخلوع والمنهار، فهذا مستحيل، ولكن لمحاولة منع الثورة من الوصول إلى نهاياتها الطبيعية في التعبير عن الوجدان المصري الحقيقي، وهو وجدان عروبي وإسلامي حتى النخاع.

 

ومن الغريب أن بقايا النظام السابق يتصورون أن الدعم الأمريكي والغربي لهم، هو مجرد حب ووفاء للنظام الذي خدم الغرب وأمريكا طويلًا، وأن هذا الدعم كفيل في النهاية بتطويق الثورة، ومن ثم إجهاضها، وعودة النظام إلى السلطة، وهذا أمر مستحيل طبعًا، ومن ثم فإن بقايا النظام حين يتصورون ذلك، إنما يعبِّرون عن غباء تقليدي معروف لديهم، والحقيقة أن الغرب وأمريكا تستخدمهم لمنع الثورة من الوصول إلى نهاياتها الطبيعية، ثم تقدم بقايا النظام ككبش فداء جديد بعد أن يؤدي المهمة، وهكذا فإن بقايا النظام ليسوا إلا مجرد أداة في لعبة قد خرجوا منها بالفعل، وليس لهم إلا مزبلة التاريخ ولعنة الشعوب، بل وكذلك تبرُّؤ أمريكا والغرب منهم عند اللزوم.