خبر مكافحة الديمقراطية والبقاء على قيد الحياة- يديعوت

الساعة 09:40 ص|07 مارس 2011

مكافحة الديمقراطية والبقاء على قيد الحياة- يديعوت

خطاب الملك

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: نتنياهو يفهم بانه توجد مشكلة. في نظره المشكلة هي اعلامية، وليست جوهرية، وعليه فقد توجه لمعالجتها ليس من خلال تغيير الاستراتيجية بل من خلال الخطاب. قبل أن يبدأ الخطاب سيهدىء الجناح اليميني في ائتلافه: انا اوشك على ان اقدم للفلسطينيين عرضا لا يمكنهم ان يرفضوه، سيقول. الوضع على الارض سيبقى كما هو. ليس لكم ما يدعوكم الى الانفعال - المصدر).

        في تشرين الثاني 2004 نشر نتان شيرانسكي، في حينه وزير الحكومة ورون ديرمر، في حينه هو اليوم المساعد المقرب من بنيامين نتنياهو، كتيبا بالانجليزية تحت عنوان  "الحجة في صالح الديمقراطية". ويمكن شراء الكتاب اليوم في "الامازون" مقابل سنت امريكي واحد، بتجليد قاس، ولكني لم اقصد هنا البحث بهزال دخل كاتبي الكتاب – وهو موضوع هام بحد ذاته – بل بالموقف المركب للسياسة الاسرائيلية من الديمقراطية.   "مثلما في صباي في روسيا"، كتب شيرانسكي، "فان العالم ينقسم الان مرة اخرى الى قسمين، بين اولئك الذين هم مستعدون لان يكافحوا ضد الشر وبين اولئك الذين هم مستعدون لان يتصالحوا معه... في عالم القمع، فان التحدي الاول هو الصدام مع الشر. في العالم الحر التحدي الاول هو ايجاد الوضوح الاخلاقي لتشخيص الشر". الاستنتاج هو أنه لا معنى للتفاوض مع دول غير ديمقراطية. فهي شريرة. ولا حاجة الى انتقاد ما يجري في دول ديمقراطية. فهي خيرة. شيرانسكي وديرمر يسميان هذا التشخيص بـ "الوضوح الاخلاقي".

        لقد تبنى الكتاب بحرارة الرئيس بوش. فقد أعطى التورط الامريكي في العراق تسويغا اخلاقيا. منح – دون أن يقصد ذلك – تسويغا ايضا لانتصار حماس في الانتخابات للبرلمان الفلسطيني، كله باسم الديمقراطية. نتنياهو هو الاخر تبنى الكتاب بحرارة، وان كان لسبب آخر: فقد منح تسويغا اخلاقيا للتخوف الاسرائيلي من المفاوضات على مستقبل المناطق. سوريا والسلطة الفلسطينية على حد سواء لا تجتازان اختبارات الديمقراطية التي وضعها شيرانسكي. يمكن، بصعوبة، الحديث معهما. محظور التنازل.

        كل هذا كان جيد وجميل الى أن خرجت الديمقراطية للاحتفال في ميدان التحرير. فقد شخص نتنياهو الخطر على الفور: الوضع في الشرق الاوسط غير مستقر. الحكومات قد تسقط، ومعها ستسقط التزاماتها الدولية. يمكن، بصعوبة، الحديث معها. محظور التنازل.

        للمخاوف من موجة الثورات الشعبية التي تجتازها الدول العربية، هناك اساس في الواقع. احد لا يعرف الى أين ستتدحرج هذه القصة، فهل، مثلما يأمل الامريكيون، ستنتصر في المعركة على النفس العربية القيم الغربية، الليبرالية، ام ربما سينتصر متزمتو الدين ام الدكتاتورية العسكرية، ام الفوضى. لكل هذه الامكانيات توجد، من ناحية أمن اسرائيل، معان بعيدة الاثر.

        القلق الامني حقيقي، ولكن لا يمكن عدم الملاحظة للمصلحة السياسية التي تعتمل تحته. مع الديمقراطية، بدون الديمقراطية، حكومة اسرائيل تهرب من كل قرار كفيل بان يفككها من الداخل.

        ودلال ايضا يوجد هنا: الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط تريد ان تبقى الدولة الديمقراطية في الشرق الاوسط. لا عيش بدونها. كل محاولة للسير في طريقها ستعتبر من الان فصاعدا تمثيلا، والاسوأ من هذا، مؤامرة لابادة دولة اسرائيل.

        بالتوازي مع الهياج في العالم العربي تتقدم خطة فياض نحو اقامة الدولة الفلسطينية. ظاهرا، السياقان يتعارضان الواحد مع الاخر. اما عمليا فانهما يكملان احدهما الاخر. الغرب يرى في الخطوة الفلسطينية خطوة ايجابية على الطريق لتجسيد قيم التجسد الذاتي والحرية، تماما مثل المظاهرات في القاهرة. بالنسبة للمظاهرات تجده مضطربا: فهو يسمع بقلق اصوات التشجيع التي يتلقاها المتظاهرون من ايران، ناهيك عن تأثيرها على ارتفاع اسعار النفط.

        مقابل ذلك، فان الموقف من فياض قاطع لا لبس فيه: فهو يتحدث انطلاقا من قلب الغرب، انطلاقا من عالم قيمه. حتى انعقاد الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول ستشق الطريق لدعم دولي جارف لاقامة دولة في خطوط 67. الاعلان عن اقامة الدولة من شأنه أن يقود نحو عقوبات ضد اسرائيل.

        نتنياهو يفهم بانه توجد مشكلة. في نظره المشكلة هي اعلامية، وليست جوهرية، وعليه فقد توجه لمعالجتها ليس من خلال تغيير الاستراتيجية بل من خلال الخطاب. قبل أن يبدأ الخطاب سيهدىء الجناح اليميني في ائتلافه: انا اوشك على ان اقدم للفلسطينيين عرضا لا يمكنهم ان يرفضوه، سيقول. الوضع على الارض سيبقى كما هو. ليس لكم ما يدعوكم الى الانفعال.

        هذا ما فعله، الى هذا الحد او ذاك، في خطاب بار ايلان. في هذه الاثناء فقد جزءا كبيرا من قدرته على الاقناع: حتى السحرة يعرفون بان هناك مناورات يفضل الا يقوموا بها مرتين – اما نتنياهو، رغم كل كفاءاته، فبعيد عن أن يكون ساحرا.