خبر البابا معنا: براءة لليهود -إسرائيل اليوم

الساعة 09:13 ص|06 مارس 2011

البابا معنا: براءة لليهود -إسرائيل اليوم

بقلم: آفي بكّار

(المضمون: يجب على اسرائيل أن تتقبل تبرئة البابا بندكت السادس عشر اليهود من تهمة قتل المسيح، قبولا حسنا لان هذا البابا هو السلطة العليا لعالم كبير يبلغ مليار من البشر - المصدر).

        ثمة من سيقولون إن البابا بندكت السادس عشر لم يجدد شيئا بأن رفض كتابه الجديد فرية أن اليهود باعتبارهم شعبا، مذنبون بموت المسيح. وثم من سيقولون أن من المؤسف ان الكنيسة الكاثوليكية انتظرت ألفي سنة لتُبعد مصدر التحريض الذي أفضى الى كراهية عميقة، ومطاردات وقتل لليهود لا يُعد. على كل حال، يصعب ألا نبالغ بمعنى هذا الاجراء. فهذا تغير لاهوتي في التصور العام للمسيحية ولا سيما في التيار الكاثوليكي الذي يبلغ عدد مؤمنيه في أنحاء العالم نحوا من مليار.

        جرى في هذه النقطة اللاهوتية الصراع الكبير حول الفيلم المليء بالعنف للمخرج والممثل ميل غبسون "شعور المسيح". الفيلم الذي تم بثه في 2004 ويستعرض الاثنتي عشرة ساعة الاخيرة للمسيح بحسب نصوص العهد الجديد – أثار ضجيجا. ولا سيما بسبب المشهد الدامي الذي ألقى فيه الكاهن الأكبر اليهودي تهمة صلب المسيح (الذي قتله الحاكم الروماني بيلاطوس مثل آلاف كثيرين آخرين) على اليهود على اختلاف أجيالهم، بل أعلن بقوله: "سيكون دمه علينا وعلى أبنائنا". بحسب العقيدة المسيحية، انتقل تاج "الشعب المختار" في اثناء الساعات الاخيرة للمسيح الى المسيحيين وذلك بسبب رفض اليهود الاعتراف بأن المسيح إبن الله. وافق غبسون، بعد نضال اعلامي مشحون بالاتهامات، في نهاية الامر على مصالحة أبقت الصيغة الحرفية بالآرامية بلا ترجمة، بعد أن زعم انه لا يمكن تغيير نص الكتاب المقدس المسيحي.

        كُتب الكثير عن معنى تمسك غبسون بالنص المعادي لليهود. وقد تبين انه مع أبيه الذي ضُبط ينطق بتعبيرات معادية للسامية وبانكار للمحرقة، أنه عضو في تيار صغير محافظ للكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة تعارض الاصلاحات العقائدية التي تمت في مؤتمر الفاتيكان الثاني في 1965 ومُنح فيه اليهود البراءة.

        إن الصراع على اسم "الشعب المختار" يصحب المسيحية والاسلام منذ فجر أيامهما. وإن زعم أن الله غيّر شعبه المختار بسبب خطاياه وعناده، الى المسيح ومؤمنيه المسيحيين، يقوم في صلب واقع الاعتقاد المسيحي. لهذا نشأ "العهد الجديد" – ليحل محل القديم من جبل سيناء، ولهذا انتقل اسم الشعب المختار الى المسيحية التي حصلت على اسم "اسرائيل الحقيقي" (فيروس اسرائيل).

        تحدث هرتسل في يومياته كيف رفض البابا بيوس العاشر أن يؤيد الفكرة الصهيونية في لقائهما في 1904. فقد رفض البابا الوجود الشرعي لليهودية وعودتها الى صهيون ايضا لانه معارض للعقوبة التي تقررت على اليهود بسبب تنكيلهم بالمسيح. وبسبب هذا التوجه قُضي عليهم ان يكونوا مُبعدين أذلاء بلا وطن.

        من المناسب أن نذكر أن البابا الحالي ايضا صدرت عنه في الماضي عدة تصريحات حاولت ان تؤكد فضل المسيحيين على اليهود أمام الله. قد يكون بندكت السادس عشر، الذي هو في صراع مع العالم الاسلامي بل أثار اضطرابات عندما اقتبس آراء تاريخية تتحدث عن عنف الاسلام، قد يكون معنيا بقصد أن يؤكد الجذور اليهودية للمسيحية وأن يذكر ما تم اخفاؤه مدة مئات السنين وهو ان المسيح وكل من حوله كانوا يهودا. إن منح البابا اليهود البراءة حتى وإن لم يكن الحديث عن ايام المسيح، وباعتبار البابا ذا سلطة عليا، يشير الى تحول تجب مباركته.