خبر الويل من الجنوب.. يديعوت

الساعة 09:25 ص|04 مارس 2011

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: منذ تم التوقيع على اتفاقات كامب ديفيد أهملت اسرائيل الاستعداد الاستخباري والعسكري في مواجهة الجبهة الجنوبية المصرية وقد تغير الوضع اليوم في مصر وقد يتغير أكثر في المستقبل فماذا عند القيادة العسكرية الاسرائيلية لمواجهة هذا الوضع - المصدر).

منذ ثلاثين سنة تقريبا لم تسأل حكومة في اسرائيل الجيش الاسرائيلي: ماذا عندك في مواجهة الجبهة المصرية وماذا ينقصك وكم من الوقت تحتاج كي تستعد وكم سيكلف ذلك. منذ ثلاثين سنة لم يطلب المستوى السياسي أن يُعرض عليه خطط مع جداول زمنية وترتيب أفضليات، لوضع تحول استراتيجي في الساحة المصرية. ومنذ ثلاثين سنة حلقت هذه الاسئلة في الفضاء لكن المستوى السياسي – وعلى أثره الجيش ايضا – دفن رأسه في الرمل وأفسدا معا على علم وعلى عمد القدرات في مجابهة مصر.

يمكن أن نفسر مضاءلة القدرات العسكرية في هذه الجبهة الى الحد الادنى بأنها اجراء طبيعي وصحيح وجزء من ثمار السلام. لكن محو المعلومات التي تجمعت طوال السنين عن هذا الميدان لا يُغتفر. منذ وقع التوقيع على اتفاقات كامب ديفيد كان التوجيه الشامل هو الامتناع عن كل نشاط قد يُفسره المصريون بأنه تحدٍ أو عنف، وفي ضمن ذلك جمع المعلومات الاستخبارية لاحتياجات عملياتية وتكتيكية بل جمع المعلومات الأساسية.

إن فقدان المعلومات لا يقاس بالميزانيات الضخمة والفرق والطائرات. الحديث عن اشخاص وعن جماعات عمل يحتفظون بقدرات كالنظريات القتالية والمعلومات الاستخبارية. إن مراكز المعلومات هذه هي الاركان التي يمكن البدء اعتمادا عليها في اليوم الذي يُعطى فيه إنذار لبناء القوة. لكنه مر زمن طويل منذ تلك الايام التي كانت فيها "أمان" تعرف الضباط المصريين معرفة حميمة وتعرف كل وحدة تدخل سيناء أو تخرج منها.

كل شيء في يد الجيش المصري

تختلف الجبهة المصرية اختلافا جوهريا عن جبهات بنى الجيش الاسرائيلي نفسه في مواجهتها في العقود الاخيرة. يبدو ان المعلومات التي تم جمعها والنظريات القتالية والقدرات التي بُنيت في مواجهة الجبهة الشمالية وفي مواجهة جبهة العمق يمكن ان تخدم فقط الجبهة الغربية في سيناء خدمة جزئية. اذا بحث شخص ما اليوم عن شبكة إخفاء تلائم الصحراء فلن يجدها في أي مخزن. ربما يجدها في متحف الجيش الاسرائيلي. وشبكة الاخفاء هذه بطبيعة الامر مثل فقط.

الآن فقط، بعد سقوط مبارك بدأت الحكومة في اسرائيل، متأخرة كالعادة، تسأل اسئلة وترسل الجيش لاعداد الوظائف البيتية. من الصفر تقريبا. كم من الوقت سيحتاج الجيش ليبني من جديد نفس قواعد المعلومات؟ ثمة جدل. يقول المتفائلون يحتاج ذلك الى شهور. ويزعم المتشائمون ان الدفع من الوقت والمخاطرة عن كل تلك السنين الطويلة التي دُفن فيها الرأس في الرمل سيكون أبهظ كثيرا. لان الوضع اليوم أكثر تعقيدا: فكل نشاط اسرائيلي يرمي الى إحداث معلومات عن مصر سيُفسر عندهم على انه تحدٍ ويشجع تلك العناصر التي تريد أصلا الغاء اتفاقات السلام.

أخطأ من اعتقد انه مُحي بعد 1973 مصطلح "التصور العام" من معجم "أمان". تمسك رئيس "أمان" الجديد، اللواء افيف كوخافي - مثل سلفه اللواء عاموس يادلين ومثل رؤساء "أمان" قبله – قبل سقوط مبارك بايمان ما بتبديل منظم جدا للحكم في مصر. ساد هذا الاعتقاد "أمان" عشية أبعد الجماهير الرئيس ايضا. والحديث عن تصور تبسيطي جدا رسم السيناريو الآتي وهو ان ادارة مبارك ستنقل السلطة نقلا منظما الى جماعة مسؤولين كبار في جهاز الامن المصري برئاسة عمر سليمان فينقلها هذا نقلا منظما الى جمال مبارك أو الى وريث آخر يشير اليه الرئيس المصري.

حاول رئيس الشعبة السياسية الامنية في وزارة الدفاع، عاموس جلعاد، وقائد منطقة الجنوب السابق، يوآف غالنت، كل واحد على حدة وكل واحد باسلوبه، مواجهة هذه النظرية. اعتقد كلاهما ان الذي سيحرز السلطة سيكون الجيش لا عمر سليمان، سواء تم ذلك على نحو منظم أم لا.

يرى الجيش نفسه وكيل السلطة في مصر وهو الذي يعطيها الحاكم باعتبارها وديعة. فقد عين الجيش عبد الناصر والسادات ومبارك. وفي حال استمرت هيمنة القوات المسلحة على المجتمع المصري فستُعين وريث مبارك ايضا. يعتمد عمر سليمان على الاجهزة الاستخبارية وكان تعلقه بمبارك مطلقا. أما الجيش في مقابلة ذلك فهو جهة مستقلة تستولي على نحو من مليون جندي نصفهم من الاحتياط، وعلى قطاعات اقتصادية واسعة: من المخابز حتى المزارع والمصانع.

لكن "أمان" بقيت سادرة. منذ نهاية الثمانينيات صيغ في الشعبة ايضا تصور عام يتعلق بمدى الانذار الذي ستحصل عليه اسرائيل في حال حدث في مصر تحول استراتيجي يفضي الى إبطال اتفاقات السلام والاستعداد للحرب. يتحدث التصور العام هذا – اليوم ايضا – عن أمد انذار يبلغ سنين. ستكون مصر في النصف الاول من وقت الانذار الذي سيعطى لاسرائيل مشغولة بتبديل السلطة وتثبيت القيادة الجديدة، وسيبني الجيش المصري في النصف الثاني، اذا وُجد ذلك أصلا، نفسه للحرب.

سبب هذا الانذار الطويل الذي وعدت به "أمان"، طوال السنين، وهما للعمليات في الجبهة الجنوبية. لم تهتم هيئة القيادة العامة حقا بالمنطقة الجنوبية. لم تكد تُجرى تدريبات كاملة إزاء الجبهة الغربية، وكانت أكثر التدريبات في الفترة الاخيرة تدريبات قيادات. وقد أفضت جميعا في نهاية الامر الى استنتاج واضح معوج وهو انه ما دام يوجد سلام مع مصر فلا توجد أي مشكلة لكن اذا تم الاخلال به فسنكون في مشكلة بيقين. وستزداد هذه المشكلة عمقا في وضع لا تكون فيه مصر الجبهة الوحيدة.

لماذا الضغط؟

كان ثمة طوال السنين اختلاف في الآراء في هيئة القيادة العامة يتعلق بحلول المنطقة الجنوبية واحتياجاتها. عرض يوآف غالنت، إذ كان قائد المنطقة الجنوبية، على هيئة القيادة العامة مطالب أساسية تتعلق ببناء قدرات في الجبهة المصرية. مثل تحديث النظرية القتالية، وتنظيم تعاون بين الأذرع، وانشاء قيادة سيطرة، واستكمالات قادة وحشد معلومات. رفضت شعبة الاستخبارات وشعبة العمليات في هيئة القيادة العامة في ذلك الوقت هذه المطالب رفضا باتا برغم ان الحديث كان عن نفقات قليلة.

لم تتطرق قيادة هيئة القيادة العامة هي ايضا لمطالب غالنت، زيادة على أنه قد غدا واضحا اليوم كم كانت العلاقات بين قائد المنطقة ورئيس هيئة الاركان عكرة. أرسل غالنت استنتاجاته من التدريبات التي تم تنفيذها في المنطقة الجنوبية ومطالبه ايضا الى أميني السر العسكريين لرئيس الحكومة ووزير الدفاع. بدت هذه الخطوة التفافا على السلطة زاد التوتر بينه وبين رئيس هيئة الاركان.

كذلك عوّقت هيئة القيادة العامة محاولة قام بها رئيس الحكومة السابق اهود اولمرت لاجراء نقاش لقضية الجبهة المصرية بزعم عدم صلة ذلك بالواقع. وقد زُعم من جملة ما زُعم ان قدرات النار الذكية البعيدة المدى الى جانب قدرات سلاحي الجو والبحر، قد بُنيت لتقديم رد حاسم لا في الجبهة الشمالية وحدها.

في 2007 كتب المراقب الداخلي على جهاز الامن تقريرا يتناول استعداد الجيش الاسرائيلي لحرب شاملة في عدة جبهات. وبقيت توصياته المتعلقة بالجبهة الجنوبية على الورق.

يرأس المنطقة الجنوبية اليوم اللواء "طال روسو"، الذي كان حتى المدة الاخيرة رئيس شعبة العمليات. أتى روسو معه الى قيادة المنطقة الجنوبية بتصورات هيئة القيادة العامة قبل سقوط مبارك، وربما ما يزال متمسكا بها. لماذا الضغط؟ عندنا الكثير من الوقت. حتى لو جاءت سلطة اشكالية فسيحتاج الجيش المصري الى وقت طويل للوصول الى قدرات ما. التصور هو التصور حتى لو درب روسو القيادة الجنوبية وعرف ما هي قدراتها.

يؤيد العميد (احتياط) شلومو باروم، وهو باحث كبير في مركز الدراسات الامنية في تل ابيب، توجه روسو. فهو يُقدر أن لاسرائيل انذارا لأقل من سنتين حتى يبدأ التغيير من قبل مصر في التنامي. في اثناء ذلك ما يزال الجيش المصري مبنيا بحسب تصور دفاعي، وليست له خطط هجوم على دولة اسرائيل ولم يتدرب على خطط كهذه. زيادة على ان سيناء هي حاجز بري مثالي لـ "الحرب الجديدة"، التي يوجد لاسرائيل فيها تفوق واضح لانها تملك قدرة على التحديد السريع للأهداف والربط المحكم بين النيران.

يقتبس موقع تسريب الوثائق "ويكيليكس" ايضا كلام مستشارين عسكريين امريكيين على الجيش المصري يقولون انه مُعد لحرب باسلوب 1973. وهم يرون ان هذا الجيش لم يتغير في مجال استعمال القوة بل بالعكس ازداد وضعه سوءا.

كان يفترض ان يكون سقوط مبارك هو ذلك الانذار الاستراتيجي الذي كان يتم الحديث عنه في الثلاثين سنة الاخيرة. وفي الحقيقة تناولت اسرائيل سقوط النظام المصري باعتباره انذارا أول، وقرع جرس ضئيلا يوجب على الجيش ان يبدأ الاهتمام بالجبهة الجنوبية مرة اخرى. غير ان التغييرات في القاهرة سريعة جدا بحيث لا يعلم أحد أن يقول ماذا سيحدث هناك من الغد صباحا. اذا صمدت السلطة العسكرية فقد يكون لنا وقت واذا فقدت قوتها لمصلحة سلطة مدنية فكل شيء مفتوح.

العدو: اسرائيل

يتحدث الجزء الثاني من التصور العام الاسرائيلي عن قدرات الجيش المصري وهو أحد أكبر الجيوش وأكثرها تسلحا في المنطقة. في سلاح الجو المصري أكثر من 400 طائرة حربية، وما يقرب من 100 مروحية حربية، وفي المدرعات المصرية نحو من 3600 دبابة من طرز مختلفة تشتمل على دبابة "أبرامز" الامريكية المتقدمة التي يتم انتاجها في مصر. بل إن الدولة توشك ان تصدر هذه الدبابات التي تُنتجها الى جيش العراق. وعندهم ايضا كمية ضخمة من أنابيب المدافع – ما يقرب من 1600 – وصواريخ ارض – ارض. بحيث ان كل محاولة لتصوير الجيش المصري على انه جيش ضعيف هي محاولة لا مسؤولية فيها.

يقول الافتراض الأساسي في اسرائيل: حتى لو حدث في مصر تحول يفضي الى نقض اتفاقات السلام واعادة السفراء وما شابه، فان الادارة الامريكية ستقطع عن الجيش المصري تزويده بالمعدات فتُفسده كما حدث حقا للجيش الايراني والقوات المسلحة الايرانية بعد سقوط الشاه.

هذا افتراض منطقي لكنه ليس فرضا مقدسا. إن مقدار المعلومات الموجودة هنا عن المسارات الداخلية في مصر ضئيل جدا بحيث ان القدرة على التنبؤ الذي يعتمد على هذه الفروض الأساسية مشكوك فيها.

والى ذلك، يقول الخبراء العسكريون في الغرب الذين تابعوا الجيش المصري في السنين الاخيرة بيقين إن دولة اسرائيل هي "التهديد الواقعي" الذي يقوم في أساس بناء القوة العسكرية في مصر. على حسب وثائق "ويكيليكس"، اشتكى عاموس جلعاد على مسامع المصريين انهم يُجرون تدريبات تُعرف فيها اسرائيل بأنها عدو. لا يمكن اتهام المصريين بأنهم يبنون قوتهم العسكرية في مجابهة من يرونها أكبر تهديد بالنسبة اليهم. فالليبيون والسودانيون ليسوا تهديدا حقيقيا، وأنت تحتاج لبناء قوة جوهرية الى عدو جوهري كما ينفق الجيش الاسرائيلي الموارد في مواجهة التهديد الايراني حقا.

مع ذلك، يقول اولئك المراقبون الغربيون، إن الجيش المصري لم يخرج طوال هذه السنين كلها عن التدريبات الدفاعية. وليس للجيش المصري خطط هجومية على اسرائيل ولم يتدرب عليها ايضا. إن الانتقال الى خطط هجومية – تشتمل على اجتياز 300 كم في صحراء سيناء ووقوف أمام الحدود الاسرائيلية – يقتضي مسارا طويلا من الشراء والتدريب وبناء قدرة لوجستية وتنظيم الخطط العملياتية. ويزعم الخبراء ان المصريين ليسوا من ذلك في شيء. وطوبى لمن يُصدق.

أنت تسمع هذا الاستخفاف بقدرة المصريين على اجتياز 300 كم في الصحراء والوقوف لقتال الجيش الاسرائيلي من أناس يعرفون جيدا أن مستوى معرفتنا بالجيش المصري أخذ يضعف على مر السنين. متى سيتعلمون.

صحيح ان المصريين يقومون بتدريبات دفاعية. لكن صحراء سيناء ليست غريبة على جيشهم. على حسب اتفاقات السلام، يجوز لهم في المنطقة التي تُعرف بأنها "المنطقة أ" من شرقي القناة حتى المعابر ان تكون لهم قوة مقدارها فرقة. نشر المصريون هناك ثلاثة ألوية، بيد ان الحديث عن ثلاثة ألوية تمثل ثلاث فرق مختلفة. وفي الحقيقة منذ التوقيع على اتفاقات السلام مرت في المنطقة أ كل القوات البرية المصرية تقريبا.

وهكذا يمكن ان ننظر اليوم الى المنطقة أ باعتبارها منطقة سينشر فيها الجيش المصري جيشا في المرحلة الاولى من الحرب. وخلال السنين بنوا في هذه المنطقة عشرات المعابر التي تُسهل الدخول، ومدوا فيها أنابيب ماء ووقود تمر تحت قناة السويس. في مقابلة ذلك بُني هناك نظام دفاعي يشتمل على خنادق مضادة للدبابات وثكنات وامور اخرى.

في المنطقة بين المعابر وما يليها لا يوجد للمصريين قوات لكن بُنيت هناك مناطق دفاعية يمكن احتلالها بسرعة. وعلى العموم يبني المصريون نظاما حصينا من مركز سيناء الى الغرب نحو القناة بسعة لم يُر لها مثيل في الشرق الاوسط. وبالمناسبة، سمحت اسرائيل في المدة الاخيرة لمصر خلافا للاتفاقات بأن يكون لها سبع كتائب في سيناء خارج المنطقة أ. أُدخلت هذه الكتائب الميدان لتجابه الفوضى في سيناء بعد الاضطرابات في مصر. لا أحد تقلقه هذه القوات لانه ليس الحديث عن قوات مدرعة. لكن اسرائيل ستضطر الى أن تنظر نظرا مختلفا الى المدد المصري عندما تدخل دبابات سيناء. وليس من الواجب ان يحدث هذا بالضرورة في وضع قتال.

قد ينشأ مثلا ازمة دبلوماسية سياسية بين اسرائيل ومصر بسبب مواجهة في الجبهة الشمالية، تؤدي الى أن يعبر الجيش المصري قناة السويس ويقف على خط المنطقة أ في وضع دفاعي. يوجد هنا نقض لاتفاقات السلام، لكن يُشك في ان ترى اسرائيل هذا سببا للحرب. ماذا نفعل في هذا الوضع؟ هل نُجند قوات الاحتياط؟ هل نقيم احتياطيين على طول الحدود؟ هل نفتح من جديد وحدات دبابات، هل ندرب من جديد وحدات احتياط للقتال في الصحراء؟ قصر المصريون في الحقيقة أمد الانذار. إن المواجهة العسكرية التي ستنشب في وضع يكون فيه المصريون قد عبروا القناة يجعل معركة اسرائيل الدفاعية أكثر تعقيدا وأبهظ من جهة عدد المصابين.

المسؤولية على الحكومة

متى يجب اذا بت قرار اقامة أطر عسكرية أُغلقت بعد اتفاقات السلام مع مصر، من جديد؟ إن اغلاق فرقة يحتاج الى سنة لكن بناء فرقة وجعلها عملياتية مسار ربما يستمر سنين.

يزعم باروم انه لا يجب على دولة اسرائيل ان تبت اليوم أي قرار يقتضيها استثمارات ضخمة في الجبهة المصرية. يقول إننا ما زلنا لسنا في وضع انذار استراتيجي. لكنه يقول مع ذلك انه توجد حاجة الى الجهد اليوم في مستوى هيئة القيادة العامة وقيادة المنطقة في مجال التفكير، واعداد أبحاث مقر قيادة وتحسين قدرة الاستخبارات التكتيكية والعملياتية التي تم اهمالها. إن مجرد الانشغال بمواجهة ممكنة مع مصر له طاقة كامنة لنبوءة تحقق نفسها. إن نشاطا غير حذر وغير متناسب اليوم إزاء الجبهة المصرية قد يجعل الطرف الثاني يشير الينا باعتبارنا تهديدا.

ما يزال يتولى قيادة الجيش الاسرائيلي اليوم خريجو حرب لبنان الثانية الذين أظهروا هناك قدرات متوسطة جدا في اعداد القوة واستعمالها. ان رئيس هيئة الاركان ومن حوله في هيئة القيادة يواجهون اليوم تحديا تنظيميا كبيرا يقتضي ايضا قرارات كبيرة: الازمة في مصر واعداد خطة العمل لسنين متعددة، يجب ان تأخذ في الحسبان التغييرات في الشرق الاوسط. هل سيعرف الناس الذين يقودون الجيش الاسرائيلي اليوم اتخاذ القرارات الصحيحة وفي الوقت؟ واذا لم يكونوا كذلك فللحكومة هنا دور حاسم هو ان تجلس فوق وريد الجيش وتطلب اجوبة في جداول زمنية معقولة كي لا تفاجئنا مرة اخرى مفاجآت في التصورات العامة.