خبر عباس، خطوة بعد خطوة -آرتس

الساعة 09:17 ص|03 مارس 2011

عباس، خطوة بعد خطوة -آرتس

بقلم: شاؤول اريئيلي

        (المضمون: اذا لم يبادر نتنياهو الى خطوة سريعة لتقديم التفاوض فقد يُقدم عباس مشروع الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية من غير ان يكون لاسرائيل قدرة على منع ذلك - المصدر).

        إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، غارق جدا في صراعات داخلية مع افيغدور ليبرمان على "زعامة اليمين"، الى درجة انه مقتنع بأن عدم التفاوض مع الفلسطينيين، على نحو يُرضي أكثر اعضاء حكومته، يعني الجمود السياسي. ليس نتنياهو متنبها للمسارات السياسية التي تحوكها الرباعية، وهو خاصة أعمى عن الجهد السياسي الضخم الذي يقوم به محمود عباس – بسياسة تختلف عن سياسة ياسر عرفات – من اجل الاعتراف الدولي بفلسطين في نهاية العام.

        إن عرفات، الذي اجتاز في 1993 "الروبيكون" عندما أعلن بأنه مستعد لأن يستبدل بحلم الوطن الفلسطيني على 100 في المائة من البلاد دولة فلسطينية على 22 في المائة منها، امتنع عن تحويل فتح، المبنية على فكرة الكفاح المسلح، الى حركة هدفها اقامة دولة آتية.

        إن عرفات التزم برسالة الى اسحق رابين أن يتخلى عن الكفاح المسلح لكنه مع ذلك كله رأى العنف وسيلة شرعية لحث عجلة التفاوض عندما علقت. ادعى عرفات انه ممثل الشعب الفلسطيني كله، لكنه مكّن منظمتي حماس والجهاد الاسلامي من إملاء برنامج العمل بالعمليات التي نفذتاها قصدا الى تعويق الاتفاق الذي وقع عليه هو نفسه.

        رأى عرفات الكفاح المسلح البديل الوحيد عن الكفاح السياسي. حينما جمد نتنياهو مسيرة اوسلو في 1996 أعاده عرفات الى التفاوض والى التوقيع على "بروتوكول الخليل" و"مذكرة واي"، في أعقاب أحداث نفق حائط المبكى. وعباس بخلاف عرفات يرفض أن يكون "شريكا" للارهاب، برغم المسيرة السياسية الجوفاء التي يحاول نتنياهو تدبيرها. وبهذا يبرهن لاسرائيل ولشعبه على أنه "لا توجد عمليات (ومع ذلك كله) يوجد عرب". فبدل الكفاح العنيف يقيم للكفاح السياسي رجلين أخريين: الاولى، بناء دولة آتية بواسطة خطة رئيس الحكومة سلام فياض، والثانية المكملة لها هي الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

        يعمل عباس من اجل تأسيس من جديد للسلطة المركزية للسلطة الفلسطينية معتمدا على اصلاح أمني واصلاح مؤسسي – اقتصادي: إبعاد حماس عن المجال العام في الضفة، وكف جماح كتائب شهداء الاقصى، وفرض القانون والنظام والتطوير الاقتصادي مع تأكيد تعزيز الطبقة الوسطى.

        تتمتع حكومة نتنياهو في الحقيقة بالاستقرار الأمني في الضفة الذي يُسهل عليها اخفاء وجود الصراع عن نظر أكثر الجمهور في اسرائيل. لكن عباس على نحو يسبب امتعاضهم لا يكتفي بارضاء اسرائيل؛ فهو يُبين للعالم انه وفى بنصيبه من خريطة الطريق وانه يتوقع ان تطلب الجماعة الدولية الى اسرائيل الوفاء بنصيبها.

        تم تجنيد الجماعة الدولية على حذر؛ ففي البدء طلب عباس الحصول على تنديد بالمستوطنات عامة وبالبناء في القدس خاصة، لكن قرار النقض الامريكي منع التنديد. وهذا الاجراء، وبين يديه الانقلابات في العالم العربي، يحث الرباعية على اجراء لقاءات عاجلة لصياغة مخطط سياسي يتوقع ان يكون هذه المرة أقرب الى المواقف الفلسطينية. على حسب تصور عباس، قد تمهد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية بعد ذلك قُبيل ايلول 2011 الطريق لاجراء فلسطيني جريء أساسه اعتراف شامل من الامم المتحدة.

        آنذاك يستطيع نتنياهو ان يخطو يدا بيد مع ليبرمان وايلي يشاي الى صناديق الاقتراع. لكنه حتى لو خرج عن صناديق الاقتراع فائزا فقد تنتظره من الجانب الثاني دولة فلسطينية معترف بها ومحتلة "طيّرها" عباس من تحت راداره المُطفأ.