خبر خطبة نتنياهو-هآرتس

الساعة 09:17 ص|03 مارس 2011

خطبة نتنياهو-هآرتس

بقلم: آري شبيط

        (المضمون: إما ان يخطب بنيامين نتنياهو خطبة جديدة يصدر بها عن خطة سياسية واضحة وإما فهو الى انهيار وسقوط - المصدر).

        السؤال الاستراتيجي سؤال مفتوح. لا يعلم أحد هل يمكن التوصل الى سلام مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. لكن السؤال التكتيكي سؤال مغلق. من الواضح تماما انه يجب على اسرائيل ان تفعل كل شيء للتوصل الى سلام مع الفلسطينيين في المستقبل القريب. لا يجوز لاسرائيل حتى لو كان السلام غير ممكن ان تكون رافضة للسلام. يجب على اسرائيل ان تخرج بمبادرة سلام لتكون في الجانب الصحيح للحرب من اجل السلام.

        المشكلة هي مشكلة اعتماد. فليس لاسرائيل بسبب الاحتلال اعتماد سياسي في القرن الواحد والعشرين. واسرائيل لا تستطيع الوجود بلا اعتماد سياسي. وعلى ذلك فان الواجب الاول على كل رئيس حكومة ان ينشيء اطار اعتماد تستطيع اسرائيل تأدية عملها ضمنه. انتصر شارون الاول على الانتفاضة الثانية بفضل الاعتماد السياسي الذي خوله إياه اهود باراك في كامب ديفيد. وتولى شارون الثاني الحكم ونجح بفضل الاعتماد السياسي الذي خوله الانفصال إياه. وحظي اهود اولمرت باعتماد سياسي سخي بسبب انابوليس. وحصل بنيامين نتنياهو على اعتماد سياسي ضئيل بسبب خطبة بار ايلان. لكن الاعتماد ينفد الآن. أصبحت ضائقة الاعتماد السياسي لدولة اسرائيل خنق اعتماد.

        الوضع الاستراتيجي واضح: لا تستطيع اسرائيل دون اعتماد سياسي ان تواجه الذرة الايرانية والتحدي الصاروخي والتحولات الحادة في العالم العربي. أصبحت اسرائيل الآن تواجه تهديدات صعبة ومخازنها السياسية فارغة. اذا ما احتاجت الى استعمال قوة للدفاع عن نفسها فسيصعب عليها فعل ذلك. إن اصرارها على الاحتلال يقوض حقها في الدفاع عن النفس. وليس لاسرائيل قوة عسكرية دون اعتماد سياسي.

        الوضع الاقتصادي واضح ايضا: فبغير اعتماد سياسي لن تطول ايام المعجزة الاقتصادية الاسرائيلية. الجهاز الاقتصادي ينطلق الى الأمام. والتصدير يحتل أسواقا واسرائيل نمر اقتصادي ينطلق الى الأمام. لكن لا أحد يعلم متى بالضبط تتحول دولة مندَّد بها الى دولة مُقصاة. ولا يعلم أحد متى ستتحول اسرائيل الى جنوب افريقية. المعلوم هو انه في اللحظة التي سيُطلب فيها الى "طيبع"، و"يسكار" و"تشيك بوينت" أن تدفع ثمنا باهظا عن اسرائيليتها – سيحدث ذعر. سيهدد الافلاس السياسي بأن يتحول الى افلاس اقتصادي. سنفهم كلنا متأخرين ما يفترض أن نفهمه الآن وهو انه ليس لاسرائيل قوة اقتصادية بغير اعتماد سياسي.

        لا يقل الوضع السياسي وضوحا: فرئيس الحكومة مقضي عليه بغير اعتماد سياسي. حدث هذا لاسحق شمير في 1992. وحدث لنتنياهو في 1999. وسيحدث لنتنياهو مرة ثانية في 2011. في وضع لا أمل يبتلع ليبرمان الليكود، ويلتهم درعي شاس ويقضي باراك على باراك. وفي وضع عدم النهوض تنحل الحكومة. وبغير اعتماد سياسي ستحين نهاية رئيس الحكومة نتنياهو.

        يوشك ايلول القريب ان يكون ايلول الاسود. في غضون نصف سنة توشك الجمعية العامة للامم المتحدة ان تقرر انشاء دولة فلسطينية في حدود 1967 بغير سلام. اذا حدث هذا ستُهزم اسرائيل سياسيا كما لم تُهزم قط. وسيُرى رئيس الحكومة مسؤولا عن اخفاق سياسي ذريع. وفي تلك اللحظة ستتحول ازمة الاعتماد الاسرائيلي الى ازمة استراتيجية واقتصادية وسياسية. وسيُشعر بالسقوط في كل مكان. وفي حين تلعق اسرائيل المضروبة جراحها سيُطرد نتنياهو من مكتبه مخزيا.

        قبل شهرين أبدعت في هذا العمود مصطلحا جديدا هو بار ايلان 2. من الواضح اليوم انه ستكون خطبة بار ايلان 2. سينطق رئيس الحكومة بكلامه في مقام احتفالي وموضع متميز. لكن السؤال هل سيكون نتنياهو جريئا وعمليا بقدر كاف. وهل ستكون عنده القوة ليخطب خطبة تشرتشلية من ورائها خطة سياسية حقيقية لنقض الامبراطورية مقابل انقاذ الدولة.

        يتناول فيلم "خطبة الملك" قصة رئيس دولة يعاني عيبا، ويغالب هذا العيب ويتغلب عليه. وهو يحكي قصة رئيس دولة تجعله زوجته الطيبة ومساعده المخلص يقول في اللحظة الاخيرة الكلمات التي يجب ان يقولها. نوصي الزوجين نتنياهو ان يفرغا لأنفسهما مساء وأن يمضيا الى السينما. وعندما يخرجان من "خطبة الملك" سيدركان ان الوقت قد حان. لا يجوز الآن التلعثم. إن خطبة نتنياهو هي آخر فرصة لبنيامين نتنياهو.