خبر ملياردير في الصحراء -يديعوت

الساعة 10:44 ص|02 مارس 2011

ملياردير في الصحراء -يديعوت

ثورة في العناوين الرئيسة

بقلم: سمدار بيري

متعة ان يتصفح المرء الان صحيفة "الاهرام" المصرية. لعشرات السنين عرفنا بان هذه هي بوق السلطة – ثقيلة، مملة، مع أفضل الكتاب، محرروها الرئيسيون تعلموا من الطريق المبطن في نهاية الشهر نحو البنك، بان مهمتهم ان يكرسوا في الطبعات الثلاث عنوانا رئيسا ينير العيون عن افعال الرئيس: ما قاله، من التقى به، الى أين سافر، اين قص شريطا وصافح الناس. اذا قرأت المقال الافتتاحي لـ "الاهرام" – كنت ستعرف ما يمر على رأس الرئيس وما يفكرون به نيابة عنك في النوافذ الاكثر علوا.

فجأة، مر شهر، واذ تعلو حمرة منعشة على وجنتي الصحيفة. بالذات من هنا تجري منافسة منفلتة العقال مع السنة حال المعارضة، من سيوجه الصفعات الاكثر ايلاما للحكم المطاح به. جبال القاذورات التي تزحف تحت ابسطة القصور (الفارغة) وجدت حضنا دافئا في البوق السابق، الذي يصدح كفرقة عزف.

يوما بعد يوم يحصل القارىء الفضول على قصص تقشعر لها الابدان عن العفن والفساد في القمة، عن وزراء وسياسيين، رجال اعمال ومحرري صحف ومذيعي تلفزيون جمعوا المال الطائل من الارتباط بالسلطة. كل واحد وعشرات (!) الملايين التي دسها في جيبه بفضل اقترابه من الصحن الذهبي في القصر. "الاهرام" بمتعة فائقة، تنطلق في ملاحقة ما كانت لتسمح لنفسها بها في سنوات حكم مبارك.

العنوان السميك ليوم أمس يتعلق بنا ايضا: الملياردير حسين سالم، الشريك المصري ليوسي ميمان في صفقة الغاز. سالم ابن 83 هو ثعلب أعمال تجارية ذا قدرة شم متطورة للفرص والمخاطر. عندما اندلعت المظاهرات ضد الرئيس، قبل لحظة من تخريب انبوب الغاز في سيناء، فهم سالم بان الارض تشتعل قبيل ثورة، حزم الحقائق، صعد الى طائرة خاصة واختفى. في البداية هبط في دبي، وبعد ذلك شوهد في جنيف، عاصمة الحسابات البنكية السرية.

وسائل الاعلام المعربدة في القاهرة تقدمه كرجل وهمي – الرجل الامامي لعائلة مبارك. محققون صحفيون نشطاء مستعدون لان يقسموا بان الحقائب التي رفعت الى الطائرة كانت اموالا نقدية فقط، بعشرات المليارات التي اخذها معه.

سيرة حياة سالم مثيرة للانطباع: طيار (هنا تعرف على مبارك)، ضابط في أجهزة المخابرات، تاجر سلاح و "أب روحاني" لشرم الشيخ. منذ 1982، عندما أعادت اسرائيل سيناء عرف كيف يشم الطاقة التجارية الكامنة. فقد بنى، طور الصحراء، اقام فنادق، سيطر على خليج نعمة، وعندما نال النطاق الهائل الذي اقام عليه "موفينبيك غولف" المدلل، اقام في داخله قصر صغير، هدية جد غير متواضعة لصديقه القديم، الرئيس. واحد اعطى، الثاني أخذ دون مشاكل. كما أن سالم لم يجد صعوبة في اقناع الرئيس بان يستبدل اجازته الصيفية الطويلة في الاسكندرية في صالح اجواء هادئة في الصحراء.

ووفق حسابات "الاهرام" نجح سالم في ان يجمع 18 مليار دولار. وها هو، قبل يومين هاتف برنامج المقابلات الاكثر مشاهدة في مصر، كي ينفي هذه المنشورات. لم أهرب، سافرت فقط. لم أسرق، استثمرت فقط. لم آخذ، عملت فقط من أجل الوطن. والا ماذا؟

نصيبه في صفقة الغاز، كما يدعي سالم، باعه لحكومة تايلندا ولرجل أعمال يهودي. هو ليس فاسدا، لا يأخذ ولا يدفع رشوة. أحد لن يمسك به – وبشكل عام، ينقضون عليه بسبب الصفقة مع اسرائيل.

ولكنه لا يعد بالعودة. كما أنه لا يعتزم مقاضاة "الاهرام". اذا عاد الى مصر كما يخمن، ستكون بانتظاره أكوام من الدعاوى القضائية. أربعة وزراء من عهد مبارك يمكثون منذ الان في السجن، وفي محطة الشرطة مطالب عشرات الشخصيات الهامة بان يشرحوا كيف حققت رواتبهم الحكومية الملايين.

الحقيقة؟ من يبحث عندنا عن مقارنات في موضوع الفساد، سيجد باننا لا شيء امامهم. لا يزال هناك طريق طويل امام سياسيينا.