خبر الكُل كلام- هآرتس

الساعة 09:44 ص|01 مارس 2011

الكُل كلام- هآرتس

بقلم: الون عيدان

(المضمون: لا يصدر عن نتنياهو سوى كلام أجوف فارغ لم يعد يقنع أحدا في العالم - المصدر).

بادر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الاسبوع الماضي الى محادثة مع مستشارة المانيا انجيلا ميركل. اتصل كي يُعبر عن خيبة أمله لأن المانيا صوتت في مجلس الأمن تؤيد التنديد بالمستوطنات. على حسب التقرير أجابت ميركل: "كيف تتجرأ؟ أنت الذي خيّبت آمالنا. لم تفعل شيئا واحدا لتقديم السلام". على أثر عدائية ميركل وعد نتنياهو بقوله "سأخطب خطبة سياسية جديدة في غضون اسبوعين أو ثلاثة".

        هذه مقطوعة صغيرة تدل شيئا ما على وضع وعي نتنياهو الحالي. كي يتصل ويوبخ زعيمة المانيا يجب أن يكون للمتصل شعور بالقوة وسلطة ما على من يتم توبيخه. لكن نتنياهو – بفضل وزير الخارجية الذي عينه ايضا – نفدت قوته وسلطته ازاء دول رئيسة؛ فهو يُرى ثرثارا بلا غطاء، ومُسوفا على الدوام. إن حقيقة أن بادر الى المكالمة الهاتفية تدل على ان نتنياهو في وهم ما فيما يتعلق بموقعه في العالم: فهو ما يزال لم يعِ مكانته الجديدة الضعيفة السخيفة شيئا ما.

        حظي نتنياهو بالسخافة بمساعدة استراتيجية تفصل على نحو وسواسي بين مجالين مبدئيين الكلام والعمل. يُصر رئيس حكومة اسرائيل على عدم الملاقاة بين هذين المجالين. إن المجال الذي يعمل نتنياهو داخله بالنسبة للعالم هو مجال الكلام: فنتنياهو يعد بأشياء ويتوقع ان تُمكّن الكلمات نفسها من استمرار الواقع. خطب خطبة بار ايلان، وبرغم أن كلمات تلك الخطبة لم يكن لها تجسيد حقيقي في الواقع، فقد توقع ان مجرد الكلام على التغيير سيحافظ على الوضع.

        اشتمل التصويت في مجلس الأمن على 14 دولة أيدت التنديد بالبناء في المستوطنات، وعلى الولايات المتحدة التي استعملت حق النقض. إن سبب أن صوتت الـ 14 تؤيد التنديد بالبناء في المستوطنات بسيط: فهي تندد حقا بالبناء في المستوطنات. أي أن العمل الكلامي للتنديد يتصل صلة مباشرة بالموقف العملي لتلك الدول. يوجد تقابل بين المجالين الكلام والعمل.

        اتصل نتنياهو بميركل لان هذه الملاقاة بين الكلام والعمل خطرة بالنسبة اليه. وقد اتصل كي يتحقق من ان المانيا لا تنوي ان تنقل على نحو مبدئي الثقل من الكلام الى الاعمال. في واقع طبيعي، المكالمة الهاتفية هذه من المفارقات: فثم شخص ما يتصل بامرأة ما ليُعبر عن خيبة أمله لانها عملت بحسب تصورها العام. ويقول لها لم أتوقع منك أن يواطيء قلبك لسانك.

        هذا بالضبط ما جعل ميركل تغضب: فقد كانت مكالمة ننتنياهو الهاتفية بالنسبة اليها برهانا على أن المتوقع منها ان تستمر في نمط الازدواجية بين الكلام على حدة والعمل على حدة. وفهمت ميركل أن وجهة نظر نتنياهو ان مهمتها الحقيقية هي أن تُحِّل الجمود مقابل نص فارغ تنبعث عنه رائحة وعد.

        إن توبيخ ميركل جعل نتنياهو يدافع عن نفسه. يدل التغيير المتطرف لموقف رئيس الحكومة – من الهجوم الى الدفاع – على الأساس الهش الذي يعتمد عليه. جاء نتنياهو لتدبير حيلته وفي اللحظة التي كُشف فيها عن الايهام انتقل فورا الى الحيلة التالية وهي "خطبة سياسية جديدة". مرة اخرى كلمات ومرة اخرى كلام ومرة اخرى بار ايلان.

        إن ننتنياهو هو نص هدفه انشاء قطيعة بين المستمع والواقع. فهو يتحدث كي يُصغوا ويتوقع أن يأتي الاصغاء على حساب الرؤية والنظر الى الميدان والواقع. يواجه نتنياهو العالم ومن ورائه الدمار والخراب ولا يكف فمه عن ترتيل: "تفرقوا من فضلكم، لا يوجد ما ترون".