خبر ثورة ليبيا .. غريزة الاستبداد وآفاق المستقبل ..د. محمد مورو

الساعة 10:37 ص|28 فبراير 2011

ثورة ليبيا .. غريزة الاستبداد وآفاق المستقبل  ..د. محمد مورو

 

تحية واجبة لكل من الثورة التونسيَّة والثورة المصريَّة، حين تتحولان إلى ثورة عربية أو إسلامية شاملة، فإن تلحق الثورة الليبية بهما وهي قاب قوسين أو أدنى إلى النصر، يعني أن مستقبل العرب والمسلمين بات مشرقًا إن شاء الله، بل إن من دواعي التفاؤل الآن أن نقول أن ثلاث ثورات نجحت في ثلاث دول متجاورة، الأمر الذي يعني أن بالإمكان إقامة وحدة مصريَّة ليبية تونسيَّة، وكذلك سودانية على اعتبار أن مصر والسودان كيان واحد، آن الأوان لأن يلتئم بعد انفصال طويل وبلا مبررٍ أو داع، وهذا أمر يمكن أن يحقق نواة وحدة عربية وإسلامية شاملة على المستوى المتوسط إن لم يكن القريب.

 

على كل حال فإن الأحلام والآمال قد زرعت في التربة، وعلينا تعهدها بالعناية حتى تثمر إن شاء الله، ولكن من الضروري الآن دعم الثورة الليبية بكل الوسائل والطرق، لأن بها يكتمل عقد الثورة في مكان واحد.

 

وعلينا أن نرصد في هذا الصدد أن الثورة التي اندلعت في ليبيا سوف تنتصر إن شاء الله، لأن المستبدّ في ليبيا يكرر نفس الأخطاء التي كرَّرها المستبدون دائمًا، فهي في الحقيقة غريزة الاستبداد التي تقود المستبدين إلى الحماقة، ولعلَّ هذا من رحمة الله.

 

فالمستبد والطاغية الليبي وابنه سيف الإسلام قد كرَّرا نفس المقولات الفارغة التي كان يكررها نظام الرئيس المصري السابق، فهناك مثلًا الحديث عن أجندة إيرانيَّة وأحيانًا أمريكيَّة في ثورة مصر، وكان هذا هراء، ولكنه كان هراء أقل من هراء القذافي وابنه، لأنهما تحدثا عن أجندة مصرية وتونسية، وأن المصريين والتوانسة هما من وزَّعوا حبوبًا مخدرة على شباب ليبيا ليقوموا بالثورة، وهو أمر مكذوب أيضًا، وإذا كان الشعب المصري يرفض التدخل الأمريكي والإيراني في شئونه فإن الشعب الليبي لا ينظر بحساسية إلى المصريين والتوانسة، فهم مثله عرب، ومسلمون، ومن هنا فإن غريزة الاستبداد الغبيَّة في النظام الليبي أكثر منها بكثير في النظام المصري السابق، وكذا فإن النظام الليبي استخدم نفس اللغة عن إنجازات حول التحرر من الاستعمار وتحقيق المنجزات، كما فعل الرئيس السابق حسني مبارك في الحديث عن الضربة الجوية في عام 1973 أو المنجزات السياسية والاقتصادية، وبغضّ النظر عن مدى صحة هذه المنجزات هنا وهناك، فإنه ليس من المبرِّر أن تقدم معروفًا لشعبك، ثم تستعبده أو تهين كرامته، وثورة ليبيا بالكامل هي ثورة كرامة مع أسباب آخرى ثانويَّة.

 

على أنه من الحقيقة والإنصاف أن نقول أنه سواء كان تنحي الرئيس مبارك من السلطة بضغطٍ شديد من الجيش أو من تلقاء نفسه، فإن ذلك قد حقن دماء الكثيرين من المصريين شعبًا وجيشًا ونقول أن الرئيس مبارك أو الجيش المصري لهما أو لأحدهما الفضل في حقن دماء المصريين، أما النظام الليبي الذي هدَّد فيه الرئيس الليبي بتطهير كل بيت في ليبيا، أي قتل معظم أبناء الشعب الليبي، والذي هدَّد فيه ابن الرئيس بأن مئات الألوف سوف يموتون وليس الآلاف فقط، وأنه سوف تتحول ليبيا إلى قطع صغيرة، فإن معنى ذلك أننا أمام نظام مجرم بلا حدود، مستعد أن يدفع الجيش الليبي أو القبائل الموالية للنظام إلى خوض حرب أهلية من أجل بقائه على رأس السلطة، وإن شاء الله تعالى فإن الجيش الليبي لن يستمع إلى أوامر الرئيس الليبي المجرم، وكذلك فإن حكمة شيوخ القبائل الليبية ستحول دون تنفيذ مخطط القذافي، لأن قبيلة القذافي نفسه لن تحرق مستقبلها وتدخل في ثارات ودماء لعشرات السنين القادمة مع باقي القبائل الليبية، في مقابل الدفاع عن رجل فقد عقله وفقد ضميره.

 

نسأل الله تعالى أن يعن الشعب الليبي على الإطاحة بالنظام الفاسد، وأن يكون سلوك الجيش الليبي والقبائل الليبية على مستوى ما هو معروف عن ليبيا من وعي وتمسُّك بالدين الإسلامي والعروبة ووحدة التراب الليبي