خبر بعد مبارك- يديعوت

الساعة 09:45 ص|28 فبراير 2011

بعد مبارك- يديعوت

سلام مع وقف التنفيذ

بقلم: دوف فايسغلاس

حتى سقوط نظام مبارك، لغير قليل بفضل سطحية امريكية، أدت مصر دورا غير جوهري في سياق المفاوضات الاسرائيلية – الفلسطينية. مبارك أراد جدا التسوية السياسية: برأيه، التسوية مع الفلسطينيين ستؤدي ايضا الى انهاء النزاع الاسرائيلي – العربي والى توفير الاستقرار في الشرق الاوسط. في بلاده ايضا، مصر، سيقل جدا الانتقاد الداخلي على الحكم، الذي يقيم علاقات مع اسرائيل رغم "ترك الأخوة الفلسطينيين لمصيرهم".

        ولكن مبارك لم يوافق أبدا على استعباد العلاقات الاسرائيلية – المصرية للتقدم في مثل هذه التسوية: مثل سلفه، السادات، اعتقد مبارك بأن مصر سددت دينها لـ "القضية العربية". في عدد من اللقاءات معه، شاركت فيها، سمعت على لسانه غير مرة كم سيساعد السلام الاسرائيلي - الفلسطيني في تقدم السلام الاسرائيلي – المصري، ولكنه لم يقل أبدا ولم يلمح بأن المأزق بين اسرائيل والفلسطينيين يعرض للخطر مجرد وجوده. وبالفعل، على مدى السنين، حتى عندما احتدمت المواجهة العنيفة مع الفلسطينيين، درج مبارك في احتجاجه على "تبريد" السلام البارد أصلا، فشجب، وأعاد السفير الى الوطن، ولكنه نفذ بحرص اتفاق السلام. الجبهة الجنوبية كانت هادئة.

        لا يمكن للمرء ان يعرف ماذا ستكون عليه طبيعة النظام الذي سيقوم في مصر. ارادة مبارك في ان يقيم حكومة انتقالية، لعدة اشهر، تصمم صورة الحكومة التي ستُنتخب لاحقا، رُفضت. وكنتيجة لذلك تخضع مصر الى حكم انتقالي عسكري.

        الادارة الامريكية، مُحبة الديمقراطية، تطالب "بانتخابات حرة في أقرب وقت ممكن"، ولكن في ساتر قلبها تتمنى ان يحكم الجيش هناك الى الأبد، وذلك لأن الجيش يطبق "طريق مبارك": نزعة غربية، اعتدال سياسي، وبالأساس صراع لا هوادة فيه ضد الاسلام المتطرف. غير أن هذا لن يحصل: الحكم العسكري سيضطر، في نهاية الامر، للخضوع لضغوط الشارع والحركات الاسلامية وسيجري انتخابات. ويسود عندنا رأي الخبراء المختلفين بأنه لا يوجد احتمال في أن تسيطر الحركات الاسلامية، كنتيجة لتلك الاننتخابات، على الحكم المصري، ولكن من شبه اليقين انهم سيحظون بنصيب فيه – وليس مثلما في عهد مبارك سيشاركون فيه على نحو نشط ومؤثر.

        وبناء على ذلك، يمكن الافتراض بأن أحد مواضيع الخلاف المرتقبة بين الأقلية الاسلامية والاغلبية السائدة (اذا ما كانت هذه بالفعل نتيجة الانتخابات) سيكون في مسألة استمرار علاقات السلام مع اسرائيل. منذ زمن بعيد طالبت المعارضة الاسلامية بتعليق، بل وبالغاء اتفاق السلام، بسبب المأزق في علاقات اسرائيل والفلسطينيين. مطلب مشابه سيُرفع، بالأحرى، الآن ايضا، وبشدة أكبر، غير انه في عصر ما بعد مبارك فان فرصه في أن يُلبى جيدة.

        مصر لن تلغي بالضرورة اتفاق السلام. لديها اسباب أكثر وجاهة في ألا تفعل ذلك. التخوف هو ان "حلا وسطا" يتحقق في هذا الموضوع، بين الأقلية المتطرفة والاغلبية المتخوفة، سيجد تعبيره في دور مصري أكثر تشددا في القناة الاسرائيلية – الفلسطينية في ظل الاشتراط، المباشر أو الضمني، بأن استمرار وجود السلام في صيغته القائمة منوط بتقدم المسيرة السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية.

        اذا حصل هذا، ستجد اسرائيل نفسها في وضع جسيم: قدرتها على ادارة مفاوضات مع الفلسطينيين ستتضرر بشكل جوهري، وذلك لأن الاصرار على شروطها للتسوية، والازمة الكفيلة بأن تقع كنتيجة لذلك، سيجر تهديدا أو رد فعل مصري، موجه لتغيير الصيغة الحالية لاتفاق السلام. ليس اخراج السفير من تل ابيب، مثلما دلّلنا مبارك.

        تُحسن صنعا حكومة اسرائيل بالتالي اذا ما غيّرت، في ضوء هذا التطور المحتمل، طريقة "الانتظار والمشاهدة"، التي اختصت فيها في السنوات الاخيرة، وسارعت الى استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين على أساس الاقتراحات والأفكار المعروفة جيدا، ضمن امور اخرى، كي تستبق قدر الامكان ببلورة ساحة سياسية معادية في مصر. لم يعد هناك مبارك: فمتى ستفهم حكومة اسرائيل بأن الزمن كف عن "العمل" في صالحنا؟.