خبر الخيار العسكري وفي هذه الاثناء في الشرق.. هآرتس

الساعة 10:54 ص|25 فبراير 2011

بقلم: الوف بن

        (المضمون: اذا استمر أفولهما السياسي، فان نتنياهو وباراك كفيلان بالتفكير بان تسيبي لفني لن تقصف وان عملية ناجحة ستبقي الليكود – الاستقلال في الحكم. ومع ذلك، لا توجد في هذه الاثناء مؤشرات على ان نتنياهو، المتمسك حتى اليوم بسياسة "صفر المخاطر" سيتجرأ على الخروج في مغامرة الهجوم على ايران - المصدر).

        الثورات في تونس، مصر وليبيا ركزت انتباه الاسرائيليين على العرب، واثارت مخاوف وآمال جعلت الانباء المقلقة من الشرق تبقى في الظل: ايران نجحت في اصلاح المصنع لتخصيب اليورانيوم في نتناز الذي تضرر في هجوم دودة الحاسوب "ستاكسنت". أجهزة الطرد المركزي الالف التي دمرت، نحو عُشر محتوى المنشأة، استبدلت بأجهزة جديدة. المهم، هو أن الايرانيين حافظوا على وتيرة الانتاج، ويواصلون جمع اليورانيوم المخصب.

        التقارير عن نجاح "ستاكسنت" في تعطيل اجهزة الطرد المركزي، الاغتيالات بحق علماء النووي في قلب طهران، وتقدير رئيس الموساد المنصرف مئير دغان بان ايران لن تحصل على قنبلة نووية قبل 2015، خلقت الانطباع بان اسرائيل تنتصر؛ وان اعمال الاحباط، بالتداخل مع العقوبات الاقتصادية، نجحت في صد التهديد الايراني او على الاقل تأخيره عدة سنوات. الفكرة في أن تشن اسرائيل حربا وقائية وتقصف المنشآت النووية في ايران بدت غير ذات صلة. فلماذا تعريض حالة الطيارين للخطر، وكشف تل أبيب امام هجوم ايراني مضاد، اذا ما كان ممكنا تحقيق ذات النتائج من خلال بضعة سطور في برنامج الكتروني؟

        هذا الانطباع مغلوط ومتفائل في غير محله. فلا نزال لم "ننتصر"، والخيار العسكري لم يشطب عن جدول الاعمال. مؤيدوه يشرحون بان القنبلة النووية الايرانية ستغير الى الابد وجه الشرق الاوسط. بعد ايران ستأتي تركيا، مصر والسعودية، وهوية الانظمة التي ستسيطر فيها أقل اهمية من الجغرافية السياسية: لن توافق أي منها على المكانة التسيدية التي ستمنحها القنبلة لايران. هي أيضا سترغب في قنبلة. وعندما ستنتشر القنابل، سيزداد خطر انتقالها الى الارهابيين.

        هجوم اسرائيلي لا يمكنه أن يشطب المعلومات من أدمغة العلماء والمهندسين الايرانيين (اولئك الذين سينجون من الاغتيالات). ولكن  التجربة تفيد بانه من الصعب اعادة بناء منشآت نووية مدمرة. العراق وسوريا، اللذان قصفت اسرائيل مفاعليهما النووين كان بوسعهما أن يعيدا بنائهما على ساحة فارغة اخرى، ولم يفعلا ذلك، رغم أن الرسومات والحسابات كانت متوفرة لديهما (المنشآت المساعدة التي انكشفت هذا الاسبوع في سوريا بنيت بالتوازي مع المفاعل المدمر). العراق جرب مسارا سريا لتخصيب اليورانيوم لم ينضج في الوقت المناسب. وحسب ذات المنطق فان القصف الاسرائيلي لايران، والذي سيحقق تأجيلا من 3 – 4 سنوات على المشروع – يمكن أن يضع له حدا.

        التخوف في اسرائيل من مهاجمة ايران يتعلق بقدر أقل باحتمالات نجاح العملية بعيدة المدى، وبقدر أكبر بما سيحصل في الجبهة الداخلية: الاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية من حزب الله، ايران، حماس وربما ايضا سوريا ستضرب غوش دان، قواعد سلاح ومطار بن غوريون. الاقتصاد سيشل، كثيرون سيصابون، والحرب من شأنها أن تستمر سنوات. مؤيدو الهجوم لا يختلفون مع هذا التقدير. وهم يذكرون فقط بان حزب ا لله يمكنه أن يهاجم تل أبيب في كل لحظة يرغب في ذلك، بسبب حادثة نارية غير مخطط لها على الحدود، او أي ذريعة اخرى وعندها اسرائيل ستتضرر عبثا، دون أن تكون دمرت نتناز.

        الخلاف هو معالجة الموضوع الايراني قسم القيادة الامنية – الامنية في اسرائيل. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك يعتبران ذوي نزعة فعل. حيالهما وقف الوزراء دان مريدور، موشيه يعلون وسلفان شالون، وعلى ما يبدو ايضا افيغدور ليبرمان، الذين يعتبرون معتدلين في المسألة الايرانية؛ وتحالف امني – استخباري، ضم دغان، رئيس الاركان المنصرف غابي اشكناي، ورئيس شعبة الاستخبارات المنصرف عاموس يدلين. المعتدلون يفضلون دمج الضغط السياسي – العقوبات الاقتصادية والاعمال السرية على الخروج الى المعركة.

        القاسم المشترك بين كل المعتدلين، حتى رئيس الاركان ورئيس الموساد هو انهم جميعهم يؤدون مناصب استشارة. المسؤولين ملقاة على السياسيين، الجمهور والمؤرخون سيحاكمونهم اذا لم تفعل اسرائيل شيئا وتحولت ايران نووية. الحسم في الخروج الى الحرب سيلقى على عاتق نتنياهو وباراك، وليس على اعضاء محفل السباعية او على قادة الاستخبارات.

        دغان حذر علنا من الهجوم على ايران وعرض جملة مبررات. ولكن يمكن لاقواله ان يكون تفسير آخر: مع كل انجازاته في ثماني سنوات ولايته، فان دغان والموساد لم ينجحا في صد المشروع النووي الايراني. اجهزة الاستخبارات يمكنها أن تساعد، ولكن الاعمال السرية لا تحسم الحروب ولا تحل محل الضربة العسكرية. في اقصى الاحوال يمكنها أن تؤجلها.

        هجوم ناجح يستدعي الدمج السليم للقدرات، الشرعية، الدولية والتوقيت. القدرات الاسرائيلية غير معروفة. الشرعية الرسمية لن تكون، ولكن "العالم" لن يتصدى بالضرورة لاسرائيل اذا ما قصفت ايران. وحدة التنديدات ستكون، بالاحرى، على نسبة معاكسة من نجاح العملية.

        الادارة الامريكية، التي تعتبر معارضة بحزم لعملية اسرائيلية، تحذر من قول "لا" صريحة. في محادثات مع رجال القيادة الاسرائيلية، يعرض الامريكيون تقويماتهم للوضع، يتحدثون في مدح العقوبات الاقتصادية. الاسرائيليون يتحدثون عن حق الدفاع عن النفس. والطرفان يحافظان على الغموض والضبابية. الادارة لا تريد أن تعلق في علم مسبق بنوايا اسرائيل، ونتنياهو لا يسأل اسئلة قاطعة مثل "ألدينا ضوء اخضر بالعمل؟" الرسائل تنتقل بالتلميح الذي يمكن نفيه عند التورط.

        والتوقيت؟ في الشتاء لا تشن الحروب، يقول الكليشيه، بسبب السحب التي تعرقل سلاح الجو. بعد قليل سيأتي الربيع، وبعده الصيف، حين تستيقظ في الخلفية الحملة الانتخابية للكنيست القادمة. مناحيم بيغن قصف العراق عشية الانتخابات 1981، حين تنبأت له الاستطلاعات بهزيمة وخصمه، شمعون بيرس، عارض العملية (ويعارض اليوم، من كرسي الرئاسة، مهاجمة ايران). المفاعل العراقي دمر ومناحيم بيغن انتصر في الانتخابات. اذا استمر أفولهما السياسي، فان نتنياهو وباراك كفيلان بالتفكير بان تسيبي لفني لن تقصف وان عملية ناجحة ستبقي الليكود – الاستقلال في الحكم. ومع ذلك، لا توجد في هذه الاثناء مؤشرات على ان نتنياهو، المتمسك حتى اليوم بسياسة "صفر المخاطر" سيتجرأ على الخروج في مثل هذه المغامرة.