خبر الرائحة بلغت نتنياهو- معاريف

الساعة 09:30 ص|24 فبراير 2011

الرائحة بلغت نتنياهو- معاريف

بقلم: روبيك روزنطال

 (المضمون: إن المبادرة الى التحقيق مع منظمات اليسار في اسرائيل المتهمة بالحصول على تمويل من الخارج تُذكر برائحة المكارثية المنسية حتى إن أكثر اعضاء كتلة الليكود البرلمانية قد شعروا بها واستنكروها - المصدر).

إستقر رأي نتنياهو على تذويب أمر لجنة التحقيق في شأن الانفاق على منظمات اليسار بواسطة حرية التصويت. وتعليل ذلك أن "العالم لن يقبل هذا"، بل "سنكون مُقصين في العالم". يصعب ان نقول ان العالم يقبل شيئا ما من افعال اسرائيل في عهد نتنياهو – ليبرمان، ويبدو أن قرار نتنياهو تأثر أكثر بفقدان تأييد الكتلة البرلمانية. مع كل ذلك، اذا ترك ليبرمان حكومته وعندما يفعل ذلك، فسيضطر نتنياهو الى الاستمرار في العمل مع جدعون ساعر ولن نذكر دان مريدور وبيني بيغن وروبي ريفلين. وقد أصبح ميكي ايتان منذ زمن في معارضة داخلية، لكنه مع الباقين له احتمال أن يتوصل الى اتفاقات في يوم عاصف.

        السؤال ما الذي يفكر فيه نتنياهو في هذه القضية، ولماذا لم يفهم ما فهمه ساعر ومريدور وريفلين. والسؤال هو لماذا كانت لجان التحقيق هذه التي لن تنشأ كما يبدو سببا آخر عادلا هذه المرة للهجوم على اعمال دولة اسرائيل وصبغتها. والسؤال لماذا لم يفهم نتنياهو انه قد اجتيزت بهذا القرار خطوط خطرة في اللحظة التي أُثير فيها، ولماذا رآه الى ما قبل يومين مجرد عظم غير مهم يطرحه لليبرمان الغاضب.

        عرض مؤيدون مختلفون لفكرة لجنة التحقيق الاقتراح باعتباره سعيا الى "الشفافية" و"حق الجمهور في المعرفة". واحتج محرر ملحق في احدى الصحف على أن "وسائل الاعلام" و"اليسار" تناضل على نحو عام من اجل حق الجمهور في المعرفة، وهي في شأن لجان التحقيق خاصة تهب لمعارضة المبادرة التي ستجعل الجمهور "يعرف". فليكن واضحا اذا أن ليس الحديث هنا عن "شفافية". إن الشفافية في الحقيقة قيمة أساسية في الديمقراطية وفي الاعلام الحر ايضا. كان من المناسب انشاء اجهزة تُمكّن بل تلزم جهات عامة وسياسية الكشف عن مصادر تمويلها. والحديث عن جميعها من "اذا شئتم" الى "بتسيلم".

        قبل كل شيء من المناسب ان تفعل المنظمات أنفسها ذلك، بل إن عددا من منظمات اليسار فعلت ذلك بموازاة اقتراح انشاء اللجان. يمكن ان تكون هذه الاجهزة بوساطة تحقيق اعلامي مختص في اماكن يُرتاب فيها ارتيابا حقيقيا بوجود تمويل غير قانوني. وقد تم هذا في الماضي ايضا ولا سيما فيما يتعلق بالساسة. اذا وجد ارتياب حقيقي كهذا فمن واجب الشرطة أن تحقق. توجد اجهزة وينبغي ان تعمل، لكن لا ينبغي ان توجد لجنة تحقيق برلمانية، في كنيست يمينية، تتوجه على مجموعة محددة معروفة من المنظمات التي تشايع اليسار، مع عرضها تلميحا أو بأكثر من التلميح بأنها عدو للدولة والمشروع الصهيوني.

ما كان يفترض ان تحقق اللجان في نشاط غير قانوني، لانه يوجد من اجل ذلك كما قلنا جهات قضائية لتطبيق القانون، ومن المؤكد أن هذا ليس من عمل الكنيست. كان يفترض ان تحقق في نشاط يُعرّف بأنه "غير وطني"، من مصادر تُعرّف بأنها "معادية". من هو غير الوطني؟ من يعتقد ليبرمان انه غير وطني. وما هي الجهة المعادية؟ يبدو انها كل جهة لا تستحسن سياسة اسرائيل في المناطق، في أنحاء العالم، ولا تلائم نفسها لبرنامج العمل الجارف المكشوف لليبرمان، ولتصوره العام ذي البعد الواحد لمسألة "من هو الوطني".

شيئا فشيئا ينبعث عن هذه المبادرة منذ اللحظة التي خرجت فيها لهواء العالم الرائحة المنسية المعيبة للمكارثية: فثم لجان مُشرّعين منحازة، وأعداء مُعلَمون، واتهام بعدم الشعور الوطني. انبعثت الرائحة وانبعثت حتى إن أكثر اعضاء كتلة الليكود البرلمانية شعروا بها. وشعر بها ليبرمان ايضا بطبيعة الامر، لكن الرائحة عطّرته. نتنياهو وحده هو الذي لم يشم شيئا. إن الخوف من ليبرمان سد أنفه، وخطابة ليبرمان أنسته الذاكرة التاريخية التي جمعها ربما في بيت والده وربما في حياته في الولايات المتحدة التي جربت المكارثية. وربما مع كل ذلك بدأ يشعر بغثيان طفيف من الرائحة وبشيء من الصداع، وغيّر موقفه قبل لحظة من القيء. بقي ليبرمان مع داني دانون، واستمرت الحكومة تَعُد نهايتها عدّا تنازليا.