خبر لنتحدث مع العدو السفير والشيخ..يديعوت

الساعة 11:45 ص|23 فبراير 2011

بقلم: أفرايم هليفي

قبل نحو اسبوعين القت وزيرة الخارجية الأمريكية كلمة أمام الجمعية للشؤون الاسيوية في واشنطن، وهكذا قالت: "اعرف بان نزعة المصالحة مع خصم متوحش مثل طالبان تبدو كفعل بطعم كريه، بل ربما فعل لا يفهم. مهمة الدبلوماسية كانت سهلة لو كنا مطالبين بان نتحدث فقط مع اصدقائنا، ولكن ليس هكذا يصنع السلام. الرئيس ريغان فهم هذا عندما تحدث مع السوفييت، وريتشارد هولبروك جعل هذا مشروع حياة. فقد أدار مفاوضات مع ميلوسفتش وجها الى وجه، وهكذا أدى الى نهاية الحرب".

        تذكير: هولبروك، اليهودي ابن المهاجرين الذين نجحوا في الفرار من اوروبا عشية الحرب العالمية الثانية، توفي قبل عدة أشهر في ذروة جهد أمريكي متجدد لاقامة قناة حوار مع طالبان، بينما لا يزال الجنود الامريكيون يسقطون في معارك مريرة مع هؤلاء المخربين الافغان، في وسط آسيا.

        بداية طريقه شقها هولبروك في فيتنام حيث توقع الهزيمة الاكبر للولايات المتحدة في كل تاريخها. درس تلك العهود خط في ذاكره: قوة من أكثر من نصف مليون جندي تراجعت أمام قوات العصابات وكان الامريكيون احتاجوا الى أكثر من خمس سنوات من المفاوضات كي يغلقوا هذا الملف الاليم والمهين، ويهودي أمريكي مخلص آخر، هنري كيسنجر نال جائزة نوبل للسلام على دوره في المفاوضات.

        هولبروك، الذي عمل كسفير في الامم المتحدة، في ألمانيا وغيرها، اعترف به كأحد عظماء السلك الدبلوماسي وكرجل شجاع وابداعي لا مثيل له. اوباما رأى فيه مرشدا حتى عندما اختلفا في الرأي، ولكن في موضوع ضرورة الحديث مع العدو اللدود اتفقا.

        من يرغب في أن يفهم خلفيات خطوات اوباما بالنسبة للشرق الاوسط والعالم الاسلامي بشكل عام، سيخطىء اذا ما عزاها فقط للفهم المميز لهذا الرئيس الاستثنائي. فمنذ صعدت حركة الاخوان المسلمين الى منصة التاريخ تطلعت الولايات المتحدة للحفاظ على اتصال بصري معها، وقبل نحو اسبوعين نشرت صورة مجموعة زعماء مسلمين حلوا ضيوفا على الرئيس الجمهوري آيزنهاور في الغرفة البيضاوية في 1953. شخصية بارزة في الصورة كان ابن مؤسس حركة الاخوان، حسن البنا، وينبغي الافتراض بان الامريكيين حافظوا كل السنين على اتصال مع هذه الحركة.

        أحد الزعماء الروحانيين، الشيخ يوسف القرضاوي، الذي عاد في المنفى في قطر، استضاف غير مرة شخصيات امريكية، بينهم دبلوماسيون كبار كان عملهم المركزي ينصب على الشرق الاوسط. وهذا هو ذات القرضاوي الذي وقف في ميدان التحرير في القاهرة يوم الجمعة، وتحمس ضد اسرائيل.

        في العام 2009 قال القرضاوي في مقابلة تلفزيونية ان اليهود ارتكبوا خطيئة فادحة بفسادهم، وهتلر أجاد حين عاقبهم على جرائمهم. وأعرب عن الامل في أن يحظى قبل موته بالحج الى الحرم، حتى ولو بكرسي مقعدين، وهو يحمل آلة اطلاق نار كي يذبح اليهود.

        الامريكيون يعرفون بانه يتعين عليهم أن يتصدوا له ولحركته، ويجب السماح لهم بالاستعداد لذلك. اضافة الى انهم يتقاسمون معنا القيم السامية والمصالح الاستراتيجية المصيرية، فانهم مطالبون باعداد الادوات التي يمكنهم من خلالها ان يؤدوا دورهم كحراس العالم الحر.

        يحصل أن يخطىء الامريكيون اخطاءا مريرة، بما في ذلك بالطريقة التي عملوا فيها حيال الانباء التي كانت في أيديهم في عهد الكارثة ولكن المسؤولية التي يحملونها على كاهلهم تجعلهم أيضا يقومون بافعال استثنائية من التعاون غايتها ان تضمن لاسرائيل المستقلة ذاك التفوق النوعي في ميادين المعركة.

        حين خطب القرضاوي في الميدان، طلب المهندس الشاب من شركة "غوغل" الصعود هو ايضا الى المنصة، ولكن رجال الشيخ منعوه من ذلك. أحداث مصر 2011 لا تزال في بدايتها، والصراع الداخلي فيها لا يزال بعيدا عن الحسم. اذا ما عملت الولايات المتحدة، اسرائيل ودول عديدة اخرى بحكمة، برباطة جأش وبأصالة، فان القرضاوي واشباهه سيقضون نحبهم الجسدي والروحي بعيدا عن الحرب.