خبر عصر جديد في الامم المتحدة -هآرتس

الساعة 09:14 ص|22 فبراير 2011

عصر جديد في الامم المتحدة -هآرتس

بقلم: شلومو شمير - نيويورك

(المضمون: نشوء عصر جديد في الامم المتحدة تجد اسرائيل نفسها معه في عزلة تواجه دول العالم كلها التي تؤيد حق الفلسطينيين في التنديد بالمستوطنات وانشاء دولة مستقلة - المصدر).

        بزغ عصر جديد في ساحة الامم المتحدة في كل ما يتعلق بالصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. ستميز قواعد لعب مختلفة منذ الآن فصاعدا نقاشات الصراع، التي ستجري في المستقبل في مجلس الأمن. والأهم والأخطر من جهة اسرائيل: انه في الجهة الوحيدة في الامم المتحدة التي لها صلاحية فرض قراراتها بالقوة، يتشكل على نحو عاجل ميزان قوى جديد، وينشأ تقاسم تأثير جديد بين الولايات المتحدة ونظيراتها العضوات في منتدى خمس الدول دائمة العضوية صاحبة حق النقض.

        كانت النتيجة الاولى التي أثمرها هذا العصر الجديد اقتراح القرار الفلسطيني التنديد بالمستوطنات. وبرغم انه أُحبط بالتصويت في مجلس الامن بواسطة الفيتو الامريكي، فانه نُقش في تاريخ المجلس على انه حادثة آسرة ونموذج يحتذى في المستقبل. الحديث في الحقيقة عن اجراء عقيم من جهة دبلوماسية، لكنه تكمن فيه آثار سياسية مهمة، سيُشعر بها قريبا في اجراءات اتخاذ القرارات في الامم المتحدة، ولا سيما في مجلس الامن، في شأن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

        كانت التي لحظت فورا معنى احباط المبادرة الفلسطينية هي سفيرة البرازيل في الامم المتحدة، ماريا فيوتي، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجلس. فقد قالت في حديث الى مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" إن "القرار كان يفترض ألا يقرر ان المستوطنات عقبة للسلام فقط بل ان يرسل رسائل مهمة عاجلة". احداها كما قالت هي ان "تجميد البناء في المناطق يُعرض خطأ باعتباره تنازلا اسرائيليا وليس هو في واقع الامر إلا طاعة للقانون الدولي".

        إن ما هيأ لانقلاب في التوجه الى الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني في نيويورك هو الفراغ الذي انشأه عدم وجود تفاوض بين الطرفين. إن علم العضوات الرائدات في الامم المتحدة بالقطيعة المطلقة التي سادت بين البيت الابيض ورئيس حكومة اسرائيل أنشأ أمزجة جعلت الشأن الفلسطيني في رأس سلم اهتمامات الجماعة الدولية تقريبا، وجعلت مركز الامم المتحدة دفيئة لدفعه الى الأمام.

        إن غياب حسني مبارك عن المنصة عزز الرفض الذي أبداه الفلسطينيون ازاء توسلات الامم المتحدة أن يُزيلوا اقتراحهم عن برنامج العمل. يتفق الجميع في الامم المتحدة على أن عدم وجود مبارك – باعتباره عاملا مُعدلا يساعد على تهدئة النفوس في الازمات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية – هو ضربة شديدة للدبلوماسية الامريكية ويُضعف مكانتها باعتبارها عاملا مؤثرا في علاج الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني.

        "في حالات احتكاكات مع السلطة اعتادت الولايات المتحدة التوجه الى مبارك، الذي سارع الى تقديم مساعدته. هذه المرة، وبازاء العناد الفلسطيني في عدم التخلي عن اقتراح التنديد بالمستوطنات، لم يكن للادارة من تتوجه اليه"، شكا دبلوماسي مقرب من الوفد الامريكي. "سيصعب على الولايات المتحدة من غير مبارك حماية اسرائيل من ضغوط دبلوماسية"، قال محلل رفيع المستوى في مقالة في موقع الصحيفة الاسبوعية "تايم".

        من الواضح، وهذا ما يظهر ايضا من تصريحات سفراء الدول الاعضاء في مجلس الامن من وراء ستار، أن تأييد بريطانيا وفرنسا للاقتراح الفلسطيني يشكل تطرفا ذا شأن لمواقف الاتحاد الاوروبي المتعلقة باسرائيل. إن انفصال القوتين الغربيتين عن الولايات المتحدة في التصويت فُسر في نيويورك بأنه رسالة واضحة تُنبيء بنية الاتحاد الاوروبي ومطمحه الى زيادة مشاركته السياسية، قصدا الى الاندماج كجهة رائدة في تقديم المسيرة السلمية في الشرق الاوسط.

        من جهة اسرائيل، النتيجة المهمة للدراما التي حدثت من وراء ستار مجلس الامن هي أن المستوطنات تم إقرارها على نحو نهائي باعتبارها المشكلة الرئيسة الجوهرية التي تعوق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ولن يتم استيعاب أي زعم اسرائيلي يلقي مسؤولية الجمود على الفلسطينيين، في الامم المتحدة.

        إن حقيقة أن نحوا من 130 دولة عضوا قد ضمت توقيعاتها كاشبينات لمسودة القرار الفلسطيني تم تصويرها في نيويورك بأنها "عودة عامة" الى المقام الذي يُعلن فيه انشاء دولة فلسطينية، في الجمعية العامة للامم المتحدة في أيلول.