خبر سلبوا الشعب- معاريف

الساعة 09:44 ص|21 فبراير 2011

سلبوا الشعب- معاريف

بقلم: عميت كوهين

(المضمون: منذ بداية التسعينيات بدأت مصر تبيع الشركات الحكومية لمستثمرين خاصين. وقد بيعت الشركات باسعار متدنية الامر الذي أثار موجة تخمينات عن الرشوة والمصالح الشخصية. ويقول احمد النجار، الاقتصادي المصري ان "الخصخصة كانت عملية الفساد الاكبر في التاريخ المصري" - المصدر).

على مدى السنين تلقى مبارك راتبا شهريا متواضعا. 4.750 جنيه مصري، نحو 800 دولار، هذا كان راتب رئيس مصر الكبرى. في نهاية الاسبوع، عندما انتهت المرحلة الاولى من تجميد أملاكه، أعلنت حكومة سويسرا بان في حسابات مبارك عثر حتى الان على عشرات ملايين الدولارات. في مصر يعرفون بان هذه المبالغ هي مجرد طرف الجبل الجليدي، ولكن لما كان التحقيق في مال الرئيس المنحى يجريه الجنرالات، فمشكوك ان تكتشف في أي وقت من الاوقات المبالغ الضائعة المقدرة بالمليارات.

        مال عائلة مبارك، الذي تجمع في اثناء ثلاثة عقود من الحكم، ليس معروفا. حسب تقديرات متدنية من محافل سياسية أمريكية يدور الحديث عن اثنين – ثلاثة مليار دولار. التقديرات العالية تصل الى مبالغ خيالية – 40 حتى 70 مليار دولار. تقرير المعارضة قبل خمس سنوات يدعي بان مال مبارك يقدر بنحو 55 مليار دولار. وجاء في التقرير بان "هذه الاموال محفوظة في حسابات سرية في الولايات المتحدة، في سويسرا، في فرنسا، في ايطاليا، في السعودية وفي الامارات".

        "من الصعب جدا تقدير مال العائلة"، يقول الاقتصادي المصري احمد النجار. مبارك ومقربوه، مثل طغاة آخرين، حرصوا على أن يخفوا جيدا املاكهم، بالضبط بسبب سيناريوهات الثورة.

        التقدير السائد في مصر هو أن ابناء عائلة مبارك يحوزون على عقارات كثيرة خارج الدولة، ولا سيما في الولايات المتحدة وفي بريطانيا. ومع ذلك، ملك واحد فقط عثر عليه حتى الان خارج مصر: بيت سكني في بريطانيا، سكن فيه الابن جمال حين كان يعمل في لندن. هذا الملك اشترته شركة بنمية وهمية لتشويش هوية المالك. حسب تقديرات اخرى، فان قسما من المال محفوظ في حسابات في سويسرا. وحسب تقرير البنك المركزي في سويسرا، ففي العام 2009، احتفظ في البنوك في الدولة قرابة 4 مليار دولار تعود الى مواطنين مصريين. هويتهم لم تكشف بسبب قوانين الحصانة السويسرية ولكن في مصر يعتقدون بان على الاقل قسما كبيرا منها تعود الى عائلة الرئيس المنحى.

        وردت سويسرا بسرعة قصوى على تداول الحكم في مصر. طالما كان مبارك رئيسا، ما كان بوسع سويسرا ان تفعل شيئا ضده. بعد ساعتين فقط من بيان الاعتزال الدراماتيكي، امرت حكومة سويسرا كل البنوك بالعثور والتجميد لكل املاك مبارك واملاك عشر شخصيات اخرى، من أقرباء العائلة ومقربيهم. وجاء في البيان ان "خوفا من استخدام غير مناسب لمال الدولة المصرية". وفي نهاية الاسبوع افاد أدريان سولبيغر، المتحدث بلسان وزارة الخارجية السويسرية بان حتى الان عثر على عشرات ملايين الفرنكات السويسرية في الحسابات المتماثلة مع مبارك.

        ومع ذلك لمصادرة الاملاك ستضطر الحكومة المصرية الجديدة الى المطالبة باستعادة الاموال. وأمس أوضح احمد شفيق، رئيس الحكومة الانتقالية بان معالجة اموال مبارك توجد بمسؤولية المجلس الاعلى للجيش. وتملص شفيق من مسألة هل اتخذت اجراءات للعثور على هذه المبالغ المالية. فادعى في لقاء مع محرري الصحف المصرية: "لم أسمع عن أي اجراء. ولم أطلع على أي شيء في هذا الاطار. أعرف فقط ما رأيته في الصحف وفي وسائل الاعلام".

        في مصر يخشون من ألا يرغب قادة الجيش – من الموالين السابقين لمبارك – في التعمق في التحقيق في الفساد خشية أن يؤدي الامر اليهم ايضا. ومع ذلك، فان عشرات الوزراء السابقين، الموظفين الحكوميين ورجال الاعمال يوجدون منذ الان تحت التحقيق ومحظور عليهم مغادرة مصر. وقال جورج اسحق من قادة منظمات الاحتجاج المدني اننا "فتحنا كل الملفات. سنفحص كل شيء وسنفحص الجميع. عائلات الوزراء، عائلة الرئيس. الجميع".

        ويأمل قادة المعارضة بان ينجحوا بوسائل التحقيق هذه في الوصول الى املاك مبارك وابنيه علاء وجمال. وتدعي المعارضة بان الرجلين انشآ شبكة متفرعة من المال والسلطة، سلبت بمنهاجية اموال الدولة. ويقول البروفيسور سمير سليمان، المحاضر في الاقتصاد في الجامعة الامريكية في القاهرة ان "فساد عائلة مبارك لم يجد تعبيره في سرقة ميزانية الدولة. فقد جعلوا المال السياسي مالا خاصا".

        منذ بداية التسعينيات بدأت مصر تبيع الشركات الحكومية لمستثمرين خاصين. وقد بيعت الشركات باسعار متدنية الامر الذي أثار موجة تخمينات عن الرشوة والمصالح الشخصية. ويقول احمد النجار، الاقتصادي المصري ان "الخصخصة كانت عملية الفساد الاكبر في التاريخ المصري".

        وحسب احدى وثائق المعارضة فان نجلي مبارك حرصا على تعيين وزير شؤون الاستثمار كي يقود عملية الخصخصة. وجاء في التقرير "انهما باعا املاك الدولة بقروش لرجال اعمال موالين للعائلة الحاكمة"، وذلك على سبيل المثال الذي يجسد كيفية تحقق السلب. وهكذا مثلا زعم ان الحكومة باعت لاحد مقربي جمال شركة انتاج مداخيلها السنوية بلغت مليار جنيه مصري، مقابل خمسين مليون جنيه مصري فقط. هذا المبلغ ايضا كما يتبين، لم يدفع بكامله. بعد خمس سنوات من ذلك باع رجال الاعمال الشركة الى هاينكن مقابل مبلغ اعلى تقريبا بـ 1.8 ضعفا – 40 مليار جنيه.