خبر أوباما يضع عباس على مذبح الانحياز الأميركي ل« إسرائيل » ..شاكر الجوهري

الساعة 08:17 ص|20 فبراير 2011

أوباما يضع عباس على مذبح الانحياز الأميركي ل"إسرائيل" ..شاكر الجوهري

لعب الحراك الشعبي العربي دوراً مهماً في دفع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية نحو عدم قبول العرض الهلامي الجديد الذي قدمه له باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأميركية، عبر اتصال هاتفي استمر أكثر من ساعة يوم الخميس الماضي، وعشية مناقشة مجلس الأمن الدولي لمشروع القرار العربي الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وخاصة في القدس.

 

مشروع القرار العربي ينسجم تماماً مع قرارات الشرعية الدولية، التي ترفض الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967، وتعتبره غير مشروع، كما ينسجم مع الموقف الأميركي المعلن، الذي يرفض هذا الاستيطان، ولذا، فقد حظي بتصويت جماعي من قبل الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، شذت عنه فقط الولايات المتحدة الأميركية.

 

سبب الشذوذ الأميركي يعود إلى ضعف الإدارة الأميركية بمواجهة المعادلة الداخلية في الولايات المتحدة، التي ينفرد فيها اللوبي الصهيوني بتأثير حازم، لجهة تكريس الانحياز الأميركي غير المبرر إلى جانب الولاية الأميركية الثانية والخمسين (إسرائيل).

 

الرئيس الأميركي الذي طالب أنظمة حكم عربية التصرف بعد الحدث التونسي، على نحو مختلف عما كان عليه الحال قبل هذا الحدث، تصرف من جهته بعد الحدثين التونسي والمصري، تماماً كما كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة تتصرف قبلهما.

 

غير أن حلفاء الولايات المتحدة داخل النظام العربي لا يستطيعون التصرف الآن، كما كانوا يتصرفون في الأمس..!

 

محمود عباس وجه دعوة عاجلة لعقد اجتماع طارئ لـ "القيادة الفلسطينية" المشكلة من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة "فتح"، يوم الجمعة من أجل اتخاذ قرار جمعي يحصن موقفه بمواجهة الضغوط الأميركية.

 

عباس صمم على متابعة الشوط إلى مداه..

 

فعل ذلك لأنه بدأ يفقد الأمل في صدقية الإدارات الأميركية والإسرائيلية.

 

الفلسطينيون يعيشون أيضاً مرحلة ما بعد سقوط زين العابدين بن علي وحسني مبارك..!

 

وبلغة أخرى، الرئيس الأميركي الذي سبق له التراجع عن وعد صدر عنه بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لا تمكنه المعادلة الداخلية الأميركية من تمرير مشروع القرار العربي الذي يدين "إسرائيل"، وهو القرار الذي توجبه على عباس المعادلة الداخلية الفلسطينية، بعد كشف وثائق دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وما استوجبه ذلك من استقالة الدكتور صائب عريقات رئيس هذه الدائرة؛ وسقوط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي كان يشكل الركيزة الأساسية الداعمة للسلطة الفلسطينية، واتساع نطاق المسيرات الشعبية المطالبة بالتغيير على امتداد خارطة الوطن العربي.

 

غير أن أوباما الذي لا يستطيع تمرير القرار الذي يراه عباس صمان أمان له، بمواجهة التغيرات الجارفة في العالم العربي، يفترض أنه لا يستطيع في ذات الوقت استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار الفلسطيني..!

 

فأوباما يدرك أن استخدام الفيتو الأميركي لمصلحة "إسرائيل"، يعني مزيداً من التحفيز للجماهير العربية، كي تصعد من وتيرة احتجاجاتها على أنظمة الحكم الحليفة للولايات المتحدة الأميركية. وواشنطن، يفترض أنها لا تحتمل سقوط المزيد من الأنظمة الحليفة بعد نظامي زين العابدين بن علي، وحسني مبارك.

 

بل إن الإدارة الأميركية يفترض أنها أصبحت تدرك أن مزيداً من الانحياز ل"إسرائيل"، يؤدي إلى خسران المزيد من الحلفاء العرب، عبر التسبب في إسقاط أنظمة حكمهم، على النقيض تماماً من المهمة الأميركية الموكلة ل"إسرائيل"، والمتمثلة في الحفاظ على المصالح الأميركية في المنطقة العربية.. النفط، وأنظمة الاعتدال العربي.

 

واستطراداً.. "إسرائيل"، واللوبي اليهودي الداعم لها في الولايات المتحدة الأميركية، يضعان مصلحة الدولة الصهيونية قبل مصلحة وحسابات أميركا..

 

والإدارة الأميركية تضع مصلحتها قبل مصلحة حلفائها العرب، بل وكذلك قبل مصلحة الولايات المتحدة ذاتها..!

 

وفي الوقت الذي تتطلب فيه مصلحة محمود عباس الشخصية أن يعمل على تحسين صورته أمام الرأي العام الفلسطيني قبل فوات الأوان، تطلب إدارة أوباما منه أن يقدم تنازلات جديدة تحت وطأة الضغوط الأميركية، تقدم إليه على شكل مقترحات مهمتها الحقيقية استهلاك الوقت الفلسطيني، والإمعان في صنع الاحتقان الشعبي، المقترب من لحظة الانفجار.

 

كاتب وصحفي فلسطيني - الأردن

 

 صحيفة الوطن العمانية