خبر الثورة... وخيار المقاومة... محمد كعوش

الساعة 08:16 ص|20 فبراير 2011

الثورة... وخيار المقاومة... محمد كعوش

ما حدث في تونس كان شرارة أحدثت نصف ثورة, فقد رحل الرئيس بن علي ولكن ظلت بطانته ممسكة بقيادة الحكم والسلطة حتى الآن...

 

ولكن في مصر حدثت ثورة كاملة لأن شباب الثورة وقادة الأحزاب المعارضة لم يتوقفوا عند حدود إسقاط الرئيس بل ظلوا متمسكين بقراراتهم التي تطالب بإسقاط النظام ورموزه, ويتابعون خطوات التحول والتغيير من ميدان التحرير حتى تحقيق آخر مطلب لهم...

 

تعلّم قادة ثورة شباب مصر من أخطاء الثورة في تونس فسدوا كل الثغرات التي يمكن لرموز العهد السابق التسلل منها إلى السلطة مرة أخرى وإفشال الثورة أو احتوائها أو الالتفاف عليها أو الغدر بها...

 

ما حدث لم يكن ثورة يسارية أو يمينية أو دينية بل ثورة شعبية بكل ما تعني الكلمة أشعلها شباب مصر وشارك فيها المجتمع المصري بكل طوائفه الدينية وأطيافه السياسية وفئاته الاجتماعية لذلك نجحت الثورة وستتابع خطواتها بثبات بعد ولادة مصر الجديدة من أجل القضاء على كل معاقل الاستبداد والفساد في ظل حكم ديمقراطي حقيقي تكون فيه السيادة للشعب...

 

وما حدث في تونس ومصر وما بعدهما يشير إلى يقظة عربية شاملة تمثل المشروع النهضوي العربي الجديد بعد عقود من الموات السياسي والفساد الاقتصادي والاجتماعي والاستبداد السلطوي في ظل الحاكم الأبدي...

 

يقابل هذا النهوض المتسارع للأمة قلق في "إسرائيل" وارتباك في دول الغرب تلك الدول التي دعمت ديكتاتوريات عربية أسوأ من حكم الجنرالات في أمريكا اللاتينية...

 

الآن إذا كانت هذه الدول تريد التكفير عن أخطاء وخطايا الماضي يجب أن تقدم الدعم والمساعدة والمساندة للأنظمة الديمقراطية العربية الناشئة والتي هي قيد التشكل الآن تباعاً. ويجب أن تتعاون معها كي لا تكسب عداء شعوبها. وإن كانت الولايات المتحدة قد قرأت حركة التغيير قراءة خاطئة فأظهرت موقفاً متردداً رجراجاً هلامياً مجاملاً, لأنها لا تزال منحازة إلى جانب "إسرائيل" بالكامل, ولأنها تعلم علم اليقين بأن المشروع النهضوي العربي الذي انطلقت شرارته من تونس وتكوّن في مصر لينطلق منها إلى باقي الدول, هو ليس في صالح "إسرائيل" وهيمنتها وسطوتها وعربدتها...

 

واشنطن تعرف الآن أن القضية الفلسطينية ستعود إلى قواعدها العربية لتصبح جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وقضية العرب المركزية.

 

لذلك استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي. هذا القرار الأمريكي المثير للاشمئزاز نسف كل المزاعم الأمريكية حين قالت الإدارة الأمريكية أن الاستيطان غير شرعي في وقت ما مضى.

 

هذا الموقف الأمريكي العدائي يتطلب وقفة فلسطينية لإعادة الحسابات ولفتح ملف المصالحة من جديد, وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني من جديد في ضوء المتغيرات في المنطقة, وربما نقول إن الأبواب أصبحت مفتوحة أمام خيار المقاومة أيضاً بعدما سدت "إسرائيل" كل الأبواب أمام عملية السلام...

 

صحيفة العرب اليوم الأردنية