خبر زهقنا.. فهل من يسمع ويعي؟!! ..حسن دوحان

الساعة 05:24 م|19 فبراير 2011

زهقنا.. فهل من يسمع ويعي؟!! ..حسن دوحان

باحث وصحفي

إن المتابع للشأن الفلسطيني يصاب بحالة من عمى الألوان من كثرة التصريحات الإعلامية المطالبة والمؤيدة لإنهاء الإنقسام الفلسطيني، ولكنها دعوات ملها المواطن الفلسطيني بل وبات يتعامل معها بلا اكتراث..

ومما يزيد الأمر مرارة في النفس أن حالة اللامبالاة لدى المواطن الفلسطيني التي أفرزتها حالة الإنقسام اللعينة إنعكست أيضاً في تعاطيه وتناوله لقضاياه المصيرية والمهمة كقضايا القدس والاستيطان والأسرى وغيرها، وكأن أطراف الصراع الفلسطيني الداخلي يتناغمون بكل تأكيد بلا قصد مع ما تسعى إليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من خلق حالة عدم إكتراث بإجراءاتها ومخططاتها لتمريرها بكل هدوء كما حدث ويحدث لمدينة القدس من تهويد ومصادرة وعمليات تهجير مبرمجة لأهلها ازدادت حسب الإحصائيات عشرات الأضعاف خلال سنوات الإنقسام الفلسطيني..

كل ذلك يحدث ولا زالت الأطراف الفلسطينية المتصارعة على السلطة والمال والنفوذ تعمل لتسجل الأهداف في مرمى الأخر، غير عابئة بمعاناة المواطنين وأحلامهم ومستقبلهم، ففي الضفة الغربية تعمل حكومة د. سلام فياض لإثبات جدارتها بإنشاء المشاريع وإنعاش الاقتصاد، وفي المقابل يعيش قطاع غزة أثار الحصار عدا عن بعض المشاريع التي باتت حكراً لفريق بعينه فالمستفيدين بالجانبين يكونون الثروات ولا يعبئون بالمصالحة وهموم الوطن والمواطن حتى بات المواطن والشباب في قطاع غزة يشعرون بالغربة في وطنهم ويسعون بكل السبل للهجرة..

إن هذا التفكير العقيم في التعاطي مع قضايا وهموم الشعب والشباب بات ينذر بتفجر ثورة المصالحة وهو ما بات واضحاً على الفيسبوك حيث لم يجد الشباب طريقة للتعبير عن همومهم وقضاياهم في ظل حالة القمع للحريات سوى التواصل عبر الفيسبوك والدعوة لإعتصامات للضغط على أطراف الصراع الفلسطيني لإتمام المصالحة وإنهاء الانقسام..

وما يدمي القلب ويزيد الأحزان والأوجاع أن تقابل تلك الدعوات النبيلة والصادقة من الشباب بضرورة إنهاء الانقسام بمحاولة لتكميم الأفواه من خلال ابتداع صفحات بنفس الأسماء للحد من انتشارها وتبني دعواتها للإعتصام والتظاهر، بل ومطاردة القائمين على تلك الصفحات كما حدث مع صفحة نداء الوطن، وكأن الانقسام بات قدراً إلهياً لا يمكن تغييره فهل تعي الأطراف المطاردة لصوت الشعب أن ما حدث في مصر وتونس قد يتكرر إذا لم تحسن التعامل مع صوت الشعب وتستمع إلى طلباته بإنهاء الانقسام قبل أن يفقد الجميع شرعيته..

وبينما تقود مجموعات من الشباب حالة الحراك من اجل إنهاء الانقسام تغرق مكونات مجتمعية أخرى وهي الفصائل بكل تأكيد ومؤسسات المجتمع المدني في البحث عن انجازات لها لدى الحكومتين في الضفة وغزة، فهل أصبحت الفصائل والأحزاب تبعاً للحاكم بغض النظر عن هويته؟ وأين دورها في الدفاع عن قضايا الوطن وهموم المواطنين؟

لقد مل شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات الشعارات التي لم تتحقق، وما يريده أن يرى تلك الفصائل بما فيها طرفي الصراع فتح وحماس أن تخرج من تحت عباءة الاملاءات الخارجية لتشكل الإرادة الفلسطينية وتحمي وتدافع عن القرار الفلسطيني المستقل..

إن الفصائل كافة بما فيها اليسارية والإسلامية كالجهاد الإسلامي والقومية والشخصيات المستقلة والمثقفين والعلماء جميعاً مطالبون للخروج برؤية توحد الشعب وتنهي الإنقسام، وإلا فان التاريخ لن يصفها إلا بالتخاذل ومغازلة الحكام والتخلي عن شعوبها..

فنحن لسنا بحاجة لوسطاء إقليمين أو دوليين من اجل إنهاء الصراع الفلسطيني الفلسطيني، بقدر ما نحتاج للإرادة ولقيادات قادرة على صنع التاريخ واتخاذ القرارات الجريئة بعيداً عن الحسابات والصراعات الدولية والإقليمية التي مل شعبنا دفع أثمانها..

وما نتمناه ألا تكون الفصائل الفلسطينية فقدت البوصلة، وفقدت معها القرار والإرادة لإنهاء الإنقسام لصالح العوامل الخارجية، ليس عيباً أن نلجأ للأشقاء العرب والمسلمين لرعاية ودعم أي إتفاق فلسطيني داخلي ولكن بعد الوصول له وتوقيعه أولاً، ودون أن يكون العامل الإقليمي شرطاً لإنجاز المصالحة، ففي ظل عواصف التغيير في المنطقة لم يعد أي طرف عربي أو إسلامي مؤهل لرعاية الحوار الفلسطيني، ولذلك لا بد من الإعتماد على سواعدنا وأن تتحرك الفصائل وخاصة الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية والشخصيات المستقلة لرعاية إستكمال الحوار الفلسطيني الداخلي، مع يقيني بأن طرفي الصراع ليسوا بحاجة لوسطاء إذا إمتلكوا الإرادة الحقيقة ولكن دور الفصائل سيكون محركاً وشاهداً.

وأخيراً يبقى القول الفصل "زهقنا" فهل من يسمع ويعي؟!!