خبر منظمة حقوقية تفتح ملف استشهاد هيثم عمرو مجددا وتحرج السلطة

الساعة 11:02 ص|17 فبراير 2011

منظمة حقوقية تفتح ملف استشهاد هيثم عمرو مجددا وتحرج السلطة

فلسطين اليوم-وكالات

قالت منطمة "هيومن رايتس ووتش " إن على رئيس السلطة محمود عباس أن يأمر بتحقيق مستقل في حالة وفاة هيثم عمرو؛ الذي توفي تحت تعذيب الأجهزة الأمنية قبل 18 شهراً، و فشل تحقيق جنائي وتحقيق آخر لاحق بمعاقبة أي شخص على وفاته.

وفي مقابلات حديثة أجرتها "هيومن رايتس ووتش"، قدم ثلاثة شهود على وفاة عمرو، بشكل مستقل، روايات مفصلة للأحداث التي أدت إلى وفاته.

وقال الثلاثة بأنهم قدموا هذه المعلومات كشهادة أثناء التحقيق وبأنهم عرفوا عناصر من المخابرات شاركوا في التعذيب ولم يتم اتهامهم.

وقالت المنظمة إن على الدول التي تقدم الدعم المباشر لأجهزة أمن السلطة ، خصوصاً المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، أن تعلق الدعم لهذه الأجهزة حتى تتم محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هل تبرئة ضباط متورطين بشكل واضح في التعذيب والقتل هو ما نتطلع إليه من "بناء الدولة" من قبل السلطة الفلسطينية؟ إن على الداعمين الأجانب للسلطة أن يعلّقوا تمويل قوات الأمن حتى يتبين أن الضباط الذين يقومون بتعذيب وقتل الناس تتم إدانتهم ومعاقبتهم".

وورد بأن عمرو توفي أثناء التحقيق في 15 يونيو/حزيران 2009، وهو معتقل في مقر المخابرات العامة  في الخليل. و في يوليو/تموز 2010، قامت محكمة عسكرية فلسطينية بتبرئة خمسة ضباط أمن متهمين بالتسبب بوفاة عمرو بإدعاء "عدم وجود أدلة" على الرغم  من صدور تقرير الطب الشرعي الرسمي الذي  يقر بأن سبب الوفاة هو التعذيب، إضافةً إلى شهادة ثلاثة معتقلين آخرين شاهدوا وفاته. 

المحاكمة هي المرة المعلومة الوحيدة التي تجري فيها محاسبة ضباط أمن في الضفة الغربية جنائيا للتعذيب، رغم مئات الشكاوى بدعاوى بالتعذيب.  بحسب معرفة "هيومن رايتس ووتش"، لم تتم إدانة أي ضابط أمن فلسطيني بسبب سوء معاملة الأشخاص أثناء الأحتجاز.

وبحسب تقارير صحافية، اشتبهت السلطة بعضوية عمرو، 33 عاماً وممرض في مستشفى الخليل، في حركة حماس، الخصم اللدود للسلطة. ولم تدن السلطات عمرو بأي جريمة، كما أن سبب اعتقاله غير واضح، على الرغم من أن درجة التوتر مع حماس كانت مرتفعة في ذلك الوقت بعد معارك إطلاق نار بين حماس وقوات الأمن في 30 مايو/أيار و 4 يونيو/حزيران، في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية. 

و كانت المحكمة العسكرية الفلسطينية الخاصة في الخليل، التي برأت الضباط الخمسة المتهمين، وجدت  أن المخابرات العامة فشلت نتيجة الإهمال في وقف عمرو عن الوقوع من الطابق العلوي في مقر الجهاز والذي أدى الى وفاته. في شهادة تحت القَسَم أمام المدعين العامين، عرّف السجناء الذين شهدوا وفاة عمرو اثنان من ضباط المخابرات المسؤولين عن تعذيبه بشدة لمدة أربعة أيام و حرمانه من طلباته للحصول على رعاية طبية على الرغم من تدهور صحته بشكل واضح. و لم يتم إدانة هؤلاء الضباط، وضابط آخر قال الشهود بأنه قام بتعذيبهم.

التمويل الغربي

وكشفت المنظمة أنه في 2010 قدمت الولايات المتحدة 350 مليون دولار للسلطة للأمن ومساعدة البرامج بالإضافة الى 150 مليون دولار دعماً مباشراً للموازنة، في حين قدم الاتحاد الأوروبي أكثر من 230 مليون يورو (315 مليون دولار) للسلطة.

وقال والد عمرو لـ هيومن رايتس ووتش أن ضباطاً شاركوا باعتقال عمرو. من قوات الأمن الوطني التي تدربها امريكا ، والتي كانت موضوع شكاوى تعذيب منذ عام 2009، لا تقوم بالتحقيق مع المعتقلين ولا تدير سجون، ولكنها تقوم بحملات اعتقال مشتركة مع المخابرات العامة والأمن الوقائي وتسلم المحتجزين للاعتقال لديهم.  

 

في 25 يناير/كانون الثاني 2011، اعترف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية لصحافيين بأن الولايات المتحدة قد "وثقت أكثر من 100 شكوى لتعذيب السجناء تستهدف عادة السجناء السياسيين (لدى قوات الأمن الفلسطينية) في العام الماضي. ولكنه ادعى  بأن "لا وجود لتقارير بأن قوات الأمن الفلسطينية التي تقوم الولايات المتحدة بتدريبها شاركت بالتعذيب" وأضاف، "تقدمت قوات الأمن كثيراً. زادت مهنيتهم".

وأشارت تقارير من مجموعة الأزمات الدولية وصحيفة الغارديان، إضافةً إلى تقارير من يزيد الصايغ، المفاوض الفلسطيني السابق والأكاديمي المختص في الشؤون الأمنية في السلطة الفلسطينية، بأن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قامتا بتوفير الدعم المباشر لجهاز المخابرات العامة وأجهزة أمنية أخرى في السلطة الفلسطينية منذ التسعينيات.  وحسب وثائق مسربة نشرتها الجزيرة، قامت المملكة المتحدة والولايات المتحدة في المشاركة في صياغة استراتيجية السلطة الأمنية لمواجهة حماس في الضفة الغربية. إحدى الوثائق تشير الى أن المملكة المتحدة قدمت 90 ألف دولار لمكاتب جهاز المخابرات العامة في الخليل في 2005.

وفي وثيقة أخرى ورد فيها بأن الجنرال كيث دايتون، منسق  الأمن  في الولايات المتحدة ، قال لمسئولين في السلطة الفلسطينية في 24 يونيو/حزيران 2009 بأن " رجال المخابرات (الفلسطينية) جيدين (...) ولكنهم يحدثون بعض المشاكل للموليين الدوليين بسبب تعذيبهم للناس".

مزاعم التعذيب

وفقا لمعلومات حصلت عليها هيومن رايتس ووتش، تلقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ديوان المظالم الرسمي لدى السلطات الفلسطينية، 164 شكوى تعذيب من قبل جهاز المخابرات العامة والأجهزة الأمنية الأخرى خاصة جهاز الأمن الوقائي في 2009، و202 شكوى التعذيب في عام 2010. وانخفض عدد هذه الشكاوى لفترة وجيزة، إلى معدل ثمانية في الشهر، لمدة خمسة أشهر في بداية سبتمبر/أيلول 2009، وذلك بعد أن أمرت وزارة الداخلية الأجهزة الأمنية بإنهاء التعذيب. ولكن المجموع الشهري عاد الى مستواه  السابق المرتفع ، وفقاً لتقارير ديوان المظالم الشهرية. فعلى سبيل المثال، تلقى ديوان المظالم 19 شكوى سوء المعاملة في ديسمبر/كانون الأول، تشمل 12 شكوى تعذيب.

قضية عمرو

اعتقل جهاز المخابرات العامة عمرو من منزل والده في بيت روش الفوقة في محافظة الخليل الساعة الثامنة صباحاً في 11 يونيو/حزيران 2009، دون إظهار مذكرة اعتقال أو تفتيش، حسب ما قال والده المعروف بأبو هيثم لـ هيومن رايتس ووتش. وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، على الرغم من إلزامية المذكرة تحت القانون الفلسطيني، لم تصدر أي مذكرة. حاول والد عمرو لقاء مسئولين في المخابرات لمعرفة ما حدث لابنه، لكنهم رفضوا مراراً وتكراراً.

قال والد هيثم: "صباح الأحد (14 يونيو/حزيران)، ذهبت الى (مقر المخابرات العامة في الخليل) لأحصل على إذن لرؤيته"، وتابع "طلبت مدير المخابرات العامة حيث قالوا لي إنه ليس موجوداً. فسألت عن نائبه ولم يكن موجوداً أيضا.

لم يسمحوا لي بالتحدث مع أي أحد. فعدت الى البيت واتصلت مرة أخرى في الساعة الرابعة ظهراً وطلبت المدير العام، فقالوا لي إنه نائم". وقال أبو هيثم  بأن محاولات أخرى من الأهل لرؤية هيثم ذات المساء قد صُدت. وفي الساعة السادسة من صباح اليوم التالي، أبلغ الأقارب أبو هيثم بأن ابنه قد توفى في مركز جهاز المخابرات. وفي وقت لاحق ذاك النهار، أُحضرت الجثة إلى منزل أبو هيثم. وشاهدت هيومن رايتس ووتش صوراً لجسم عمرو عند إحضارها إلى المنزل تبيّن اختلاف شديد في ألوان الجسم من منطقة الأفخاذ وحتى أسفل الظهر بما يتفق مع الكدمات.      

تقرير الطب الشرعي الصادر عن معهد السلطة الفلسطينية للطب الشرعي، والذي حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة منه من مؤسسة الحق، يشير إلى أن "السبب المباشر للوفاة: "إنسداد الشرايين الرئوية بالصمات (الجلطات) الناتجة عن مضاعفة لرضوض الأنسجة تحت الجلد الناتجة عن تعذيب مباشر". وقال أبو هيثم وباحث في الهيئة المستقلة، بشكل منفصل، إنهم رأوا جثة عمرو بعد أن تم إحضارها الى البيت. كلاهما قال بأن الجثة أظهرت كدمات شديدة، والتي ظهرت كأنها أثار حرق من الصدمات الكهربائية على الركاب وأسفل الظهر، وعلامات صغيرة أخرى على الظهر تتفق مع كونها حرق بالسجائر، بالإضافة لعلامات التشريح.