خبر سلام بين الأهرام- هآرتس

الساعة 10:05 ص|17 فبراير 2011

سلام بين الأهرام- هآرتس

بقلم: دانيال ليفي

رئيس فريق مهمة شؤون الشرق الأوسط في المؤسسة الأمريكية الجديدة في واشنطن

إن مقالة واحدة بسيطة يمكن ان تصبح الأساس لكل تحليل للسياسة المصرية المتوقعة بعد إبعاد حسني مبارك: ستكون السلطة هناك ملتزمة ان تكون أكثر اصغاءا لمشاعر الجمهور.

        يبدو ان خوف اسرائيل الحقيقي متصل بفقدان السياسة المصرية للحفاظ على الوضع الراهن؛ وهي سياسة سهّلت على حكومات اسرائيل. استعمل نظام حكم مبارك سياسة اقليمية لم تكن لها شرعية جماهيرية وكانت تأييد حصار غزة والحرب في العراق والعدائية الزائدة لايران، واجراءا مرهقا لتفاوض عقيم بين اسرائيل والفلسطينيين. نبعت الثورة في مصر في الحقيقة من شوق الى قدر أكبر من الديمقراطية، لكنه يأتلف مع الشوق الى كرامة وطنية أكبر. وقد كانت سياسة مبارك الاقليمية تُرى معادية للعرب مُضرة بالكرامة الوطنية.

        عندما وقعت مصر على اتفاق السلام مع اسرائيل تلقت انتقادا من الداخل والخارج على انها فعلت ذلك بغير شراكة مع دول المنطقة وتخلت عن الشأن الفلسطيني. ضُم الى اتفاقات كامب ديفيد في 1978 ملحق عنوانه "إطار لسلام اقليمي في الشرق الاوسط". وتعلمون ان هذا الجزء من الاتفاق لم يُحقق قط. زمن التوقيع عليه سكن المناطق عشرة آلاف مستوطن، وعددهم اليوم أكثر من 300 ألف. إن الفترة منذ التوقيع على الاتفاقات يمكن ان نسميها عصر "اليد الحرة" لاسرائيل في المنطقة. وهو عصر يصعب على اسرائيل الانفصال عنه، برغم انه لم يزودها قط بالأمن الحقيقي.

        ثم من يقولون ان اتفاق السلام مع مصر أحبط كل خيار عسكري ذي شأن للدول العربية موجها على اسرائيل، لكنه لم يؤثر في امكانية ان تهاجمها اسرائيل. وهذا يثير غضبا في الشارع العربي. تحول الحفاظ على اتفاق السلام مع مصر مع مرور الوقت الى حفاظ على مسيرة سلام جذّرت الاحتلال والمستوطنات وسخرت من العرب المشاركين فيها. ليس من المعقول افتراض ان توافق السلطة المصرية الجديدة على الاستمرار على هذه اللعبة. ويصعب ايضا ان نتخيل ان يوافق الفلسطينيون على عشرين سنة اخرى من الإذلال، أو ان تتبنى سوريا النموذج المصري وتوقع على اتفاق سلام مفرد.

        ضاق مدى امكانات عمل اسرائيل الاستراتيجي، وتراوح المؤسسة بين توجهين مركزيين. الاول، ان تقنع الغرب بأن اسرائيل هي جزيرة استقرار في بحر عداء، وتأمل ان يظل الجيش هو العنصر المهيمن في السلطة المصرية وان تعتمد في الأساس على قوة اسرائيل العسكرية. ويريد التوجه الثاني ان يزيد على ذلك العودة فورا الى مسيرة السلام مع الفلسطينيين. لكن لا واحد من هذين التوجهين يتوقع ان يفضي الى النتائج المأمولة. فالاول سيدهور وضع اسرائيل السيء أكثر، والثاني يأتي ضئيلا جدا ومتأخرا جدا.

        لاسرائيل ايضا خيار ثالث، قد يكون آخر فرصة لحل الدولتين. الاول، الانسحاب بلا شروط الى خطوط الهدنة عشية حرب الايام الستة، مع امكانية تعديل الحدود على نحو متبادل ومتفق عليه وضمانات أمنية دولية. والثاني اعتراف اسرائيل بطرد الفلسطينيين وسلبهم ممتلكاتهم زمن اقامة الدولة، ويشمل ذلك اعطاء الفلسطينيين تعويضات. والثالث التزام اسرائيل ان تمنح جميع مواطنيها المساواة الكاملة وأن تُزيل الحواجز التي تمنع تحقيق الحقوق المدنية للأقلية العربية الفلسطينية. إن الأخذ بهذه الطريقة فقط يُعبر عن اهتمام حقيقي بمستقبل اسرائيل.

        اعتادوا ان يُسموا السلام مع مصر "سلاما باردا". وأصح من ذلك ان يوصف بأنه "سلام هرم". فقد عُقد بين قيادتي الطرفين ولم يكن من نصيب سائر أبناء الشعب. عرضت اليوم لاسرائيل فرصة ان تُغير هذا الواقع وان تبني سلاما ديمقراطيا بين قاعدتي الهرمين. قيادة المسيرة من مسؤولية اسرائيل، ومن الخطوات الضرورية الأخذ بتوجه أكثر احتراما لمواطنيها وجيرانها الفلسطينيين، باعتبار ذلك جزءا من مسيرة اندماج اسرائيل في شرق اوسط ديمقراطي.