خبر ميدان التحرير سيحررنا أيضاً- هآرتس

الساعة 10:04 ص|17 فبراير 2011

ميدان التحرير سيحررنا أيضاً- هآرتس

بقلم: ميرون ربوبورت

انتصر الشعب المصري. هذه هي الحقيقة الواحدة الواضحة في هذه اللحظة. لا يعلم أحد الى أين سيأخذ هذا النصر مصر، أإلى حكم عسكري متنكر، أم ديمقراطية من نوع جديد، أإلى نظام اسلامي أم الى مجرد فوضى. يمكن ان نُخمن لكن كل تخمين الآن هو في الحقيقة مخاطرة هوجاء. لهذا يُستحسن أن نشغل أنفسنا بما حدث أكثر مما سيحدث، أو لمزيد الدقة: كيف حدث.

        كيف حدث ان انهار النظام الأقوى في الشرق الاوسط، الذي يعتمد على نظام عظيم من قوات الشرطة والقمع، وجيش يتمتع بمساعدة امريكية سنوية أكبر بعشرة أضعاف مما تحصل عليه الهند، وخضع بلا قتال تقريبا من غير ان تُطلق عليه حتى رصاصة واحدة.

        أرسل حسني مبارك دبابات الى قلب القاهرة لكنه لم يكن يستطيع استعمالها. استعملها المتظاهرون. علوا فوق الدبابات، وناموا بين جنازيرها. حطموا سيوفها لتصبح فراشا.

        كانت قوة المتظاهرين قبل كل شيء في عددهم. لم تُجند جميع المظاهرات التي أفضت الى سقوط نظم الحكم الشيوعية في شرق اوروبا معا عددا من المتظاهرين كعدد اولئك الذين خرجوا الى شوارع مصر في يوم واحد. لكن التكتيك السياسي للمتظاهرين كان أشد تأثيرا من عددهم.

        عرّفوا هذا التكتيك بالعربية بأنه "سلمي"، أي غير عنيف. يمكن بمساعدة مليون متظاهر فعل كل شيء: يمكن احراق مبنى التلفاز ومؤسسات الحكم، ويمكن سلب أحياء الاغنياء، وتمكن محاكمة ناس قوات الأمن البغيضين. لم يحدث شيء من كل ذلك. تم الحفاظ على عدم العنف بتشدد. ومن مشاهدة شبكات البث العربية على الأقل، كانت هذه هي الرسالة التي بُثت بأقوى شكل الى العالم العربي.

        كانت الجملة التي كررها المحتفلون في الاردن وقطر واليمن وتونس متشابهة على التقريب: ألف مبروك لمصر، التي أسقطت ديكتاتورها بطرق سلمية. يصعب أن نُقلل من أهمية هذه الرسالة. الى نظم الحكم في العالم العربي أولا لكن للفلسطينيين ايضا. في الحقيقة احتفلت حماس في شوارع غزة لكن ليس من المؤكد ان عندها ما تحتفل من اجله. إن ما حدث في مصر يبرهن على ان تكتيكها الذي هو "الكفاح المسلح" غير مُجدٍ فضلا عن انه غير اخلاقي. أدرك المتظاهرون في مصر ان الارهاب – كذاك الذي قتل السادات – حسن لاظهار الرجولة لكنه سيء للثورة. إن النصر الجارف والمفاجيء للتكتيك "السلمي" في مصر قد يؤثر في الفلسطينيين ايضا.

        هذه أنباء غير حسنة لـ "اسرائيل" – الرسمية على الأقل – وأنباء حسنة جدا للاسرائيليين. أنباء غير حسنة لاسرائيل المجردة التي تؤمن بأنه يمكن الحفاظ على الاحتلال وعلى السيطرة على ملايين الفلسطينيين بالاعتماد على تفوقها العسكري والاستخباري الكاسح. وهذا صحيح ما بقي النهج المركزي الذي يقاوم عليه الفلسطينيون الاحتلال هو الكفاح المسلح. لكن الكفاح غير العنيف، الكفاح "السلمي" قد يجعل القوة العسكرية غير ذات صلة.

        أصبح يبدو الآن ميل عند الفلسطينيين الى تفضيل الكفاح الدبلوماسي على الكفاح المسلح. فانتصار الكفاح غير العنيف في مصر قد يزيد على هذا الكفاح بُعدا شعبيا ايضا. وهذه أنباء حسنة جدا للاسرائيليين الذين يؤمنون بأنه يمكن انهاء هذا الصراع دون حرب يأجوج ومأجوج. إن سرعة اسقاط الكفاح غير العنيف لنظام الحكم في مصر تستطيع ان تُعلمنا، أن الصراع والاحتلال قد ينتهيان بأسرع مما يعتقد أو يؤمن شخص ما. سيحررنا بعدُ ميدان التحرير.