خبر نجاح أمريكي- هآرتس

الساعة 09:22 ص|16 فبراير 2011

نجاح أمريكي- هآرتس

بقلم: البروفيسور يئير عفرون

باحث في معهد ابحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب

 (المضمون: يرى الكاتب ان سلوك الادارة الامريكية في مواجهتها لما وقع في مصر كان نجاحا برغم انها لم تستطع ان تؤثر في سير الثورة الشعبية نفسها - المصدر).

        يفضي تلخيص بيني للسياسة الامريكية المتعلقة بالثورة التي تجري ازاء أعيننا الى استنتاج أن الخط الذي اتخذته واشنطن في الظروف المفاجئة الحاسمة التي تمت في مصر فاز بنجاح.

        رأت السياسة الامريكية من الحرب العالمية الثانية انتشار الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم هدفا مركزيا. مع ذلك وُجدت ثلاثة توجهات مختلفة الى هذا الشأن، ولا سيما منذ انتهت الحرب الباردة. اعتقد أحد المذاهب ومثله جيمي كارتر أن هذا الهدف يسبق كل هدف آخر للسياسة الخارجية، وسعى الى احرازه ايضا باستعمال الضغط والتأثير على الحلفاء. وقد بالغ أنصار المذهب الثاني، المحافظون الجدد الذين سيطروا على امور واشنطن في السنين الست الاولى من ادارة جورج بوش الابن، بل أيدوا التدخل العسكري لنشر الديمقراطية. أما التوجه الثالث، "الواقعي"، فيرى انتشار الديمقراطية هدفا مطلوبا، لكنه يمتنع عن الضغوط على الحلفاء لاحرازه. وقد أخذ بوش الأب، وبيل كلينتون (على العموم) وبراك اوباما بهذا التوجه.

        ليس للولايات المتحدة ولم يكن لها قط قدرة على التأثير في نشوب ثورة شعبية كالتي تمت في مصر. اجل انها لا تستطيع صدها فضلا عن هزيمتها. ولما كان الامر كذلك، فمنذ اللحظة التي نشبت فيها كان السؤال كيف تمنع قدر المستطاع زعزعة مطلقة لاستقرار نظام الحكم. خلصت واشنطن بعد بضعة ايام من بدء المظاهرات الشعبية الى استنتاج تبين انه صحيح بعد ذلك، وهو ان مبارك أصبح عبئا على استقرار نظام الحكم نفسه، وعلى كل مسار منظم لانتقال أكثر ديمقراطية للسلطة كما يطلب الجمهور المصري.

        في ضوء القوة العظيمة التي أبداها المتظاهرون وطلبهم غير المهادن صرف مبارك باعتبار ذلك شرطا ضروريا لمصالحة نظام الحكم، لم يكن ثمة أي احتمال لمنع انصرافه. وما كان التأييد الامريكي له لينقذه بل كان سيُنشيء عداوة من أجزاء كبيرة في الجمهور المصري للولايات المتحدة.

        كانت بطبيعة الامر اختلافات داخلية في الرأي في واشنطن، وتغييرات جزئية في السياسة ايضا، لكن الاتجاه العام للسياسة الامريكية بقي ثابتا. والى ذلك، استغلت واشنطن كما يبدو قناة التأثير الرئيسة التي ملكتها، عن طريق الجيش وجهاز الامن المصري. لكن هنا ايضا، كانت القرارات الحاسمة الرئيسة في أيدي الجهات المصرية.

        زُعم انه في أعقاب امتناع الولايات المتحدة عن تأييد مبارك، الحليف المخلص، سيرتاب حلفاء آخرون بصدق واشنطن. لكن الولايات المتحدة كانت وما تزال القوة الخارجية الكبرى في المنطقة، وهي وحدها قادرة على موازنة القوى الاقليمية المهددة كايران. والى ذلك، برغم انه توجد صلة مباشرة في نظم الحكم العربية بين الحاكم والدولة، فليس الحديث عن تماهٍ كامل. ولذلك لا يُغير انصراف حاكم المصالح الجغرافية الاستراتيجية الأساسية للدولة. ستكون الصلة بالولايات المتحدة اذا ضرورية.

        يجوز ان نذكر انه ما يزال يوجد عدم يقين كبير فيما يتعلق بالتطورات في مصر. لكن يبدو ان الولايات المتحدة قد نجحت الآن، باعتبار هذا تلخيصا بينيا، في مقدار قدرتها المحدودة، في ان تؤثر في مسارات داخلية في دولة اخرى وفي أن تُسهم في الاستقرار والبدء الممكن لاجراءات نحو تحسين الوضع السياسي – الاقتصادي للمجتمع المصري.