خبر شرق اوسط تركي -هآرتس

الساعة 09:34 ص|15 فبراير 2011

شرق اوسط تركي -هآرتس

بقلم: سافي راخلفسكي - عمان

(المضمون: يتنبأ الكاتب بعد الثورة في مصر ان ينشأ شرق اوسط جديد على الطراز التركي حيث يندمج الاسلام المتطرف مع مؤسسة عسكرية كبيرة براغماتية فاسدة ومع طبقة علمانية مليئة بالحياة - المصدر).

يصعب على السائر في شوارع عمان ان يتجاهل اتساع الطبقة الوسطى في الاردن. ليس الحديث فقط عن مقاهٍ أدبية كثيرة، فصعود الطبقة يبرز في الاسواق ايضا. في هذه الصورة – التي تختلف في جوهرها عن تحطم الطبقة الوسطى الدقيقة في مصر – زاد مقدار الطبقة الوسطى من الاردنيين من أصل فلسطيني. من المثير ان نسمع طالبا جامعيا فلسطينيا – اردنيا في اربد، مقتنع بأن اليهود يأكلون كعكة مصنوعة من دم اطفال، لكن التوجه المتوسع مختلف.

في أكثر من مرة يصبح المتحولون والتائبون متطرفين في الهوية الجديدة. ليس هذا توجها مطلقا، لكن الشعور الوطني الاردني يأسر الآن قلوبا كثيرة بين الاردنيين من أصل فلسطيني. على نحو يشبه أدباء مهاجرين من أصل يهودي – كانوا من ممجدي الفرنسية والامريكية والالمانية – يشايع كثير من المهاجرين من فلسطين الطبقة الوسطى الوطنية الجديدة. إن الجيل الفلسطيني الذي نشأ منذ انفصلت الاردن عن الضفة الغربية عالم جيدا بالفجوة التي برزت لصالحه عن اخوته المقموعين في الضفة غير الصحيحة.

تتضح صورة اسرائيل من عمان ذات الضباب. إن تحطم الطبقة الوسطى في اسرائيل يبدو مصيريا لكن ليس هو وحده. إن ادارة نتنياهو تستمتع بالشعور بالتزعزع لـ "خيانة" اوباما لشركاءه في المنطقة. لكن انتقاد الخيانة للشركاء يحسن أن يوجه الى الداخل.

        اعتزل موشيه ديان حكومة بيغن في 1979 عندما أدرك ان المجال الاستراتيجي الذي يمنحه السلام مع مصر لاسرائيل، يوشك ان يُستغل بدل مصالحة الفلسطينيين لبناء مجال عيش استيطاني عنيف مغامر في الشرق. وقد أدرك ديان جيدا ان تصورا كهذا سيفضي الى العودة المدمرة الى عصر القوة الذي سيطر فيه على الطرفين تصور "شرم الشيخ بلا سلام أفضل". يوجد شيء من الشاعرية اذا في اختيار حسني مبارك شرم الشيخ مكانا لجلائه.

وُجهت السياسة الاسرائيلية من اريئيل شارون حتى نتنياهو الى تحطيم الطبقة الوسطى العربية المتعلقة بالهوية والوطنية وشكّها بقرني المعضلة: إما "روابط القرى" المتعاونة وبشير الجميل وإما حماس. وهو اختيار تراه اسرائيل القومية متشابها لانه يُجسَّد في الاثنين احباط السلام والانسحاب.

إن كثيرين في عمان سعداء لحكمة عبد الله الذي ابتعد عن احتضان نتنياهو ولم يُر متعاونا مثل مبارك. لكن ليس الاحتضان السام لاسرائيل الاستيطانية هو الذي أخرج الجماهير الى شوارع القاهرة، لكن يصعب أن نُقلل من وزن الشعور القومي الاسرائيلي، الذي رفض إتيان شركائها المعتدلين بأدنى قدر من الانجازات.

تبدو القاهرة وغزة وطهران من عمان بعيدة. وتبدو تركيا قريبة. تبدو التنبؤات الآن مريبة لكن من خلال الضباب البارد في عمان يظهر شرق اوسط تركي. فالحديث عن صيغة من الحلم الاسرائيلي ومؤداه "كل شيء مشمول". فثمة الاسلام المتطرف، ومؤسسة عسكرية كبيرة براغماتية فاسدة، وكذلك طبقة علمانية مليئة بالحياة. إن خليطا مختلفا من هذه الأسس الثلاثة يبدو مستقبلا اقليميا يسحر كثيرين. خليط ليس فيه حسم قاطع قصدا الى الاستمتاع بجميع العوالم.

من عمان، التي يظهر فيها من قوات الامن أقل مما في القدس، تُرى اسرائيل التي قد اختارت تركيا. "كل شيء مشمول". كذلك الحاخام دوف ليئور؛ وكذلك "ابنة الكتيبة" المبتهجة في الاوبرا في تل ابيب؛ وكذلك بطبيعة الامر مؤسسة عسكرية كبيرة براغماتية فاسدة. كلها معا دون حسم قاطع. لكن في النموذج التركي في اسرائيل يكمن لغم. فبغير طبقة وسطى – هويية اسرائيلية – تتغلب على خلاصيي الارض والعنصر تغلبا حادا – تكبر احتمالات ان تصل المنطقة الى صدام من آخر الزمان تبدو الثورة في مصر الى جانبه مثل نزهة حالمة في شوارع عمان.