خبر الاستيقاظ بدون مبارك- يديعوت

الساعة 10:41 ص|13 فبراير 2011

الاستيقاظ بدون مبارك- يديعوت

بقلم: ناحوم برنياع

حكومة اسرائيل تتكيف بسرعة مع اليوم التالي لمبارك. الانتقال هو من الفزع الى التسليم، من نبوءات الخراب الى الجهد الواعي للتدبر مع ما هو موجود. ايهود باراك، الذي عاد في ليل السبت من لقاءات مع القيادة الامريكية الامنية، اقترح على نظرائه الامريكيين ان يولوا أهتمامهم للجيش المصري: فالاف الضباط المصريين تلقوا تأهيلاتهم في الولايات المتحدة أو تعرضوا بوسائل اخرى الى مساهمة امريكا في مصر. عيون الجيش تتطلع الى الغرب.

واقترح على الامريكيين اتخاذ سياسة متوازنة: تشجيع القيادة العسكرية المصرية على أن تقرر اصلاحات سياسية فورا، كما يطالب المتظاهرون، ولكن الا تسارع الى اجراء انتخابات. فانتخابات بعد شهرين من شأنها أن تعطي تفوقا كبيرا لحركة الاخوان المسلمين، حركة المعارضة الاكثر تنظيما. انتخابات بعد ستة أشهر فاكثر ستسمح للاحزاب الاخرى، او للاحزاب الجديدة بان تثبت نفسها وتنتصر.

ائتلاف مدني

مشكوك أن يكون هناك أحد ما في الادارة في واشنطن يؤمن بان مصر توشك على أن تصبح ديمقراطية على النمط الامريكي. الرئيس اوباما يمكنه أن يلقي خطابات احتفالية تشبه الاحتفال في ميدان التحرير بسقوط أسوار برلين، بطريق المهاتما غاندي أو خطابات مارتن لوثر كينغ، ولكن التقديرات الموضوعة على طاولتنا أقل احتفالية. فهي تتحدث، في أفضل الاحوال عن حكومة عسكرية تحسن في شيء ما من الوضع الاقتصادي والاجتماعي دون أن تمس بالتعهدات الخارجية، او حكومة ائتلاف مدني تتعاطى باحترام كبير مع مجموعات الاقلية وحقوق الانسان. في الباكستان مثلا تسيطر حكومة عسكرية برعاية الامريكيين. بالتوازي فانها ترى منظمات الارهاب. هذه ليست الحكومة التي يتمناها الامريكيون لمصر.

وهناك أمثلة اخرى على أنظمة نشأت من ثورة سلطوية – اندونيسيا – العراق، جنوب افريقيا. ليست أي منها مثالية.

لا شريك آخر

        في اسرائيل اخذوا خطابات اوباما على نحو جديد. اعتقدوا أنه "خان" مبارك وان هكذا سيخون عند الازمة اسرائيل ايضا. الحقيقة هي ان اوباما كان ثابتا: كل ما قاله في الاسبوعين الاخيرين قاله أيضا في خطابه في جامعة القاهرة قبل سنة ونصف. ولاء امريكا ينبغي أن يكون لحلفائها، في هذه الحالة مصر، وليس لهذا الحاكم أو ذاك.

        ليست أمريكا وحدها ترفع عيونها الان الى الجيش المصري. حكومة اسرائيل ايضا: الجيش يعتبر في هذه اللحظة مرسى الاستقرار، الاستمرارية، ولشدة المفارقة، السلام. من ناحية اسرائيل، الجنرال طنطاوي، وزير الدفاع المصري، هو مبارك الجديد.

        في مصر الجديدة، تلك التي تخرج من ميدان التحرير، ليس لاسرائيل شريك آخر. السلام بدأ كخطوة فرضت من فوق، وبقي هكذا. لم يتسلل الى القلوب. بالعكس: سنوات من التحريض الشديد ضد اسرائيل في وسائل الاعلام المصرية والعموم عربية جعلت كراهية اسرائيل النبرة السائدة، العادة الدارجة. في ميدان التحرير المجيد بيعت نسخ بالعبرية من كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، لكل من يطلب. وليس هناك فقط. في محلات الكتب الفاخرة من اصدار "الاهرام" ايضا. النظام الجديد الذي سيقوم هناك، كل نظام، سيواصل ذات الميل.

        الطموحات للديمقراطية في العالم العربي والاسلامي لم تعطي حتى الان نتائج ايجابية. المظاهرات ضد الشاه الايراني في العام 1979 ولدت نظام آيات الله. الثورة الشيعية في لبنان ولدت سيطرة حزب الله والاحتجاج ضد الفساد في فتح ولد حكومة حماس في غزة. التطلعات الشعبية الشرعية اختطفت وشوهت على ايدي محافل متطرفة، مناهضة للديمقراطية.

        رد فعل فزع

        كل هذا صحيح، ولكن صحيح ايضا انه لن تنشأ أي منفعة من سياسة اسرائيلية مفزوعة، يائسة، مناهضة للديمقراطية. السلام مع اسرائيل ليس فقط ترف الدكتاتوريين: في حالة مصر ايضا، وكذا في حالة الاردن، يعتمد على مصالح بعيدة المدى للدولة، لمواطنيها. وهو ذخر دائم. عيون كثيرة في الغرب تتطلع اليوم الى اسرائيل. كيف حصل، يسألون هناك، لان الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ترد بفزع على امكانية أن تقوم دولة ديمقراطية ثانية مجاورة لها.

        قبل قرابة سبعين سنة، في 6 تشرين الثاني 1944، قتل في القاهرة اللورد موين، وزير في الحكومة البريطانية. المغتالان كانا عضوين في تنظيم "ليحي"، الياهو حكيم والياهو بيت – تسوري. وقد القي القبض عليهما وحوكما في محكمة مصرية. الرأي العام المصري كان مفعما في تلك الفترة بالمشاعر الوطنية، المناهضة للامبريالية. وولدت الكراهية للبريطانيين عطفا واسعا على المتهمين، بما في ذلك مظاهرة لطلاب الجامعة الاسلامية "الازهر" ضد عقوبة الموت التي فرضت عليهما. وسائل الاعلام المصرية تحدثت عن معاناة اليهود على مدى اجيال ووصفت باعجاب كفاحهم في سبيل الحرية.

        العطف لليهود اختفى مثلما ظهر، ولكن التطلع الى الحرية قائم. الويل لمن يقف ضده. حكومة اسرائيل وجدت صعوبة في أن تفهم هذا في أول أيام التحرير، اما الان فهي تفهم.