خبر تطورات مصر إذ تثير القلق الأمني الإسرائيلي!../ نواف الزرو

الساعة 02:26 م|09 فبراير 2011

تطورات مصر إذ تثير القلق الأمني الإسرائيلي! نواف الزرو

المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقلق أكثر ما تقلق مما يجري في مصر، بل ربما لا يثير القلق الاستراتيجي الإسرائيلي أي تغيير في المنطقة الشرق أوسطية كما تثيرها احتمالات التغيير السياسي لدى جارتها الجنوبية.

 

والعيون الإسرائيلية الأمريكية المتابعة والمترصدة للداخل المصري والحريصة على الحفاظ على الوضع الراهن هناك، بمعنى ترسيخ وتثبيت النظام السياسي المصري، تتصل كذلك بالرؤية الإستراتيجية الإسرائيلية التي تعتبر أن مصر ما تزال تشكل بالنسبة لهم "تهديدا وخيارا هجوميا" في أي لحظة تغيير على الخارطة السياسية المصرية.

 

الجنرال احتياط شلومو غازيت / رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق عبّر عن القلق البالغ من احتمالية التغيير في مصر حينما كتب مبكرا في معاريف 12/1/2010 تحت عنوان" خروج مصر" قائلا: "بالفعل، النظام المعتدل لمبارك مهدد ومن شأنه أن ينهار في كل الأحوال ولكننا في إسرائيل ملزمون أن نفهم الخطر الأكبر الذي يحدق بالنظام، بالدولة المصرية وبالهدوء والاستقرار الإقليميين، وحذار علينا أن نجلب هذا الخطر على رأسنا".

 

كما أن آفي ديختر- رئيس الشاباك ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي سابقا- كان أطر الرؤية الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه مصر في محاضرة ألقاها في 4 سبتمبر الماضي 2008 فى معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى قائلا:

  - إن انسحاب مصر من اتفاقية السلام وعودتها إلى خط المواجهة خط أحمر.

  - من مصلحة إسرائيل بالتأكيد  الحفاظ على الوضع الراهن فى مصر.

 

مؤكدا: "إن عيوننا وعيون الولايات المتحدة ترصد وتراقب بل وتتدخل من أجل كبح مثل هذه السيناريوهات".

 

واستباعا، وفي ضوء التطورات الدراماتيكة الجارية في مصر، فقد بات واضحا أن كل عيون العالم، بما في ذلك عيون "إسرائيل"، تتابع بقلق المشهد المصري بقلق لأن مصر هي الدولة الكبيرة والقوية والهامة جدا، وذات تأثير هائل في العالم العربي، وما يجري في مصر، بالتوازي مع ما يجري في لبنان وفي تونس، يثير القلق لدى الآخرين المتربصين أكثر من أي وقت مضى، فهذه هي المرة الأولى التي ينزل فيها الملايين من المواطنين ومنهم الشبان والفتيان إلى الشارع في موجات وإن بدأت عفوية إلا أنها تحولت إلى منسقة عبر الشبكات الاجتماعية والانترنت"، وتعلق المصادر الصهيونية على ذلك: "ينبغي الانتظار لرؤية إذا ما كانت المظاهرات ستخبو في الأيام القريبة المقبلة أم ستشتعل من جديد".

 

إلى ذلك، حينما تقول الخارجية الإسرائيلية إنها تتابع الأحداث بيقظة ودقة شديدة، وتقول مصادر إسرائيلية أخرى: "نتابع بتحفز الأوضاع في مصر و"نثق" بمبارك"، مضيفة: "أنها تقدر بأن سلطات القاهرة قوية بما فيه الكفاية كي تجتاز الهزة بسلام، وأن مصر ليست لبنان وليست تونس/معاريف 2011/1/26"، فإن ذلك لا يعبر فقط عن موقف إسرائيلي روتيني تجاه الأحداث، وانما يعكس عمق القلق والتوتر والاستنفار الإسرائيلي من تداعياتها.

 

 وحينما يعلق وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي الجنرال احتياط بنيامين بن إلعيزر أن الأحداث الجارية في مصر لا تشكل تهديدا حقيقيا للنظام المصري بقيادة الرئيس مبارك"، و"أن لا خوف على استقرار النظام المصري، لأن النظام المصري قوي ويحكم سيطرته بقوة على البلاد"، فإن هذا الجنرال انما يعرب عن رغبته وأمنيته/ كما المؤسسة الصهيونية برمتها/ في أن تنتهي الأحداث بالقمع المطلق والسيطرة المطلقة على هذه الأحداث التي يخشى من جهتهم أن تتحول إلى تسونامي يقتلع النظام ومعاهداته وتحالفاته في المنطقة.

 

وفي هذا البعد الإستراتيجي الأمني ورؤية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لمصر باعتبارها تشكل تهديدا استراتيجيا محتملا بشكل عام، وأكيدا إذا ما تغير النظام السياسي المصري، نستحضر ما كنا كتبناه قبل سنوات، من أن "إسرائيل" كانت تركز أنظارها على سيناء المصرية بينما كانت مصر تجري مناورة عسكرية مصرية ضخمة استغرقت خمسة أيام تدربت خلالها قوات برية وجوية من الجيش المصري على اجتياز قناة السويس مثلما في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، واعتبرت وسائل الإعلام العبرية حينئذ أن هذا الموضوع يمؤشر إلى أن مصر ما تزال تبقي على الخيار الهجومي وربما التهيؤ لاحتمال إلغاء معاهدة السلام في ظل تطورات إقليمية معينة. وأعرب خبراء عن تقديرهم بأن الجيش المصري أجرى مناوراته العسكرية وفق عدة سيناريوهات، أحدها إنهاء "السلام" مع "إسرائيل"، واجتياح متجدد من الجيش "الإسرائيلي" لسيناء في ظل الهجوم على أهداف في مصر.

 

لذلك نقول: لم تكن تلك التحذيرات التي أطلقها جنرالات الجيش الإسرائيلي آنذاك واعتبروا فيها "أن المناورات العسكرية التي أجراها الجيش المصري عند قناة السويس تشير إلى أن مصر تحتفظ بخيار الحرب ضد إسرائيل"، إلا تعبيرا عن الرؤية الإسرائيلية الجذرية لمكانة مصر ودورها المركزي السابق والمحتمل في الإطار العربي والشرق أوسطي، ولم تكن كذلك إلا مؤشرا للأجندة الصهيونية الخفية تجاه مصر، فقد كان واردا في حساباتهم احتمال حدوث تغيرات دراماتيكية مثل استبدال النظام في مصر واستبداله بتظام إسلامي أو قومي عروبي آخر.

 

وكأننا هنا أمام سيناريوهات حربية بين دولتين متحاربتين وليس بين دولتين بينهما معاهدة سلام، كما أن جنرالات الجيش الصهيوني يحملوننا هنا عبر تلك التقديرات العسكرية الإستراتيجية إلى ذلك العهد العدائي بين الدولتين!