خبر ثورتنا-هآرتس

الساعة 08:56 ص|09 فبراير 2011

ثورتنا-هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: قضية تعيين رئيس الاركان والمشاكل التي اعتورتها، وغيرها من القضايا التي تُظهر عجز الجهاز السياسي الاسرائيلي تستدعي انقلابا وثورة في هذا الجهاز ربما تفضي الى انشاء نظام رئاسي كما يدعو الى ذلك افيغدور ليبرمان - المصدر).

        لن تحدث الثورة الاسرائيلية في ميادين المدن، بل في أروقة القوة. ولن تنشب بسبب رفع اسعار الوقود والخبز، بل بسبب الخوف من الفوضى و"ضياع القدرة على الحكم". وليست الجماهير هي التي ستثور هنا على نظام الحكم بل العكس، إن السلطة هي التي ستتحرر من الكوابح والموازنات التي تكف قوتها.

        إن تشويش الاجهزة الذي تم الكشف عنه بقضية تعيين رئيس الاركان، يهدد بأن يضعضع أسس الجمهورية الاسرائيلية. والاخفاق القيادي والأدائي الذي أظهره رئيس الحكومة ووزير الدفاع، واختلال السيطرة السياسية على الجيش، وتدخل محكمة العدل العليا، ومراقب الدولة والمستشار القانوني بقرار من يُرفع لرتبة فريق ومن يُقال خائب الأمل، تثير ردا عاما مضادا. أخذت تقوى الدعوات الى "تعزيز القدرة على الحكم" ووقف "سلطة رجال القضاء والاعلام". وبدل "أيها الفاسدون ضقنا بكم ذرعا" سنتلقى الآن مقالة "أيها المتطهرون بالغتم".

        ينضم الى فقدان الثقة بالقيادة المنتخبة القلق من ازدياد التهديد الخارجي، اذا انهار نظام مبارك وأصبحت مصر توأمة ايران. يقوى الخوف، ويصعب على قادة الدولة الايحاء بالسلطة وأن يهبوا الأمن. تعلمنا جميعا في دروس الكتاب المقدس قصة القضاة: "في تلك الايام لم يكن ملك في اسرائيل وصنع كل واحد ما يحلو له". عندما يثبت هذا الشعور في وعي الجمهور، تقصر الطريق الى دواء على شاكلة "رجل قوي" يرتب البيت ويضرب الأعداء من الخارج، مثل القضاة والملوك السابقين.

        في اسرائيل 2011 لا يجب البحث عن الرجل القوي من وراء المواقد كما في الكتاب المقدس. انه ينتظر ساعته في مكتب وزير الخارجية. إن افيغدور ليبرمان يدعو على الدوام الى انشاء نظام رئاسي، أكثر من كل سياسي آخر. هذا حله لعلاج أمراض الطريقة السياسية.

        إن اقتراح قانون فصل السلطات والنظام الرئاسي، الذي قدمه ليبرمان في الكنيست السابقة، مصوغ في عدم ترتيب لكن فهمه سهل. سيكون رئيس الحكومة هو السلطة التنفيذية للدولة. ويُعين وزراء "مختصين" ويقود الجيش الاسرائيلي. وسيتم احراز التوازن بردع متبادل: فرئيس الحكومة يستطيع حل الكنيست اذا عارضت الأكثرية البرلمانية سياسته، وتستطيع الكنيست اسقاطه بأكثرية 80 عضو كنيست. يعد ليبرمان بادارة تكنوقراطية ومستقرة غير متعلقة بالائتلاف. وعنده لن يكون "وزراء بلا حقائب" ونواب وزراء لا حاجة اليهم كما عند بنيامين نتنياهو.

        كلما اختلت سلطة الحكومة، ورُؤي نتنياهو غير ناجح وضعيفا، ستسحر أفكار ليبرمان الجمهور، ولا سيما اذا زاد عليها إغراءات على شاكلة تحطيم حق حضور محكمة العدل العليا، وتقزيم مراقب الدولة وتقييد حرية الصحافة. في نظامه الرئاسي، سيُعين رئيس الحكومة رئيس الاركان "في رأسه". ولن يستطيع الجيران الغاضبون، والصحفيون النباشون والمحامون المقلقون التشويش على ذلك.

        الطريقة البرلمانية مرشحة للازمات وصعبة التنفيذ لكن لها ميزتين: فهي تُقيد قوة رئيس الحكومة، وتضمن تمثيل القبائل المتخاصمة في المجتمع الاسرائيلي. وفي النظام الرئاسي يحوز الفائز على الصندوق، وتضيع أصوات الخاسر ، ولا يتم تمثيل الأقليات في السلطة. هذه الطريقة تلائم اليمين الاسرائيلي، الذي يدعو الى سلطان الأكثرية والى قمع المجموعة العربية و"النخب القديمة". ركب نتنياهو هذه الموجة في الماضي. وفي الكنيست الحالية ورثه ليبرمان باعتباره زعيم اليمين والقائد الى سن القانون القومي.

        لم يتدخل ليبرمان بأزمة رئيس الاركان، وهو يتمتع في حين ينتظر قرار هل يتم تقديم لائحة اتهام عليه، بهدوء من ضعف المكانة العامة لخصومه – رئيس الحكومة ووزير الدفاع وجهاز القضاء. ستكون بعد قليل صراعات في القمة ودعوات "دعونا نُدبر الدولة" تترجم الى شوق لتغيير نظام الحكم وترئيس زعيم قوي.

        إن اوضاع الازمة كهذه الحالية، ترشح لتوجهات كهذه: "الحيلة القذرة" التي جعلت الجهاز السياسي بغيضا الى الجمهور قبل عقدين، ولّدت الانتخاب المباشر لرئيس الحكومة. واحباط تعيين اللواء يوآف غالنت رئيسا للاركان، والكشوف المتوقعة في قضية بوعز هرباز، قد تُشعل الانقلاب الدستوري القادم.

        أهذا داحض؟ أهذا هاذٍ؟ أكنا نصدق لو قالوا لنا قبل شهر إن ملايين المصريين سيخرجون الى الشوارع ويطلبون الى الرئيس مبارك أن ينصرف؟.