خبر عندنا هذا لن يحصل- هآرتس

الساعة 09:29 ص|07 فبراير 2011

عندنا هذا لن يحصل- هآرتس

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: الجمهور الاسرائيلي يصدق السلطة ويسجد لـ "محافل الأمن". وهو يغلق أذنيه أمام اصوات اخرى ويفضل كم أفواه حفنة مثبِّطة للفرح، تُحذر من النبذ وسفك الدماء - المصدر).

        عندما تحدثت العناوين الرئيسة في الصحف في كل العالم بحماسة عن مئات آلاف المصريين، معظمهم شباب، يتظاهرون ليل نهار في ميدان التحرير في صالح اصلاحات ديمقراطية، ظهر في هوامش الصحف في اسرائيل نبأ صغير. وجاء في النبأ انه في استطلاع جديد أُجري في اوساط الجمهور اليهودي في اسرائيل، فان 52 في المائة من المستطلعين وافقوا على تقييد حرية التعبير بقدر ما تمس التقارير في الصحافة بصورة الدولة. الاستطلاع، الذي أجرته شركة "جيوكراتوغرافيا" للكلية الاكاديمية تل ابيب – يافا، يفيد بأن 64 في المائة من المستطلعين مستعدون لان تقيد الدولة حرية التعبير في وضع التهديد الأمني. معدلات مشابهة وردت بالنسبة لتقييد الحرية الاكاديمية.

جدول الديمقراطية الاسرائيلية للعام 2010، والذي نشره المعهد الاسرائيلي للديمقراطية يظهر ان نحو 40 في المائة من الاسرائيليين يعتقدون بأن في اسرائيل هناك قدر أكبر مما ينبغي من حرية التعبير. 59 في المائة من اليهود الذين يعتبرون انفسهم يمينيين، 49 في المائة من اولئك الذين يعتبرون انفسهم وسط، و39 في المائة من اولئك الذين يتوجون انفسهم كيسار، يعتقدون بأن منظمات حقوق الانسان والمواطن مثل جمعية حقوق المواطن وبتسيلم تلحق ضررا بالدولة. افيغدور ليبرمان كان يعرف ماذا يفعل عندما أعلن عليها الحرب.

الرئيس حسني مبارك ينبغي ان يحسد الجار اليهودي، الذي يقف على رأس "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"؛ رعايا بنيامين نتنياهو يحتجون أمام التلفزيون (اذا لم يكونوا ملتصقين به يشاهدون "الأخ الأكبر"). جدول الديمقراطية يظهر منذ عدة سنوات بأن 80 في المائة من الاسرائيليين يؤمنون بأن ليس في وسعهم التأثير على سياسة الحكومة. في نظر قسم كبير منهم، النظام العام يسبق حق الاحتجاج والتظاهر؛ وفضلا عن ذلك، فان 6 من أصل 10 يهود يعتقدون بأن على الشرطة ان تفرق المظاهرات حتى لو كانت لا تعرض للخطر حياة الانسان أو أملاكه ولا تؤدي إلا الى تشويش طرق المواصلات.

        بالفعل، لا مجال لمقارنة العامل المصري، الذي يعيش على الحمص ورغيف الخبز ويرفعون له ثمن الدقيق، مع الموظف الاسرائيلي الذي يُطالَب بأن يدفع عدة شواقل اخرى لقاء الوقود. صحيح، في اسرائيل لا يعتقلون مدونين بتهمة المس بكرامة الرئيس. من جهة اخرى، فان مصر لا تحتفظ على مدى أكثر من 43 سنة بملايين الاشخاص تحت الاحتلال العسكري في ظل دفع ثمن أمني، سياسي واقتصادي هائل. وحتى رئيس وزراء اليمين، بنيامين نتنياهو، قال في بار ايلان بأن هكذا لا يمكن للامور ان تستمر، وأعلن عن تأييده لحل الدولتين.

        اذاً قال. فهل سمع أحد عن احتجاج لتجاهل حكومات اسرائيل مبادرة السلام العربية في آذار 2002، التي تقترح على اسرائيل التطبيع مع كل الدول العربية، مقابل الانسحاب الى حدود 1967 (الجامعة العربية تؤيد تبادل الاراضي) وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين؟. "المجتمع الاسرائيلي يفضل التوافق الاجتماعي، الرقابة الذاتية والطاعة الطوعية"، كما يشخص عالم النفس السياسي البروفيسور دانييل بار – طال من جامعة تل ابيب؛ "هذا النهج هو وصفة للجمود الفكري، العمى والبكم".

        بار – طال، الذي بحث في موانع السلام، قال ان السلطة والجيش يغرقان الجمهور على مدى السنين، بمعونة وسائل الاعلام المجندة، بمعلومات تتوافق والرواية التي يريدان غرسها فيه ("لا شريك"، "القدس الموحدة"، "حكم اريئيل كحكم تل ابيب"). وحسب اقواله، من هذه الناحية فان وضعنا أخطر من وضع "دول مغلقة" مثل الكتلة الشرقية في السبعينيات. هناك كان المواطنون يعرفون بأن السلطة تقدم لهم معلومات مغرضة، وكانوا يبحثون عن مصادر اخرى للمعلومات ويسعون الى الاصلاحات والتغيير. أما الجمهور الاسرائيلي فيصدق السلطة ويسجد لـ "محافل الأمن". وهو يغلق أذنيه أمام اصوات اخرى ويفضل كم أفواه حفنة مثبطة للفرح، تحذر من النبذ وسفك الدماء.

        حسب جدول الديمقراطية، فان 60 في المائة من الجمهور الاسرائيلي (يهود وعرب) يؤيدون الرأي في ان "بعض الزعماء الأقوياء يمكنهم ان ينفعوا الدولة أكثر من كل المداولات والقوانين". لا غرو ان العديد من الاسرائيليين، بمن فيهم كبار المحللين، يشاركون في أسى الرئيس مبارك ويبدون خيبة الأمل من الرئيس اوباما الذي هجره لمصيره. على نتنياهو ان يقترح على صديقه المصري اللجوء السياسي. ومبارك سيشعر هنا مثلما كان يشعر في وطنه في أفضل الايام.