خبر الرعب الأمريكي الإسرائيلي من ثورة الشعب المصري ..ياسر الزعاترة

الساعة 08:12 ص|03 فبراير 2011

الرعب الأمريكي الإسرائيلي من ثورة الشعب المصري  ..ياسر الزعاترة

 

يوم الجمعة الماضية عاشت الولايات المتحدة حالة من التوتر غير المسبوق على خلفية ما كان يجري في مصر، إذ خرجت وزيرة خارجيتها والناطقون باسمها يعلقون على الأحداث، وصولا إلى الرئيس نفسه، وبدا كما لو البيت الأبيض قد تفرغ بالكامل لمتابعة الأحداث، مع العلم أن حالة التوتر لم تنته فصولا بعد.

 

في الدولة العبرية كان الوضع أكثر سوءا، فعلى رغم ميل أركان الحكومة والأجهزة الأمنية إلى التحفظ حيال التعليق على الملف، وبالطبع خشية الإضرار بموقف النظام المصري، إلا أن الصحافة الإسرائيلية (أخبارا وتعليقات) لم تتوقف عن التعبير عن حالة الذعر التي أصابت الإسرائيليين، وبالطبع إيمانا منهم بأن تغييرا يعبر عن رأي الجماهير المصرية سيشكل كارثة سياسية بالنسبة لدولتهم، هي التي استفادت كثيرا من إخراج مصر من دائرة الصراع، فكيف حين ألقت بثقلها في المربع المقابل لتيار المقاومة؟!

 

بنيامين بن إليعيزر، الوزير السابق وعضو حزب العمل المعروف بقربه من الرئيس مبارك قال رأيه بصراحة في هذا الصدد، فقد نقلت عنه صحيفة "هآرتس" يوم الأحد قوله إن "مصر هي الدولة الأهم بالنسبة لإسرائيل من كافة النواحي والاعتبارات، ويجب أن نتذكر أنها الدولة التي لديها أكبر جيش، وكانت ولا تزال عامل توازن وتهدئة في المنطقة وهي مركز وأساس الاستقرار في الشرق الأوسط".

 

وأضاف "أنا لست قلقا على اتفاق السلام، وفي تقديري أن أي أحد سيحل مكان مبارك، باستثناء الأخوان المسلمين، سوف يحترم اتفاق السلام لأن هذه مصلحة مصرية".

 

وقال بن اليعيزر إنه فوجئ من الانتفاضة الشعبية في مصر، و"فوجيء من قوة الاحتجاجات وتواصلها، وأنا ملتصق بالتلفاز وأشاهد التقارير في جميع شبكات التلفزيون التي يمكنني مشاهدتها وشعوري هو أن هذا تطور مقلق للغاية".

 

ذكّرتنا هذه الحالة من القلق التي انتابت الدوائر الأمريكية الإسرائيلية بما سبق أن قاله مصطفى الفقي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب المصري، حين ذهب إلى أن رئيس مصر "يحتاج لموافقة أمريكا وعدم اعتراض إسرائيل"، وهي المقولة التي التقطها محمد حسنين هيكل وأدت إلى جدل سياسي كبير.

 

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن اهتمامها اليوم بالحالة المصرية لا يتوقف فقط عند حدود تبعيتها للهواجس الإسرائيلية، وهي تبعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقة بين الطرفين، لكنه يتجاوز ذلك إلى المصالح الأمريكية أيضا، ذلك أن تغييرا حقيقيا في مصر سيعني تغييرا في سائر أنحاء المنطقة، ونعلم أن انتفاضة تعيد للجماهير اعتبارها سيعني اتجاها جديدا لبوصلة السياسة الخارجية في العالم العربي، ذلك أن أمريكا في الوعي الجمعي للأمة هي العدو الثاني بعد الكيان الصهيوني، وفي حال استعادت الجماهير قرارها، فإن العلاقة مع واشنطن ستتغير، أقله لصالح علاقة ندية ترفض الإملاءات والابتزاز، تماما كما هو الحال مع العلاقة التي برزت خلال السنوات الأخيرة مع دول أمريكا اللاتينية.

 

مصر ليست أي دولة، فهي الثقل الأكبر في العالم العربي، بل وفي المنطقة قبل أن تضيّعها سياسات النظام المصري خلال الألفية الجديدة، والتغيير فيها ليس كأي تغيير، إذ أن مآسي النظام لم تصب المصريين وحدهم، بل أصابت عموم الأمة، وهذا هو السبب الذي كان يدفعنا وسوانا إلى الاهتمام بالشأن المصري ومهاجمة النظام المصري، الأمر الذي كان يستفز بعض إخوتنا المصريين كما لو أن الأمر استخفافا بهم لا سمح الله.

 

نعم، لم تكن سياسات النظام كارثة على المصريين وأمنهم القومي فقط (الكيان السوداني الجديد المتحالف مع الكيان الصهيوني هو أهم الكوارث الجديدة)، بل تجاوزتهم إلى العالم العربي برمته، بدليل ما جرى ويجري على الساحة الفلسطينية، لا أعني حصار قطاع غزة فقط، بل أيضا وقبل ذلك، تمرير قتل ياسر عرفات وتسليم القيادة لمن حاولوا الانقلاب عليه، وللمطلوبين من قبل واشنطن وتل أبيب.

 

ولا ننسى ما جرى في العراق، أعني تمرير الحرب، ومن ثم التعاون مع الولايات المتحدة في كل الخطوات التالية، وترك البلد رهينة لإيران وحدها، فضلا عن حرف مسار الأمة إلى المعركة مع جعل الأولوية هي التصدي للمشروع الصهيوني.

 

اليوم يخرج المصريون إلى الشوارع ليحرروا أنفسهم ويحررونا معهم أيضا، والفضل بعد الله سيكون لتونس التي فتحت الباب، لكن البوابة المصرية ستكون الأهم، فمن خلالها سنعبر جميعا نحو أفق الحرية والكرامة.

 

إذا نجح المصريون في تغيير النظام، فستكون أحجار الدومينو الأخرى جاهزة للتساقط من بعده، وعندما يحدث ذلك ستأخذ الأمة وضعا مختلف في صراعها مع أعدائها، وفي مقدمتهم الصهاينة والأمريكان، ولن تجرؤ إيران بعد ذلك على تحدي الوضع العربي، سواءً كان التحدي على أسس سياسية أم مذهبية، وسيكون الحوار هو الطريق لحل الإشكالات العالقة بين الطرفين.

 

شعب مصر اليوم يتقدم الصفوف لقيادة الأمة، ولا عجب أن يقف الشرفاء اليوم على أبواب السفارات المصرية في الدول العربية والأجنبية، أولا من أجل تأدية التحية للجماهير المصرية، وثانيا لكي يقولوا للنظام كفى، فقد آن أن ترحل لكي تعيش مصر مرحلة جديدة عنوانها العزة والكرامة والتحرر، ولكي تقود قاطرتنا نحو ذات العنوان بإذن الله.