خبر صفعة أمريكية- يديعوت

الساعة 09:56 ص|02 فبراير 2011

صفعة أمريكية- يديعوت

المبارك قام بمهمته

بقلم: دوف فايسغلاس

موقف الادارة الامريكية بالنسبة لما يجري في مصر غريب، على اقل تقدير. غريب وضار. فحتى لو اعتقدت الادارة بان مبارك انتهى، فان هجرانه العلني ليس مناسبا – وليس فقط لاعتبارات الاخلاص او النزاهة، والتي وزنها في الحياة السياسية ليس كبيرا، بل بسبب الحكمة السياسية.

منذ طرد المستشارين الروس وعقد اتفاق السلام مع اسرائيل تشكل مصر مدماكا مركزيا في منظومة النفوذ الامريكي في الشرق الاوسط. بدأ بذلك الرئيس السادات وأحسن فعله مبارك حين طور الى الذروة العلاقات الامريكية المصرية، رغم الانتقاد والغضب اللذين تعرض لهما. وليس كدول الخليج التي تتمتع من كل الخير الامريكي وعلنا هي صديقة للولايات المتحدة، ولكن في الخفاء مولت الارهاب ضدها (وعلى رأسها عمليات 11 ايلول)، فان مصر مبارك وقفت كحليف استراتيجي للولايات المتحدة وساعدت في تقدم المصالح الامريكية ومكافحة الارهاب العربي.

الصفعة التي تلقاها مبارك في أثناء الازمة تذكر الوجه الاقل لطفا للولايات المتحدة، التي تهجر عند الضائقة حكاما ودودين دون تردد. لا ريب أن على الحكام ان يفكروا مرتين قبل ان يربطوا مصيرهم الشخصي ومصير دولتهم بالولايات المتحدة. وعلى نحو لا يشبه التسعينيات، حيث لم تكن هناك قوة عظمى وحيدة، اليوم يوجد للحكام جملة من الرعاة المحتملين: روسيا، التي ترمم بسرعة تطلعاتها ومكانتها كقوة عظمى، الصين، النشطة جدا في توسيع مجال نفوذها وكذا رابطة الشعوب الايرانية – الاسلامية تتعزز وتبحث عن زبائن. توجد حياة حتى بدون أمريكا.

التعليل لهجر مبارك بعيد عن الاقناع: مساوىء مصر كديمقراطية معروفة جيدا لسنوات عديدة. الحاجة الحيوية فجأة، لـ "تعديلات في النظام"، "اصلاحات وما شابه" لم تثر أمس. كل ما حصل حقا هو ان أحدا في الادارة قدر بان عصر مبارك انتهى وان لم يعد معنى للاستثمار فيه.

هذا ايضا خطأ: مبارك لا يزال هناك. ولايته لم تنتهي بعد ومشكوك اذا كان هذا سيحصل كنتيجة لاحداث الايام الاخيرة. الرغبة المتسرعة للتزلف وارضاء جماعات المعارضة غير الواضحة، "المعارضة" التي لا يعرف من خلفها ومن زعماؤها هي خطأ. ناهيك عن ان الاحتمال في ان تصل حركة المعارضة هذه الى الحكم طفيف.

اذا كانت الادارة الامريكية تعتقد بان اضعاف مبارك، او حتى اسقاطه، سيعزز الديمقراطية في مصر، فانها مخطئة في هذا ايضا. الديمقراطية لا تتلخص في اجراءات انتخابات سليمة. الديمقراطية هي نمط حياة حر، تقيم مساواة في الحقوق، حرية تعبير وتنظيم، سلطة قانون وما شابه من قيم – وتحظر التمييز.

الادارة الامريكية السابقة أجبرت اسرائيل (وعمليا السلطة الفلسطينية ايضا) على الموافقة على اشراك حماس في انتخابات عامة في القطاع. احتججنا، شرحنا، حذرنا، دون جدوى. والنتيجة: حماس فازت بالاغلبية، في انتخابات جرت برقابة دولية متشددة ودون شائبة. ماذا إذن؟ حماس في الحكم هذه ديمقراطية؟ القاء الخصوم السياسيين من اسطح المنازل في غزة هذه ديمقراطية؟ اطلاق النار على أرجل المعارضين واعدام النساء هذه ديمقراطية؟

لا. هذا بالاجمال نتاج لسوء الفهم الامريكي، الذي يقدس مسيرة الانتخاب ويتجاهل مخاطر النتيجة. "انتخابات حرة" في مصر، ومن النوع الذي تريده كلينتون واوباما ستؤدي الى اشراك احزاب الاسلام المتطرف في الحكم في مصر. والنتيجة ستكون تعزيز نفوذ التطرف الديني والمس بحقوق المواطن. هذه ديمقراطية؟ أين في العالم يوجد نظام اسلامي ديني وديمقراطي؟

هجران مبارك، الدفع نحو "انتخابات حرة" وادراج الاسلام المتطرف في الحكم المصري من شأنه ان يعرض للخطر استمرار وجود اتفاق السلام الاسرائيلي – المصري. واذا ما حصل هذا لا سمح الله فستكون هذه مصيبة لاسرائيل والمنطقة بأسرها. يخيل ان الولايات المتحدة، بتسرعها، تتجاهل تماما هذا التخوف الشديد، الامر الذي يلقي بشك على صدق التصريحان بشأن "الالتزام بأمن اسرائيل".

بكلمات اخرى: كان ينبغي لكم ان تفكروا ايضا باسرائيل قبل ان تتسرعوا فتدعون مبارك الى الذهاب. من الصعب التفكير بضرر اكبر جسامة بأمن اسرائيل من انهيار اتفاق السلام مع مصر. مقلق بالتأكيد.