خبر أصبح نتنياهو مشتاقا -هآرتس

الساعة 09:54 ص|02 فبراير 2011

أصبح نتنياهو مشتاقا -هآرتس

بقلم: الوف بن

(المضمون: اذا سقط حسني مبارك في مصر وهو من أهم حلفاء اسرائيل فسيضطر بنيامين نتنياهو الى ان يحسم أمره فاما أن يظل متمسكا بمواقفه المتصلبة وإما أن يبادر الى تسويات سياسية تخرج اسرائيل من العزلة - المصدر).

        صدق بنيامين نتنياهو بتحذيره من ان اتفاقات السلام ستتعرض لخطر اذا تضعضعت نظم الحكم التي وقعت عليها وفقدت السلطة. وصدق نتنياهو في تقديره ان حسني مبارك كان حليفا حيويا لاسرائيل، وفي خشيته مما سيحدث لمصر في عصر ما بعد الرئيس. وصدق نتنياهو ايضا في إصراره على صرف عناية أكبر أمنية الى الحدود الجنوبية. أثبت آلاف المهاجرين الذين جاءوا الى اسرائيل من افريقيا عن طريق مصر، استصعاب القاهرة المتزايد أن تُحكم سلطتها وسيادتها في شبه جزيرة سيناء.

        لكن رئيس الحكومة ليس محللا ومتنبئا فقط، ومطلوب الى نتنياهو الآن أن يجابه آثار تقديراته الصادقة. ليس له حظ فقد تهاوى مبارك في نوبته خاصة. كان رئيس مصر من جميع زعماء العالم أفضل اصدقاء نتنياهو وأكثر كلاهما اللقاء. فقبل اربعة اسابيع فقط اجتمعا في شرم الشيخ. ولم يبق الآن سوى الشوق والحاجة المُلحة الى سياسة جديدة.

        عرّضت التقلبات في مصر نتنياهو الى قرار دراماتي على أن يسمح بدخول كتيبتين من الجيش المصري الى شرم الشيخ لاول مرة منذ الانسحاب الاسرائيلي من سيناء. يزعم نتنياهو منذ سنين ان اسرائيل تحتاج الى ترتيبات أمنية صارمة باعتبار ذلك شهادة أمان لاتفاقات السلام. وها هو ذا خاصة قد دُفع الى ان يبت بين ما هو الأهم التمسك بمبدأ نزع السلاح وليكن ما كان أم الاستعانة بالسلطات المصرية على قمع انتفاضة البدو.

        يرى المصريون القيود على سيادتهم في سيناء التي أُقرت باتفاق السلام، مسا أليما بكرامتهم الوطنية. وقد استغلوا الفرصة الآن ونشروا من جديد جيشهم في شبه الجزيرة المنزوع السلاح. لن تعيد أي حكومة في القاهرة في المستقبل هذه القوة الى الجانب الثاني من السويس. فماذا نفعل؟ كان العقائدي نتنياهو يدعو بيقين الى ثبات صلب على مواد المعاهدة ويندد بـ "الحكومة الليِّنة" التي تخلت لمصر. لكن السياسي نتنياهو فضل أن يجذّ اتفاقات نزع السلاح خشية ما سيحدث اذا سيطر جماهير منتفضون غاضبون على مضايق تيران واستطاعوا ان يهددوا حرية الملاحة الاسرائيلية الى ايلات.

        اذا تحققت تنبؤات نتنياهو القاتمة، وأصبحت مصر ايران جديدة فستواجه اسرائيل معضلة أصعب: أتعود الى الوضع الاستراتيجي الذي ساد قبل اتفاق السلام؟ أتستعد لمجابهة في جميع الجبهات، ولبناء جيش بري كبير وزيادة نفقات الأمن بحسب ذلك – أم تحرز ترتيبات سلمية في الشرق وفي الشمال وتركز القوة في مواجهة العدو الجديد في الجنوب؟ الميل الغريزي مع مشاهدة المظاهرات الضخمة في القاهرة هو الى التحصن في حصن "سور وبرج"، والقَسَم على سياسة عدم التخلي عن أي شبر ارض و "قلنا لكم"، و"لا يجوز الاتكال على العرب" منذ الآن الى الأبد. لكن لهذه السياسة ثمنا من العجز في الميزانية وقمع النماء الاقتصادي ورفع الضرائب وتثقيل العبء العسكري. فهل المجتمع الاسرائيلي مستعد لدفع هذه الأثمان والتخلي عن حلم الاقتصاد الغربي؟ ومن بالضبط سيخدم في الجيش المُكبّر، الحريديون والعرب المعفون اليوم من التجنيد؟ أربما المهاجرون من اريتيريا والسودان الذين أصبحوا يعرفون المنطقة؟.

        ليست تسويات السلام تعبيرا عن نظرة خلاصية يسارية كما يزعم أناس اليمين. إن الدبلوماسية بديل عن القوة. لقد وفر السلام مع مصر على اسرائيل موارد ضخمة بُذلت قبل ذلك في الردع والحروب، ومنحها رفاهة اقتصادية ومكّنها من ان تشدد قبضتها على الضفة الغربية وتحشد جيشها إزاء سوريا ولبنان وايران. أدرك مناحيم بيغن هذا ولهذا تخلى عن سيناء لينشيء مئة مستوطنة في المناطق. اذا أُقيمت في مصر جمهورية اسلامية فسيواجه نتنياهو حسم قرار عكسي، أينسحب من الضفة والجولان لتثبيت الجبهة الشرقية ولحشد قوة رادعة في جبهة الجنوب.

        فحص نتنياهو في الاسابيع الاخيرة عن احتمالات شق طريق سياسي مع الفلسطينيين والسوريين يخرق عزلة اسرائيل الدبلوماسية. إن صمته عن كشوف "الجزيرة" واهود اولمرت عن التفاوض الذي أجرته حكومة كديما مع الفلسطينيين، يشير الى أن نتنياهو مستعد للمرونة. وقد جعلته الأحداث في مصر يقف ويفكر من جديد، لكن نتنياهو لن يستطيع التردد الى الأبد. اذا سقط مبارك فسيضطر الى أن يبت أمره بين التحصن في حصن وتسويات سياسية.