خبر باسم دين الديمقراطية- يديعوت

الساعة 09:18 ص|01 فبراير 2011

باسم دين الديمقراطية- يديعوت

بقلم: أفيعاد كلاينبرغ

في القرن الخامس عشر عاني الغرب من موجة عصف. الوباء الاسود للقرن الذي سبقه قضى على ما بين الثلث والاربعين في المائة من سكان اوروبا الغربية. ودفعة واحدة نجا الغرب من الدائرة الشيطانية للارتفاع غير المضبط في عدد السكان الذين لم يتمكن المجتمع من توفير احتياجاتهم، وعصفت به امواج متكررة من الجوع. بعد الوباء كان في الغرب نقص شديد في القوى البشرية.

هذه الازمة صممت منذ ذلك الحين طريق الغرب. فقد أدت الى تحرير الاقطاعيات الغربية (الفلاحين، الذين بات عملهم باهظ الثمن، كان بوسعهم ان يديروا مفاوضات من موقع قوة) والى تعزز الدولة (حكم مركزي يدير المجتمع بشكل افضل) والتوق غير مكبوح الجماح نحو الطاقة. وطورت الدول الغربية تكنولوجيا موفرة للطاقة (سلاح ناري اساسا، والذي هو الطريق الكاملة لنقل ثمار عمل الاخرين اليك) وانطلقوا الى احتلال العالم.

"عصر الاكتشافات" كان رحلة احتلال واستغلال متواصلة، نقل فيها رجال الغرب الثراء من كل العالم الى اوروبا. وقد اعتمدت هذه الخطوة عى الايديولوجيا. لماذا مسموح لنا أن نأخذ ثراء الاخرين؟ لانهم غير اخلاقيين ونحن اخلاقيون؛ لانهم عبدة الاصنام او كفار ونحن لدينا دين الحقيقة؛ لاننا نجلب لهم التقدم.

تعريف التقدم تغير من حين الى حين – في البداية كان التقدم هو الدين المسيحي. المسيحية هي الحقيقة وكل دين آخر هو كذب. في الصدام بين الحقيقة والكذب لا تحتمل مفاوضات، بل فقط قبول تام للحقيقة. ومع الايام رفع العلم الذي باسمه وصل رجال الغرب الى بلدان بعيدة الا وهو علم التنور. نحن محررون من المعتقدات الغيبية (مثل المسيحية التي أدار لها الغرب ظهر المجن في القرن التاسع عشر)، اما رجال العالم الاخر فمفعمون بالمعتقدات التافهة؛ مثلهم مثل الاولاد. دورنا هو أن ننير عيونهم بالخير ام بالشر (في صالحهم).

الاستعمار الغربي لم يحاول حماية المحليين بل "رباهم". كانت لديه مبادىء وفيرة، مبادىء كانت تنقص المحليين. وفي ذات الفرصة اخذ المربون لانفسهم رسوم تعليم عالية جدا مما ينقصهم – مواد خام واساسا طاقة لتغذية الطمع الجائع لمستوى المعيشة الغربية الاخذ في الارتفاع. كم كان المربون واعين لهذه الصفقة المجدية التي عقدوها؟ كم كانوا مزدوجي الاخلاق وكم كانوا مزايدين؟ من الصعب الاجابة على هذا السؤال. هذا متعلق باللاعبين وبالظروف، بالطبع.

يخيل أنه في عصرنا زعيمة العالم الحر، الولايات المتحدة تتميز بالمزايدة اكثر مما بالازدواجية الاخلاقية. زعماؤها يسعون الى نشر الديمقراطية في ارجاء العالم. والايمان بهذه الديمقراطية يتضمن، كجزء من الصفقة، الايمان ايضا (الاهم) بالسوق الحرة وبتدفق المواد الخام الى الغرب.

المشكلة هي ان الديمقراطية الغربية هي نتيجة ملابسات تاريخية غربية. هي نتيجة سياقات وصراعات جعلتها حلا وسطا معقولا بين القوى المختلفة الساعية الى التحكم بكعكة القوة الغربية. هل يمكن تصدير ديمقراطية غربية الى مجتمعات لم تجتز السياقات الغربية، وتوجد فيها قوى أصيلة وشديدة القوة ترى فيها مستوردا غريبا وخطيرا حقا مثل المسيحية؟ مشكوك فيه، شك كبير. من المعقول الافتراض انه لو اتيحت انتخابات حرة حقا في اجزاء واسعة من العالم الاسلامي لكانت يد متزمتي الاسلام هي العليا، مثلما اظهرت الانتخابات في غزة، مثلا.

الاضطرابات في العالم العربي اليوم هي قصة مركبة احتمالات ان تنتج ديمقراطية غربية فيها قليلة. فمن أين بالضبط ستأتي مثل هذه الديمقراطية؟

هل الاستنتاج هو أنه ينبغي بالضرورة تأييد قوى الطغيان القائمة؟ ليس بالذات. شيء واحد واضح – الوضعيات المركبة لا تحتمل التبسيطية الافتراضية من خلال دمج من المصالح والعمى الايديولوجي. الدعوات الامريكية المثنية على الديمقراطية تعبر عن التزام زائد بالدين الغربي وعدم فهم للثقافات الاخرى. قبل أن تخرجوا لتجلبوا لنا جنة عدن، تأكدوا من أنكم لا تقودوننا نحو جهنم.