خبر مصر: المفارقة من جهتنا -إسرائيل اليوم

الساعة 10:01 ص|30 يناير 2011

مصر: المفارقة من جهتنا -إسرائيل اليوم

بقلم: بوعز بيسموت

(المضمون: الغرب بين رضاه بفساد الحاكم وخوفه من استيلاء الاسلاميين على الحكم - المصدر).

    لا يعلم أحد الآن هل يجتاز مبارك أصعب نهاية اسبوع له منذ تولى السلطة في 1981. فمن موريتانيا الى اليمن لا يوجد اليوم زعيم عربي يمضي للنوم في هدوء. الشعب يطلب الحرية لا بالمعنى الغربي حقا (لانه لا يعرف ما هو)، لكنه أكثر انفتاحا مما يستطيع زعماؤه منحه. الانفتاح الذي يطلبه الشارع هو الحكم على الزعماء ايضا. ومن هنا تنبع المجابهات اليوم ولا سيما تلك الآتية.

    ليس يقينا ان تنتصر الديمقراطية في العالم العربي، كما لا يمكن ان نضمن ان يفوز الاسلاميون في كل دولة عربية ينشأ فيها فراغ في الحكم. المؤكد هو شيء واحد وهو قوة الجيش باعتباره عامل استقرار يضمن نظام الحكم كما في الجزائر في التسعينيات.

    لم يكرر حسني مبارك في خطابه خطأ نظيره التونسي. وعد الزعيم المصري في الحقيقة بأخذ المواطنين في حسابه وفض الحكومة كما في تونس، لكنه لم يتحدث عن انهاء نظامه. وقد حكم ابن علي في واقع الأمر على مصير سلطته في اللحظة التي التزم فيها ألا يترشح للانتخابات في 2014. هدم ابن علي بجملة واحدة كل فلسفة حكمه. لا الحكم طوال الحياة فقط بل الطموح الى نقل السلطة بالوراثة (اليمن وسوريا ومصر).

    الانفتاح السياسي هو شيء لا يستطيع الزعماء العرب منحه. خرجت السلطة من أيدي الزعماء العرب في عصر الفضائيات (وبخاصة "الجزيرة")، والانترنت والهواتف المحمولة الذكية. فقد قفز الشارع الى الدرجة المئة بلا تدرج. إن التأييد العام الذي قل أصلا ولا سيما للزعماء الذين أخذوا يشيخون والذين لم يستطيعوا منح مواطنيهم مصدر عيش على حساب الحرية (كما في الصين)، لا يضمن البقاء في انتخابات حرة.

    نظر الزعماء العرب دائما الى الاتحاد السوفييتي باعتباره نموذجا لا عسكريا فحسب. علمتهم نتائج البروسترويكا عن النظام السوفييتي فصلا في تأثيرات الانفتاح السياسي. ولذلك سيكون القمع كما في سوريا، خيارا مفضلا دائما. ولهذا سيكون في دول "ديمقراطية" كما في الاردن والبحرين حيث تجري انتخابات حرة لمجلس النواب، ستكون دائما جهة أقوى (مجلس الأعيان) قادرة على احباط طموحاته.

    ليس لمبارك خيارات كثيرة. إن مشروع القيادة العربي كله قائم على زعيم قوي وعلى "ديمقراطية". فاذا أسقطتم الهلالين، فستسقطون الحاكم. ليس العالم العربي متجانسا. فالجزائر لا تشبه قطر، وتونس لا تشبه مصر. إن التخلي عن مبارك أصعب على واشنطن من التخلي عن ابن علي. يُقال في فضل مبارك انه مكّن من نشاط المعارضة ومن وجود اعلام نقدي. وقد منح مواطنيه ايضا محاكم أكثر استقلالا مما في تونس. وهذا ما يستطيع انقاذه من جهة واشنطن لكن هذا ايضا ليس مؤكدا.

    السؤال من جهته هو كيف تُحل المناقضة. أملنا طوال حياتنا ديمقراطية في العالم العربي، لكن عندما يهيج الشارع نأمل بقاء الزعيم بسبب الاسلاميين. "نهاية التاريخ"، كتب فوكو ياما في 1989. أربما تكون هذه بداية التاريخ خاصة؟.