خبر إتكلوا على حسني وفؤاد -هآرتس

الساعة 09:58 ص|30 يناير 2011

إتكلوا على حسني وفؤاد -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

 (المضمون: تقسيم اسرائيل والغرب عامة لنظم الحكم في الشرق العربي والاسلامي الى شريرة وغير شريرة بحسب مصالحها خطأ ونفاق. يجب ان يكون التقسيم بين دول ديمقراطية حقيقية تحترم الشعب ومطالبه واخرى لا تفعل ذلك - المصدر).

    قبل ثلاثة ايام أو اربعة كانت مصر ما تزال في أيدينا. فقد قال جيش المحللين وفيه أكبر خبرائنا بمصر، بنيامين بن اليعيزر، إن "كل شيء تحت السيطرة"، وأن حكم القاهرة ليس كحكم تونس وإن مبارك قوي. وتحدث بن اليعيزر عن انه حادث مسؤولا مصريا كبيرا بالهاتف ووعده هذا بأنه لا يوجد ما يقلق. إتكلوا على فؤاد وعلى حسني اللذين سيصبحان من الماضي بعد قليل.

    انقلب كل شيء في ليل السبت. فقد تبين ان تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية التي رُددت حتى الارهاق على أفواه المحللين ذوي الانتماءات المختلفة، لم تمتز مرة اخرى بدقة نموذجية. فقد قال الشعب المصري قوله، غير متلائم في وقاحته مع الأهواء الاسرائيلية. وقبل لحظة من الحكم على مصير مبارك حان وقت استخلاص الدروس الاسرائيلية.

    إن نهاية نظام حكم يعتمد على الحراب معلومة سلفا. قد يستمر سنين ويأتي السقوط احيانا في اللحظة الأقل توقعا لكن النهاية ستقع. فليست دمشق وعمان وطرابلس والرباط وطهران وبيونغ يانغ وحدها بل رام الله وغزة توشك ان تهتز. إن الحد الفاصل للتقسيم المنافق المتلون عند الولايات المتحدة والغرب بين دول "محور الشر" من جهة والدول "المعتدلة" من جهة اخرى قد انهار: فاذا أردنا الحديث عن محور شر فليكن اذا كل نظم الحكم غير الديمقراطية وفيها "المعتدلة" و"المستقرة" و"الموالية للغرب". مصر اليوم وغدا فلسطين؛ وتونس أمس وغزة بعد غد. ليس حكم فتح في رام الله وحكم حماس في غزة يوشكان ان يسقطا بل الاحتلال الاسرائيلي ايضا ذات يوم الذي يجيب عن جميع معايير الطغيان والجريمة ونظام الشر. وهو ايضا يعتمد على البنادق فقط. وهو كريه ايضا الى جميع طبقات الشعب المحكوم، حتى لو كان عاجزا وغير منظم وغير مسلح في مجابهة جيش كبير. الاستنتاج الاول انه يحسن انهاؤه على خير باتفاقات تقوم على العدل لا على القوة قبل ان تقول الجماهير قولها وتنجح في طرد الظلام.

    الاستنتاج الثاني وهو لا يقل أهمية هو ان الأحلاف مع نظم الحكم غير المحبوبة قد تتمزق بمرة واحدة. فما ظل الجماهير في مصر وفي العالم العربي كله يشاهدون صور الطغيان والعنف من مناطق الاحتلال، فلن تستطيع اسرائيل ان تكون مقبولة حتى لو كان بعض الانظمة يقبلها. أصبح نظام الحكم في مصر حليفا للاحتلال الاسرائيلي. والحصار المشترك لغزة هو البرهان الساطع على ذلك. ولم يُحب الشعب المصري هذا الامر. وهو لم يحب قط اتفاق السلام مع اسرائيل الذي التزمت اسرائيل في اطاره "احترام حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية" – ولم يفِ به قط. بدل ذلك تلقى أبناء الشعب المصري مشاهد "الرصاص المصبوب".

    لا يكفي كي تكون مقبولا في المنطقة طائفة قليلة من السفارات بل يُحتاج ايضا الى سفارات الارادة الخيِّرة، والى صورة عدل ودولة غير محتلة. يجب على اسرائيل ان تشق طريقها الى قلوب الشعوب العربية، التي لم توافق أبدا على استمرار قمع اخوانها حتى لو استمر وزراء استخبارات بلدانها على التعاون مع اسرائيل. اذا كان يوجد شيء واحد مشترك بين جميع فصائل المعارضة المصرية فانه العداوة البالغة لاسرائيل. سيتولى ممثلوهم الحكم الآن وتُدفع اسرائيل الى وضع صعب. ولن يبقى شيء حتى من الانجاز المتوهم الذي أكثر بنيامين نتنياهو التلويح به – وهو الحلف مع الانظمة العربية "المعتدلة" على ايران. يمكن ان يكون الحلف الحقيقي مع مصر واخواتها قائما فقط على انهاء الاحتلال، كما يود الشعب المصري، لا على وجود عدو مشترك باعتباره مصلحة نظامه.

    ان جماهير الشعب المصري – وانتبهوا: على اختلاف طبقاتهم كلها – أخذوا مصيرهم بأيديهم. يوجد شيء ما مؤثر ومفرح في هذا. ولن تقدر عليهم أي قوة ولا حتى قوة مبارك الذي يحبه بن اليعيزر كثيرا. أدركوا في واشنطن عظم الوقت فأسرعوا الى التحلل من مبارك وحاولوا ان يحوزوا اعجاب شعبه. ويجب ان يحدث هذا في وقت ما ايضا في القدس.