خبر وثائق السلطة: فرصة سياسية..إسرائيل اليوم

الساعة 12:46 م|27 يناير 2011

بقلم: يوسي بيلين

مقاييس الرئيس بيل كلينتون التي صدرت في 24 كانون الاول 2000 نجحت في تحديد طبيعة السلام المحتمل بين اسرائيل والفلسطينيين. لم يتبنى أي من الطرفين هذه المقاييس كما هي، فشطب الاقتراح ظاهرا عن جدول الاعمال مع انتهاء ولاية كلينتون بعد شهر من ذلك. وعلى الرغم من ذلك، فان هذا هو الاقتراح الاكثر ملموسية على الارض. على اساسه جرت المحادثات بين الوفدين الى طابا قبل عقد من الزمان، على اساسه توصلنا الى تفاهمات غير رسمية في مبادرة جنيف 2003، وعلى اساسه جرت المحادثات بين م.ت.ف برئاسة محمود عباس وحكومة اولمرت في 2008. احد المبادىء الهامة لكلينتون كان ان كل الاحياء العربية في شرقي القدس تشكل العاصمة الفلسطينية، بينما القدس الغربية تضم اليها الاحياء التي بنتها اسرائيل في شرقي المدينة منذ حرب الايام الستة. الفلسطينيون قبلوا المبدأ، والحقيقة أن احدا ما يحاول المس بالقيادة البرغماتية يعرض الموافقة العلنية والشهيرة هذه كمؤامرة فلسطينية – اسرائيلية لا تزال بعيدة عن ان تجعلها كهذه.

        الوثائق التي انكشفت تعرض حقيقة المفاوضات التي جرت بعد اتفاق اوسلو، وبالاساس في العقد الماضي: الطرفان اقتربا جدا، ولكنهما لم يقتربا بما فيه الكفاية. اسرائيل مستعدة لمبدأ الدولتين، لتقسيم القدس الشرقية، للعودة الى حدود 67 مع تعديلات متبادلة بحجم 3 حتى 6 في المائة. وهي غير مستعدة لان تعترف بحق العودة للفلسطينيين، وبالتأكيد غير مستعدة لتحقيقه، ولكن لديها استعداد لمنح تعويض مالي للاجئين، والسماح باستيعاب رمزي لهم في اطار قرارها السيادي. الفلسطينيون يصرون على الا يكون الضم الاسرائيلي اكثر من 2 – 4 في المائة، ومعنيون باستيعاب عدد اكبر من اللاجئين في اسرائيل (الجدال بين اولمرت وعباس كان يتراوح بين 25 الف و 100 الف في عقد من الزمان). لم يكن اتفاق حول الاماكن المقدسة (اتفاق كهذا تحقق في مبادرة جنيف)، ولكن بالنسبة لترتيبات الامن، بما في ذلك مسألة حرية الطيران، تحققت تفاهمات مرضية.

        هذه هي القصة الحقيقية، وكشف الوثائق اكدها. لا حاجة للفلسطينيين لان يخجلوا من حقيقة أنهم قطعوا شوطا طويلا نحو الحل الوسط. كما ان اسرائيل لا حاجة لان تكون في حرج. الطرفان سارا الى ما بعد شعاراتهما في الستينيات، السبعينيات والثمانينيات. وهما لم يتوصلا الى تسوية لان أيا من حكومات اسرائيل لم تكن مستعدة، حتى الان، لان تدفع الثمن الذي اقترح دفعه في تفاهمات جنيف، وان الطرف الفلسطيني الرسمي لم يتعهد ابدا بها بالاسم ورسميا ولكن سمح بالفهم بانه مستعد لها.

        يحتمل أن يكون ممكنا استغلال اللحظة، والمجيء الى الطرفين، وطرح السؤال عليهما اذا كان بسبب تمسك اسرائيلي بمستوطنة بعيدة في قلب الضفة، مثل ارئيل، لا يمكن جسر فجوات بهذا الحجم الصغير. يحتمل أن تكون هذه هي اللحظة التي يجوز فيها للامريكيين ان يسألوا الطرفين اذا كانا يقفنان خلف المنشورات، واذا كانا مستعدين لمفاوضات مكثفة على تسوية، على اساس معايير كلينتون، محادثا طابا، مبادرة ايالون – نسيبة، مبادرة جنيف، محادثات اولمرت – عباس ومحادثات نتنياهو – عباس. وهل هما مستعدين لوضع حد للنزاع الطويل منذ الحرب العالمية الثانية قبل أن يحتفل كل مجانين المنطقة بضعف التنازلات وبانعدام الحصانة الوطنية الفلسطينية والاسرائيلية.