تقرير من قباطية للقدس.. هكذا انتقم « الفدائيون الثلاثة » لدماء صديقهم!

الساعة 04:43 م|06 فبراير 2016

فلسطين اليوم

في يوم الأربعاء ودع الفدائيون الثلاثة منفذو عملية القدس عائلاتهم كلا بطريقته، وخرجوا من بلدتهم قباطية الواقعة في أقصى شمال الضفة الغربية بإتجاه القدس، لا أحد يعلم كيف وصلوا إلى باب العامود، ولكن ما لن ينساه الجميع أن عمليتهم البطولية أجبرت الإحتلال على اعادة حساباته ونسفت كل نظريات الأمن لديه.

الفدائيون الثلاثة كما لقبوا، وصلوا القدس وتحديدا في باب العامود وقاموا بعمليتهم بكل هدوء، عملية نوعية هي الأولى من نوعها خلال الإنتفاضة الحالية وهي إطلاق النار بسلاح على جنود الإحتلال وقتل أحدهم وجرح ثلاثة إخرين، ولسان حالهم لن يوقفنا الإغلاق والحصار.

أحمد زكارنه ... الهادئ قليل الكلام

أحد هؤلاء الفرسان كان أحمد إبن العشرين عاما، قال لوالدته يوم العملية: « اليوم لدي موعد لجلسة محكمة في جنين » ولذلكلم  يذهب إلى عمله، وحينما تأخر في العودة بدأ الأهل بالبحث عنه وحدسهم ينبؤهم إن غيابه ليس طبيعيا.

و يقول والده:« في ذلك اليوم  اتصلت والدته وقالت لي أن أحمد لم يعد إلى البيت حتى الآن، فقمت بالاتصال عليه أكثر من مرة دون جدوى، حينها اتصلت على أصدقائه إلا أنهم أيضا لم يجيبوا على هواتفهم ».

و أضاف: « اتصلنا بوالد محمد كميل، وهم الأصدقاء الذين تربطهم أيضا علاقة نسب، وتوجهوا للبحث عنهم بالقرب من حاجز الجلمة، وحاجز برطعا، وخلال ذلك تلقينا اتصالا بأن هناك عملية وقعت في القدس نفذها أحمد ومحمد وصديقهم الثالث أحمد أبو الرب، فتحول حدسنا إلى يقين. »

وبحسب الوالد فإنه لم يكن أي تغير واضحا عليه، كان كعادته هادئا ولا يتحدث كثيرا، ولا أحد يعلم كيف وصل وأصدقائه إلى القدس، وكيف أدخلوا السلاح معهم أو أي تفاصيل عن العملية.

وأحمد هو الابن الثاني للعائلة، ولد في تموز 1996 وأنهى دراسته المدرسة ثم ألتحق بالتدريب  المهني حيث تعلم تمديد الكهرباء وعمل في شركة كهرباء رام الله لفترة، ثم عاد ليعمل في داخل البلدة.

وبحسب الوالد، فإن أحمد كما غيره من الشبان، كان يعيش حياه عادية قبل الإنتفاضة بين البيت والعمل و المسجد الذي يصلي فيه، والقهوة التي أعتاد على لقاء أصدقائه عليها.

وأحمد كما أصدقائه الثلاثة، هو رياضي جمعتهم وصديقهم الشهيد الرابع « أحمد أبو الرب » كرة القدم، حيث كانوا من فريق البلدة يتدربون ويلعبون سويا، ويشاركون في المبارايات خارج البلدة سويا.

محمد كميل ... أستشهد بسترة شقيقه

الشهيد محمد أحمد كميل، وهو الذي ورث اسمه محمد عن اسم خاله الشهيد الذي استشهد بعمليه تبادل لإطلاق النار مع الإحتلال في بلدته وهو في نفس عمره، خلال الإنتفاضة الأولى، كما تقول والدته.

وتابعت الوالدة بالحديث عن يوم العملية تقول: « لم يكن يبدو عليه شئ ذلك اليوم غير عاديا، ولكن بعد إستشهاده عرفت لماذا لم يلتفت إلي حينما ناديته، كنت على سطح البيت وسمعت باب البيت الخارجي وعندما سألته إلى أين أنت ذاهب؟ فأجابني دون أن يلتفت ورائه » اليوم إجازة سأذهب برفقة أحمد زكارنة إلى محكمته« وخرج، وحينما قلت له لماذا تلبس سترة أخوك؟،  قال لي »اليوم فقط سألبسها« ولم يلتفت إلي، وكأنه خاف أن ينظر إلي فأعرف ما كان يخطط له. »

وتستذكر الوالدة حياة أبنها القصيرة، كيف كانت كلها مرح وحيوية وكان مصدر سعادة للجميع من حوله، وقالت الوالدة: « إنه وبعد إنتهاء التوجيهي التحق للعمل في قسم المياه في بلدية قباطية، ومنذ ذلك الحين كانت حياته عادية بين العمل والبيت وأصدقائه، وكان كما كل الشباب يحلم ببناء منزله الخاص والزواج وتحسين عمله.

إلا أن نقطة التغير كانت بحياته بعد استشهاد صديقه على حاجز الجلمة أحمد عوض أبو الرب، في الثاني من نوفمبر الفائت، كما تقول والدته: » منذ استشهاد أبو الرب تغير كليا و أصبح حزينا ويتحدث عنه دائما، كان يقول لي دائما كيف أنه استشهد ونال الجنة وأنه يتمنى أن يكون مكانه« .

وعن يوم العملية تقول الوالدة: » تأخر عن العودة للبيت وحاولنا الإتصال به أكثر من مرة و لكن دون جدوى، وبعد سماعنا نبأ العملية في القدس لم أتوقع أن يكون هو، فكيف سيصل إلى هناك وهي مغلقة ومحاصرة، حتى نشروا صور الهويات وعرفنا أنه أحد المنفذين« .

و تابعت تقول: » إن الوصول الى القدس كان امنية الشهيد محمد بإستمرار، حيث تمنى كثيراً الصلاه فيها، لكن لم يتمكن طوال حياته من الوصول إليها بسبب الحصار المفروض عليها.

أحمد أبو الرب...

أما الفدائي الثالث هو أحمد أبو الرب، الشاب الذي تحولت نظرته للحياة خلال الإنتفاضة، وأصبح أكثر هدوءاً وإتزانا وكأنه كبر سنوات.

و يعمل أحمد في مشتل عمه القريب من البلدة، و يقول والده إن يوم العملية استأذن عمه بأنه سيتأخر عن العمل ليذهب إلى طبيب العيون بمدينة جنين حيث كان يعاني من تعب في عينيه، ولكنه تأخر، فاتصل عليه عمه عند العاشرة، فقال له أنه يحتاج إلى ساعة آخرى لينهي عمله، وبعد ساعة حاول الإتصال عليه إلا إنه لم يرد عليه وكان هاتفه مغلقا.

العم أخبر والد أحمد أنه لم يعد يرد على اتصاله، فحاول هو أيضا الإتصال عليه دون جدوى، فاتصل على أصدقائه الذين اخبروه بأنهم لم يروه منذ الصباح، وحينما حاول الإتصال على أصدقائه أحمد ومحمد كانت أيضا هواتفهم مغلقة، وخلال البحث عنه كانت الأنباء عن عملية في القدس، وهو ما لم يستوقف الوالد أيضا « فكيف سيصل إلى القدس ». ولكن حينما أعلنت أسمائهم ونشرت صور هوياتهم، كان أحمد ولم يعد مجالا للشك.

وقال الوالد: « إن أحمد تغير خلال أشهر الإنتفاضة الأخيرة، فلم يعد هو ذاته الشاب العصبي كثير الحركة، وتحول لإنسان هادئ وأكثر جدية، ولم يعد شيئا يعينه، فكلما قلت له إننا سنبني له بيتا ليتزوج فيه، لم يكن يتفاعل معي ويرد بهز رأسه فقط. »

وكان أحمد الوحيد من الثلاثة من يحمل هاتفه، وقبل تنفيذ العملية بدقائق بعث رساله نصية إلى هاتف أحمد المغلق في البيت وكتب فيها وصيتهم بأن يدفنوا بجانب صديقهم الشهيد « أحمد عوض أبو الرب ».

و يقول الوالد:« لم أكن أعرف أنه صدقهم، بعد استشهادهم قالوا لنا أنهم كانوا يزورون قبر محمد كل يوم جمعة وبإنتظام ».