خبر صور العُري للطعن- هآرتس

الساعة 10:54 ص|13 أكتوبر 2015

فلسطين اليوم

بقلم: أريانا ميلماد

          (المضمون: إن التقارير الصحفية الزائدة والتفصيلية حول الاحداث والعمليات تضر بالمشاهدين الذين يُدمنون عليها وعلى الخوف ويطورون قدرة ورغبة على الانتقام كنوع من الدفاع عن النفس - المصدر).

          المكان الدقيق لكل طعنة مفك، التقارير المنفعلة للمارة، التقارير المتكررة لنجمة داود الحمراء وزاكا، قصة الممرض الذي يصل أولا، البث المتكرر لمدير قسم العناية المركزة، الخطابات الفارغة للجميع من قائد اللواء وحتى وزير الدفاع: الاعلام المبثوث والالكتروني يعملان بمشقة من اجل الوصول الى المعلومات، بما في ذلك الاجراءات المتبعة لعلاج الطحال لضحية الطعن الاخيرة. النتيجة التراكمية لمشاهدة وسماع التقارير – ومن منا لا يشاهد في هذه الايام الصعبة – هي كمية هائلة من الصور العارية مع تفاصيل لا يمكن احتمالها.

          هل المعرفة قوة؟ ليس دائما. خمسة تقارير اخبارية خلال ساعة واحدة لوصف حادثة طعن واحدة، لن تضيف أي شيء للمشاهدين الذين يجلسون أمام الشاشة، بل العكس. التقارير الصعبة من شأنها أن تضر فقط، كما قال الباحثون في مجال علم النفس: منذ أحداث 11 ايلول في الولايات المتحدة تم اجراء عشرات الابحاث التي اثبتت أن المشاهدة الزائدة للاحداث الارهابية المصورة تشوش هرمون الخوف لدى الجمهور وتعرضهم لخطر الازمات. وبدل اعطاء الوسائل لمواجهة الاوضاع المقلقة والمخيفة، فان مستوى الخوف يزداد نتيجة ذلك.

          توجد أعراض جانبية للخوف: الكراهية مثلا الى درجة الرغبة في الانتقام من اجل « الدفاع عن النفس »، الذي هو عبارة عن خيبة أمل متواصلة. الشاشات مليئة بالمشاهد الصعبة طول الوقت، الشبكات الاجتماعية تضخم المشاهد وتنشرها للجميع، العقل يقوم باعادة بث الافلام المرعبة دون فهم أن هناك ايام أصعب مرت، كانت مليئة بالضحايا وكان خوفنا أقل.

          من هو المستفيد من هذا التفصيل للمشاهد العارية والعودة المتكررة على تفاصيل الاحداث واهتمام وسائل الاعلام الهستيري بحدث كهذا؟ فقط الذين يريدون أن يسيطر الخوف على البرنامج اليومي، ولهم اعتباراتهم: الجمهور الخائف هو الجمهور الذي يصدق أن القوة فقط والمزيد من القوة هي التي ستحل المشكلة. جمهور خائف يميل الى المحافظة والانغلاق تحت راية « زعيم قوي ». اذا كانت وسائل الاعلام لا تريد نتيجة كهذه فان هذا ما يحدث – التاريخ مليء بالامثلة السلبية للعلاقة بين الخوف والتخويف والانتصار السياسي لليمين القومي المتطرف.

          الصحفيون في اسرائيل هم جزء من الجمهور الخائف. في ظل عدم السيطرة يخلقون لأنفسهم كذبة السيطرة على الواقع من خلال التقارير المفصلة التي يستطيعون انتاجها بسرعة، رغم الصعوبات التقنية. ويعرفون أنه في هذه الايام تتنافس وسائل الاعلام على الجمهور، وهناك جمهور كبير يشاهد العمليات في اسرائيل بشكل أكبر من برامج الواقع. يمكن الادمان على الخوف.

          اذا كان ضبط النفس ليس صفة اسرائيلية منتشرة، فانه مطلوب، بوساطة الاعلام في المرحلة الحالية. يجب طلب ذلك من الصحفيين، ويجب الفهم أن التقارير الزائدة تضر بكل من يُدمن. السلامة المدنية والسياسية والشخصية تبدأ في هذه الايام من خلال زر الاطفاء.