خبر نتاج المستوطنات -هآرتس

الساعة 08:54 ص|02 أغسطس 2015

فلسطين اليوم

بقلم: أسرة التحرير

في وقفته أمام لجنة التحقيق في المذبحة في مغارة الماكفيلا (الحرم الابراهيمي)، في 1994 ادعى رئيس الاركان في حينه، ايهود باراك، بان جريمة باروخ غولدشتاين أصابت الجيش الاسرائيلي « كالبرق في يوم صاف »، بمعنى، ان المذبحة التي ارتكبها لم تكن قابلة للتوقع والاحباط، وعليه فان احدا في المستوى القيادي، العسكري والسياسي ليس مسؤولا عنها. كما أنه كان لجهاز الامن العام « الشاباك » معاذير في حينه، وعلى رأسها تحدي « منفذ العملية المنفرد »، ذاك الذي يضرب بلا علائم تنظيمية مسبقة.

          قتل الرضيع علي دوابسة في قرية دوما، في فجر يوم الجمعة، لم يكن برقا في يوم صاف. النار التي أكلت علي واصابت افراد عائلته في منامهم اضرمت منذ زمن بعيد وكانت بادية العيان من مسافات بعيدة، كالشعلة في ليل مظلم. ليس منفذا منفردا هاجم المواطنين الفلسطينيين بزجاجات حارقة وليس هذا ايضا حدثا فريدا من نوعه. النتائج حتى الان اقل فتكا.

          اذا ما تشكلت لجنة تحقيق في العملية في قرية دوما، فانها ستشخص بسهولة اهمال الدائرة اليهودية في جهاز المخابرات ووحدة الجرائم القومية في لواء « شاي » للقضاء على وباء الارهاب اليهودي في المناطق. والمسؤولية يجب أن تصعد الى أعلى فأعلى، حتى رئيس المخابرات يورام كوهن، وفوق الجميع بنيامين نتنياهو نفسه، وذلك سواء لان المخابرات تابعة له بشكل مباشر وهو الذي يملي عليها الاولويات والمقدرات، أم لان رئيس الوزراء يفترض أن ينسق عمل كل محافل الامن والاستخبارات. اذا كانت العملية ارهابا والمخابرات هي المسؤولة عن احباط الارهاب – فان العنوان في مستويات التنفيذ والحكومة واضح.

          ولكن تماما مثلما لم يعمل غولدشتاين وحده حقا، بل في اجواء معادية للمسيرة السياسية والعاطفة على احباطها بكل الوسائل، ومثلما خرج يغئال عمير لاغتيال اسحق رابين على اساس بنية تحتية فكرة وحاخامي مشجعة، هكذا ايضا ولد الاحراق من التحريض بل واكثر من ذلك من اشاحة العقل .

          ان التنديدات الصاخبة باغتيال دوابشة تشيح العقل عن الحقيقة الاساسية: المستوطنات في المناطق هي ام كل خطيئة. هي التي تصم بالعار اخلاق المجتمع الاسرائيلي، وتقوض شرعية اسرائيل العالمية والتي حظيت بها ولا تزال تتمتع بها في حدودها القانونية.

          ان الفوارق بين الكتل الاستيطانية « الشرعية » حتى في نظر بعض من اعضاء الوسط – اليسار وبين فتيان التلال وهمية ومضللة. فهؤلاء واولئك يتسببون، مع موازيهم القوميين المتطرفين في الجانب الفلسطيني، باحتدام النزاع الدموي وتخليده. وطالما تخشى في اسرائيل النهوض زعامة مستقيمة وشجاعة تعترف بذلك، سيضرب بالاسرائيليين والفلسطينيين برق ورعد آخر، جرائم ومصائب اخرى. طالما تواصل المستوطنات فرض اثرها، فتستعبد لرؤياها أرباب دولة اسرائيل، لن يتوقف سفك الدماء.