تقرير إقامات جبرية للبعض وإخلاء آخرين لمنازلهم بغزة

الساعة 10:59 ص|25 يوليو 2015

فلسطين اليوم

عيناك وسط رأسك، تدور في كل مكان، تترقب من أين ستأتي الأزمة القادمة، لا سبيل لك سوى الانتظار والمراقبة، هكذا يبدو الأمر تماماً حين يتعلق الأمر بالأزمات المتوالية على قطاع غزة، خاصة في ظل أجواء حارة جافة يصعب الصبر عليها والحياة خلالها دون كهرباء.

الصعود للسماء

« أشبه بالصعود إلى السماء » هكذا يشبه قاطني الأدوار العمارات والأبراج السكنية في غزة صعودهم إلى بيوتهم في ظل انقطاع التيار الكهربائي، وعدم إمكانية استخدام المصاعد للوصول إلى منازلهم، هذه المعاناة التي تدخل بك إلى عمق أوجاع الحياة اليومية الغزّية .

وعن الدور العاشر يقول عبد الله العلوي ( 25 عاماً ) من سكان أبراج الفيروز، إن التفكير وحده في أنك ستصعد إلى الدور العاشر مشياً على الأقدام أمرٌ يصيبك بالإحباط والعصبية، فالأمر متعب حقاً وأحياناً تضطر لفعل ذلك أكثر من مرة خلال اليوم.

وتفصيلاً في المعاناة أوضح العلوي لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » أنَّ الأمر لا يقتصر على الصعود مشياً فقط، بل في كثير من الأوقات يحتاجون لقضاء حوائجهم اليومية، فيعودون محملين بالأكياس والأغراض الثقيلة، الأمر الذي يجعل من صعود السلالم أمراً صعباً ومنهكاً.

ويضيف: « يسكن في هذه البرج الكثير من كبار السن والأطفال والنساء، كذلك هناك بعض الحالات المرضية التي تسكن في أدوار مرتفعة، والكثير منهم يضطر لأن ينتظر في الأسفل ساعات طويلة لكي ينتظر عودة الكهرباء أو تشغيل المولد من أجل أن يصعد لبيته. »

هذا وقد أعلنت وزارة الطاقة في غزة في وقت سابق عن توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة نتيجة عدم توفر الوقود، والاضطرار للعمل ضمن جدول 6 ساعات وصل و12 قطع.

حياة شاقة

وفي ذات السياق أكد أحمد العسقلاني (22 عاماً ) الذي يسكن في الدور الحادي عشر أنه لا يفكر بالعودة مطلقاً للبيت في ظل انقطاع التيار، وإن عاد فإنه لا يعيد كرة الخروج مرة أُخرى، حيث أن الأمر شاق جداً عليه وعلى أهله، خاصة في قضاء الاحتياجات اليومية البسيطة.

وقال لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » « يجب على الحكومة وكل العالم أن يجد لنا حل لهذه المأساة، فـ 6 ساعات وصل أمر لا يحتمله بشر، فبيوتنا أصبحت خالية من المياه، كذلك ونظراً لطبيعة سكننا فإننا نخشى أن تحدث حالة طارئة أثناء انقطاع التيار الكهربائي فلا نستطيع التصرف. »

« فقاصات دجاج »

يأتي ذلك في حين تجتاح غزة هذه الأيام موجة حارة هي الأعلى منذ سنوات، لتزيد من المعاناة، ولتحيل بعض المنازل إلى أفران غير قابلة للحياة، وتصنع من « كرفانات » أصحاب البيوت المدمرة « فقاصات دجاج » حسب وصفهم لحالتهم التي لا يُسكت عنها ولا تُحتمل.

وعن وضعهم المأساوي في « الكرفانات » يقول أحمد عميش (35عاماً) أنّ الإنسان الفلسطيني أصبح شيء ليس له قيمة، فحينما يناشد ويصارع من أجل الحياة ولا مستجيب، هنا يثبت أن كل الوعود وكل الشعارات كاذبة، وأن قيمة الإنسان اختفت.

ولفت عميش إلى استحالة الحياة في « الكرفانات » في مثل هذه الأجواء الحارة، التي تصل فيها درجات الحرارة داخل هذه التجمعات السكنية المصنوعة من الحديد إلى 58 درجة، بالإضافة إلى رطوبة عالية لا يمكن أن تطاق.

وناشد عميش عبر « فلسطين اليوم الإخبارية » العالم أجمع وكل من له القدرة على مساعدتهم أن يعجّل في ذلك لأن أوضاعهم الإنسانية تقبع في الحضيض، والماء والكهرباء والحياة الكريمة أصبحت أمنية صعبة المنال.

الأدوار العليا

أمّا صالح أحمد الذي يعيش في الدور الثالث مع عائلته فقد أوضح أن الشقق السكنية التي يليها سطح المنزل مباشرةً تتحبس فيها الحرارة بشكل كبير، مما يجعل التواجد فيه أثناء اشتداد الحرارة نهاراً أمر صعب دون وجود كهرباء.

وأضاف أحمد لـ « فلسطين اليوم الإخبارية » أن معظم السكان في قطاع غزة لا يستطيعون توفير بدائل للكهرباء مثل مولدات الكهرباء، لأن وقودها يشكل أزمة كبيرة نظراً لارتفاع سعره في ظل أجواء اقتصادية ضعيفة تعمّ القطاع.

وتبقى الحالة على ما هي عليها، مع وعود تلوح بالأفق حول انفراجات قد تأخذ بيد السكان في قطاع غزة في الفترة القادمة، ويبقى الغزّيون في حالة من الترقب والانتظار والتمنّي.