خبر الشيخ خضر عدنان .. الحرية أو الحرية ..بقلم د.وليد القططي

الساعة 09:29 ص|30 يونيو 2015

في رواية (الحرية أو الموت ) للأديب اليوناني الكبير ( نيكوس كازانتزاكيس ) يقول على لسان أحد أبطال الرواية  « إنني أصبح حراً حتى في رق العبودية   حين أستمتع بحرية المستقبل . . . حرية الأجيال القادمة , وعندما أقاتل في سبيل الحرية طوال حياتي فأنني سأموت إذن رجلًا حراً . . . إن الرجولة كامنة في الروح وليس الجسد . . . وأن الحرية بذرة لا تنمو بالماء وإنما بالدماء وحدها تنمو وتترعرع . » . ويرى في مواضع كثيرة من الرواية أن الحرية لا يمكن أن تُمنح , وإن من يُمنح حريته سيكون عبداً لتلك القوة الجديدة .

                                                                                                                   ولقد جسّد الشيخ خضر عدنان هذه المعاني والقيم الواردة في الرواية ابتداءً من عنوانها( الحرية أو الموت ) , فالحرية تعني الخروج من السجن لمواصلة النضال خارجه , وهو شكل من أشكال الحرية , فأنت حرٌ طالما أنك تملك أرادتك في مواصلة الكدح لنيل الحرية .  والموت الذي يعنيه كاتب الرواية هو الشهادة عندنا , والشهادة تعني في أحد معانيها التخلص من أسر الطين , والتحرر من جاذبية الأرض المحفوفة  بالشهوات , والسمو بالروح بعيداً عن أدران الحياة الدنيا , فهو تجسيد لمعادلة الحرية أو الحرية إذن وليس الحرية أو الموت .      

ومن المعاني والقيم التي جسّدها الشيخ خضر عدنان من خلال إضرابه عن الطعام وانتصاره على جلاديه معنى الحرية وإرادة النصر وفلسفة الصمود , عندما أضرب عن الطعام مطالباً بحريته حتى الموت بل حتى الشهادة , لأن الإضراب عن الطعام هنا هو نوع من الكفاح والجهاد يقوم به أولو العزم من الأحرار الذين يمتلكون أرادة النصر , ويدركون أن النصر صبر ساعة , ويفهمون فلسفة الصمود وأسراره التي تجعل الجسد الصغير والجسم النحيف عظيماً مع الروح الكبيرة والهمة العالية والإرادة القوية والعزيمة الصلبة . . . , ومن يستحوذ على هذه الصفات يصبح حراً حتى لو غيّبه السجن أو القبر , فان عاش  سيعيش رجلاً حراً , وان مات فسيموت رجلاً حراً .

ولقد نزع الشيخ خضر عدنان حريته انتزاعاً من قبضة عدوه , ولم يستجدها استجداء , كي لا يصبح أسيراً  لعدوه مكبّلاً بقيوده , ولسان حاله يقول  أن النصر ليس هبة مجانية كما أن الهزيمة ليست قدرا لازماً  , فللنصر أسبابه وسننه التي تبدأ بالإيمان بالله وبعدالة القضية والثقة بنصره , وامتلاك إرادة النصر , وأخلاق المنتصرين , وعزيمة الأحرار . . . , كما أن للهزيمة أسبابها وسننها التي تبدأ بالهزيمة النفسية إذا ما فُقد الإيمان بنصر الله وعدالة القضية وإرادة النصر , وعدم التّحلي بأخلاق المنتصرين وعزيمة الأحرار وتغلغل الوهن وفسدت الروح .

لقد جسّد الشيخ خضر عدنان بإصراره على مواصلة الإضراب عن الطعام حتى الحرية أو الشهادة إرادة النصر وفلسفة الصمود , عندما صنع من جوعه حريته ,  ومن ألمه عزته , ومن معاناته كرامته . وحريته وعزته وكرامته من حرية وعزة وكرامة شعبه , هذا الشعب الذي يتوق إلى نموذج القائد البطل الذي لم يذق طعم النضال المكيّف من فئة الخمسة نجوم , ويحترم نموذج القائد البطل الذي لم يمارس فنون الردح المتبادل عبر الفضائيات , هذا الشعب يستحق قائداً بطلاً كخضر عدنان كغيره الكثير من أبطال شعبنا  الذين قضوا  نحبهم موتا أو شهادة , أو الذين لازالوا وراء القضبان , أو لازالوا في الميدان وما بدّلوا تبديلا . قادة أبطال يمكن  أن يصنعوا لدى الناس القدرة على الفرح , يمكن أن يمنحوا الناس الأمل بغدٍ أفضل , ويمكن أن يلهموا الناس البصيرة التي تحافظ على اتجاه البوصلة , قادة أبطال يضربوا للناس المثل في الإصرار على مواصلة الكفاح والجهاد حتى النصر .