خبر عن الانجازات والاخطاء... اسرائيل اليوم

الساعة 09:37 ص|29 مايو 2015

بقلم

في الاونة الاخيرة يبدو أن تنظيم الدولة الاسلامية داعش نجح في مراكمة انجازات جيوغرافية ذات أهمية كبيرة. هذه الانجازات ستؤدي الى أن يسيطر التنظيم على مساحة واسعة تمتد من غرب ومن هناك الى الحدود السورية من خلال تعزيز سيطرته في شمال وشرق الدولة السورية المتفككة. احتلال الرمادي في العراق الواقعة على بعد مرمى قوس من العاصمة العراقية في الغرب، وتدمر الواقعة في قلب شمال سوريا يشكل قاعدة لخطوات مستقبلية ذات أهمية أكبر. لا يجب أن نندهش اذا احتاج التنظيم وقت ما من اجل « هضم » هذه المناطق الجديدة التي احتلها وذلك للتعامل مع المجتمع الذي يمكن أن يعارضه – اذا بقي مجتمع كهذا، لتعزيز السيطرة على باقي السكان والاستعداد للهجومات المضادة للجيش السوري والعراقي وقوات شعبية مساعدة.

يبدو أنهم في العراق وسوريا، والأهم في الولايات المتحدة، يدركون أن مرحلة الهجمات المضادة من شأنها أن تتضح كحاسمة. اذا نجح التنظيم في صد هذه الهجمات فمن الصعب رؤية ما سيوقفه في المستقبل، باستثناء تدخل اكبر من الجيش الامريكي بما في ذلك وحدات برية كبيرة. بعد الهجمات المضادة، منذ اللحظة التي يشعر فيها التنظيم بالثقة بالنفس في المجال الجديد، لا يمكن معرفة السرعة التي سيصل فيها لذلك، فانه سيقف أمام المعضلة الكامنة في اوضاع كهذه. ماذا بعد؟ من طبيعته فان تنظيم كهذا لا يستطيع الامتناع عن العمل لفترة طويلة، فهو يحتاج الى مواصلة الحركة، وهو متعطش لانتصارات اخرى ويخاف من البرجزة التي من شأنها الامساك به بعد فترة من الهدوء.

التنظيم ما زال موجودا في مرحلة ديناميكية، وفترة الزخم. هناك اربع امكانيات عمل امام التنظيم، ولا أحد يعرف أيها سيختار زعماءه. يمكن أنه حتى هم ما زالوا لم يبلوروا رأيهم وليسوا ناضجين لاتخاذ قرار على الاقل حتى تتضح نتائج الهجمات المضادة اذا نفذت.

الجهد الطبيعي القادم يمكن أن يكون باتجاه بغداد من اجل تعزيز السيطرة على كل ما هو في غرب العاصمة العراقية. الهدف سيكون المس بصورة شديدة بقدرة عمل الحكومة الشيعية في المناطق السنية التي احتلها التنظيم حتى الآن، وحتى التسبب بالانهيار الكامل للنظام الحالي في العراق.

لا يوجد شك أن عملية كهذه ستُدخل الشيعة المسيطرين على العاصمة وحلفاؤهم الايرانيين في ضغط لأنه اذا اقترب تنظيم كهذا من المناطق المكتظة بالسكان الشيعة ومناطق مقدسة جدا بالنسبة لهم، فان الشيعة يرون في انفسهم « مذبحة كبرى ». لهذا ليس هناك شك أن خطوة كهذه اذا نجحت فستضع الايرانيين امام قرار صعب، وفي الاساس قرار هل ستتدخل عسكريا بصورة مباشرة.

في العراق توجد للتنظيم امكانية عمل اخرى، في الشمال تجاه كردستان. اذا نجح في السيطرة على المناطق التي منها يستخرج الاكراد النفط، فانه سيحظى بنجاح كبير يُمكنه من ادارة دولة ستخلق ضغط كبير على تركيا، الآن يبدو هذا مغريا لأن الغرب لم يهتم بتسليح الاكراد كما يجب، وهم الوحيدون الذين حاربوا حتى الآن بصورة تستحق التقدير ضد التنظيم.

يمكن ايضا أنه بعد النجاح الكبير في العراق، سيفضل التنظيم تعزيز سيطرته في شمال سوريا، أي الوصول الى السيطرة على حلب وحمص. هذا مخطط طموح من ناحية مصير المجال الجيوغرافي. لكن هناك كما يبدو ستكون معارضة أقل مما سيكون في مدينة كبيرة مثل بغداد أو ضد الاكراد المصممين. اذا نجح في ذلك فهو سيحسن جدا امكانياته للعمل بعد ذلك ضد الاكراد، وفي الاساس الجناح السوري له. في سوريا سيقف امام التنظيم في الاساس الجيش المنهك للرئيس الاسد، وربما بالتحديد في هذه المنطقة ستنضم الى داعش منظمات سنية اخرى من اوساط ما يسمى جيش المتمردين، وسيحظى بالشرعية من السكان المحليين. عملية كهذه يمكنها ان تؤدي الى تغيير دراماتي في مكانة الاسد وتجبر حزب الله على مد قواته على مساحات اطول. إن خسارة الجبهة الاستراتيجية لحزب الله ووجود مبغضيه السنة في الجبهة الداخلية لمركز الاقلية العلوية في اللاذقية، تفسيرها هو تهديد منطقة حيوية لحزب الله، وتهديد مكانة الايرانيين في سوريا، وبعد ذلك في لبنان.

من اجل الحفاظ على الامرين سيعمل الايرانيون وحزب الله تقريبا كل ما في استطاعتهما لأنه بالنسبة لهما هذا يعتبر تهديدا وجوديا. اذا وصل تنظيم الدولة الاسلامية الى السيطرة الكاملة على المناطق العلوية أو الشيعية – فانه سيدمرهم جميعا هناك. هذه مواجهة حياة أو موت. وهذا الامر واضح للجميع.

الخيار الطموح

هناك امكانية رابعة تبدو اقل جاذبية في هذا الوقت، لهذا فانها اقل معقولية لكنها غير مستبعدة. يمكن انه من اجل الامتناع عن المواجهة مع الشيعة حول بغداد او مع يأس العلويين وحزب الله في الطريق الى دمشق، سيوجه التنظيم جهوده باتجاه عمان. في الاردن كل السكان من السنة، و بعضهم يمكن ان يثير تاييدا للتنظيم السني الجدي العامل كما يبدو باسم السنة الموجودين في ضائقة ازاء الديناميات الشيعية في الشرق الاوسط.

التنظيم يمكنه التقدير أنه في مواجهة الاردن سيسهل عليه العمل واذا نجح في ذلك فستمهد له الطريق نحو السعودية – جوهرة تاج العالم الاسلامي. السعودية هي الهدف الذي يحلم به كل من يتحدث عن الخلافة الاسلامية، بسبب أنه توجد فيها المدينتين المقدستين لكل مسلم. في العمل ضد الاردن يمكن للتنظيم أن يدمج عملية عسكرية مع محاولة للتأثير على المملكة من الداخل من خلال استخدام المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت في الاردن ازاء هرب اللاجئين من سوريا الى الاردن.

نجاح التنظيم في الاردن يبدو اليوم بعيد جدا. الجيش الاردني، خلافا لجيشي العراق وسوريا، هو جيش مهني وجدي. وهذه العملية تحظى بشرعية وحتى بشعبية كبيرة في اوساط الاردنيين. الاردن ليس صيدا سهلا وبالتأكيد أنه سيحظى بالمساعدة من كل من يهمهم استقرار المملكة.

على كل حال، واضح أن التدخل الامريكي حتى الآن لم يقرب الولايات المتحدة من الهدف الذي حدده الرئيس اوباما: تدمير التنظيم. لكن العكس هو الصحيح – التنظيم تعزز ووسع سيطرته منذ أن شنت عليه الولايات المتحدة الحرب. الاحتمال الاخير للولايات المتحدة لمواصلة سياستها الحالية، أي الامتناع عن تدخل القوات البرية الامريكية، يرتبط بقدرتها على تقديم المساعدة للجيش العراقي في الهجوم الذي تتعهد بتنفيذه، بصورة غير مباشرة وربما بمساعدة الجيش السوري.

المراجعة الامريكية للذات ستجري بعد هذه المعارك عندما يكون واضحا اكثر اذا كانت النجاحات الاخيرة للتنظيم هي مجرد ارتفاع وهبوط عادي في مواجهات من هذا النوع، أو انها تضعه في مستوى مختلف ويقوم باستغلال الزخم من اجل التقدم باتجاه اهداف اكثر طموحا.