خبر مشاكل تحت السجادة... اسرائيل اليوم

الساعة 10:40 ص|24 ابريل 2015

بقلم

(المضمون: بلاط روماني نادر اكتشف فجأة من قبل المسلمين تحت بلاط قبة الصخرة، هذا الكشف اوضح الى أي درجة ترتبط سلطة الآثار بالشرطة. مدير عام السلطة حسون يقول إن هناك تعاون مع الشرطة ولكن دائما يثور الشك حول أنك لا تعرف ماذا يحدث - المصدر).

في هذا الاسبوع في الوقت الذي رفعت فيه أعلام حماس في المسجد الاقصى وعلى ابوابه رفعت يافطة لاحياء ذكرى أحد منكري الكارثة، المخرب عبد العزيز الرنتيسي، توفي في القدس أحد الباحثين في أيامنا حول المكان المقدس في المسجد الاقصى، البروفيسور آشر كاوفمان. في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي كان كاوفمان أحد سكان جبل الهيكل. كان يتجول هناك وهو يلبس قبعة بيضاء على رأسه، مزودا بمفكرة صغيرة وقلم رصاص ووثق باجتهاد الاضرار التي لحقت بآثار الجبل. رجال الاوقاف، رغم أن هذا يبدو خياليا في أيامنا هذه، كانوا يحترمونه كثيرا ومن حين الى آخر استضافوه في مكاتبهم من اجل تبادل الآراء معه في البحث والآثار.

كاوفمان من مواليد اسكتلندة، متخصص في الفيزياء الحيوية، رجل دين محافظ مع آداب انجليزية، كان يشكل لجنة مراقبة متطوعة من رجل واحد. يغئال يادين، الأب المؤسس للآثار الاسرائيلية اضطر الى الاستعانة به أمام السلطات من اجل انقاذ آثار جبل الهيكل، ولكن ايضا من اجل أن يستطيع كاوفمان أن يعرض رأيه البحثي، الذي ناقض وجهة النظر التقليدية بشأن مكان قدس الاقداس في قبة الصخرة. كاوفمان ادعى أن قدس الاقداس موجود الى الجنوب من ذلك الموقع في المكان الموجودة فيه اليوم قبة الارواح.

شخصيته المنسية تقريبا هي قصة صحفية وانسانية ممتعة يجدر الانجذاب اليها بالذات هذا الاسبوع في الوقت الذي تنشغل فيه الصحافة بشؤون جبل الهيكل. قصته تشير الى أي درجة تغيرت الوقائع نحو الاسوأ في جبل الهيكل في السنوات العشرة الاخيرة، وبمستويات كثيرة. الورثة غير الرسميين لكاوفمان، رجال لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل، تجولوا يوم الاثنين الماضي في الجبل بمرافقة رجال شرطة رفيعي المستوى وضيفة محترمة، التي ليست عضوا في اللجنة، البروفيسورة روت غبيزون، الحاصلة على جائزة اسرائيل في القانون. كان بالامكان أن تكون هذه جولة تعليمية ولكنها تطورت الى شيء آخر تماما، سواء لحقيقة أنه خلال الجولة هوجم الزوار بالكلمات من قبل المسلمين أو الاكتشافات التي نتجت عنها.

خلال الزيارة لاحظ الدكتور غابي بركاي، عضو اللجنة والحاصل على جائزة اسرائيل في الآثار، وجود تراكتور صغير ملاصق لمبنى قبة الصخرة وأكوام من مواد البناء التي يتم ادخالها الى داخل المبنى. بركاي ومجموعته طلبوا الدخول الى مبنى قبة الصخرة من اجل فهم ما يجري هناك. أكثر من مرة كشف اعضاء اللجنة في العشرين سنة الاخيرة اعمال غير مشروعة نفذها المسلمون في جبل الهيكل، وفي هذه المرة ايضا ثارت شكوكهم.

الشك تعاظم عندما رفضت الشرطة بشدة السماح لهم بالدخول الى المبنى الذي يوجد في وسطه حجر الناصية، وحسب رأي معظم الباحثين  فان الحجر يشير الى قدس الاقداس. 

مكالمة متعجلة جاءت من سلطة الآثار أظهرت أنه حتى هم لا يعرفون شيئا عما يجري داخل قبة الصخرة. الشرطة التي قللت في البداية من أهمية ما يجري قالت إنه تغيير للسجاد فقط، ومنعتهم في البداية من الدخول الى المبنى المقدس وأثارت في اوساطهم الشعور أن أحدا ما يخفي عنهم شيئا.

فقط في اليوم التالي بدأت الصورة تتكشف: المسلمون يغيرون في هذه الايام سجاد قبة الصخرة وسجاد المغارة الموجودة في وسطها بسجاد جديد – تبرع من العائلة المالكة الاردنية. هذا العمل تم تنفيذه، هكذا اتضح فيما بعد، بدون تنسيق مع سلطة الآثار، وبدون أن يعطى رجال الآثار الفرصة تقريبا حتى يتم توثيق ارضية قبة الصخرة والمغارة الموجودة تحتها. تلك الارضية مزينة جزئيا بالفسيفساء وباشكال هندسية مختلفة من فترات مختلفة، والحديث عن طريقة رصف تستخدم فيها الواح حجرية ملونة ذات اشكال هندسية مختلفة. في الفترة الرومانية انتشر استخدام تقنية الرصف هذه وفي الاساس في القصور الملكية واعتبرت فخمة وثمينة جدا.

نقطة الخلاف

الوحيدان اللذان وثقا هذه التقنية حتى اليوم في قبة الصخرة وبصورة سطحية فقط هما عالم الآثار البريطاني المعروف تشارلز فيرن، الذي رسم قطعة صغيرة من الارضية في 1865، وباحث مسلم اردني هو محمد غوشة، الذي نشر قبل نحو سنتين رسالة الدكتوراة عن قبة الصخرة. حجم ضياع الفرصة اتضح عندما نشرت صفحات فيس بوك اسلامية صور للبلاط الذي اكتشف فجأة تحت السجاد. د. بركاي يقول إن ضياع الفرصة هو علامة لما يجري في جبل الهيكل، وتجسد ضعف سلطة الآثار في الجبل، وارتباطها التام بالشرطة، التي اعتباراتها بصورة عامة هي اعتبارات غير أثرية.

بركاي يقول إنه في مشروع تنخيل تراب جبل الهيكل الذي يديره مع رجل الآثار تساحي دبيرا، وجدت بقايا لحوالي ألف قطعة فسيفساء من نوع « أوبس سكتلا » وما يوازيها حسب الصور المنشورة في الفيس بوك وفي مواقع الانترنت الاسلامية، يمكن أن تكون ايضا موجودة داخل قبة الصخرة. « هذه الصور تبين لنا أن الصليبيين الذين تبليط »أوبس سكتلا« هذا كان في عهدهم، بلطوا هم ايضا قبة الصخرة. هذا عنصر بحثي مهم جدا لتاريخ هذا المكان المقدس جدا الذي في مركزه توجد الصخرة، موقع ذو أهمية دينية كبيرة وتاريخية عظيمة سواء لليهود أو للمسلمين ».

« هذا التبليط »، يُقدر بركاي، « تم تفكيكه كما يبدو من قبل صلاح الدين في نهاية القرن الثاني عشر أو في احدى عمليات الترميم الذي أجريت في المبنى بعد ذلك، وتم القاء النفايات الى المنطقة التي حفرت فيها الاوقاف في نهاية التسعينيات بئر كبيرة، عندما قال رجالها بتنظيف اسطبلات سليمان واعدادها كمسجد في جنوب شرق جبل الهيكل. الاتربة التي اخرجتها الاوقاف من هذه البئر من خلال الدوس على كل القواعد الاثرية والثقافية، نقوم بتنخيلها في وادي تسوريم في القدس ».

بركاي ودبيرا والوزير أوري اريئيل، الذي توجه الى رئيس الحكومة نتنياهو، ليسوا الوحيدين الذين تفطر قلبهم ازاء ما يجري على الجبل. سلطة الآثار تشارك الآن في هذا الانتقاد. مدير عام السلطة، عضو الكنيست السابق اسرائيل حسون، يعترف أنه غير راضٍ عن مستوى الرقابة الموجود في الموقع. « تم تنفيذ اعمال لم تعرف عنها سلطة الآثار، ويجب ألا يحدث شيء كهذا. لدينا هنا حادثة سأقوم في التحقيق فيها في بداية الاسبوع القادم ».

قال حسون إنه اثناء رفع السجاد القديم، نُزعت بلاطتان وأُعيدتا الى مكانهما، لهذا لم يحدث ضرر. هو لا يعرف عن استخدام المطارق على البلاط القديم في المكان، الادعاء الذي أُسمع ايضا هذا الاسبوع. الضرر البحثي يعتبره غياب فرصة، ولكنه يطلب وضع الامور في سياقها: « لقد كان لنا في جبل الهيكل فقدان لفرص دراماتية أكثر ».

هل عملية الرقابة من قبل سلطة الآثار في جبل الهيكل تجري ازاء الاوقاف. « تقريبا لا. الحوار يتم عن طريق شرطة اسرائيل. في الاشهر الاربعة الاخيرة التي شغل فيها منصب مدير السلطة لم تكن هناك حادثة لم نجد فيها تعاونا من الشرطة، سواء في وقف العمل أو في تصليح الوضع. المشكلة الوحيدة هي الشكوك الموجودة – أنت لا تعرف ماذا يجري هناك ».

حسون يتطرق للمرة الاولى بصورة علنية لاكوام التراب الكثيرة الموجودة في الجبل، التي منعت محكمة العدل العليا اخراجها بناء على طلب لجنة منع تدمير الآثار في جبل الهيكل. يدور الحديث عن اتربة قامت الاوقاف بحفرها سواء في اسطبلات سليمان (المسجد المرواني) أو في مناطق اخرى في الجبل، أو القطع الخشبية القديمة الموجودة هناك، التي بعضها تمت نسبتها من قبل باحثين الى فترة الهيكل الاول والهيكل الثاني.

« فيما يتعلق باكوام الاتربة »، يقول حسون، « وضعت المحكمة العليا أمام الدولة حاجز عال جدا. فقد حظرت علينا اخراج التراب من هناك إلا بعد أن يتم تنخيله وفحصه داخل الموقع وليس خارجه. عمليا وفي واقع الجبل اليوم هذا تقريبا غير ممكن ». ويضيف « بناء على هذا ليس عندي شك أنه يُفضل اخراج التراب من هناك وفحصه. الوضع الحالي يتسبب باضرار لاكوام التراب القديمة وللآثار التي ربما هي موجودة فيها، حيث أنه يختلط طوال الوقت مع القمامة والنفايات الاخرى. يجب علينا اتخاذ قرار في هذا الشأن، واذا اقتضى الامر التوجه ثانية الى محكمة العدل العليا ».

حسون يرمز للمرة الاولى الى أنه اذا كانت هناك موافقة من اللجنة لاخراج اكوام التراب من جبل الهيكل، فمن الممكن أن يكون بالامكان التوصل الى اتفاق ايضا على اخراج القطع الخشبية القديمة من الجبل، التي هي اليوم مخزنة في ظروف غير مناسبة وتعاني من التآكل.

في هذه الايام تتعامل شرطة اسرائيل ليس فقط مع قصص الآثار، لكن ايضا مع المرابطات، مجموعات مقاومة اسلامية، التي طوال اشهر طويلة تلقت رواتب شهرية من الجناح الشمالي للحركة الاسلامية الاسرائيلية من اجل التنغيص على الزوار اليهود الذين يأتون الى جبل الهيكل عن طريق اطلاق هتافات متحدية وصراخ « الله أكبر ».

بعد خفوت معين تعود المرابطات ويرفعن رؤوسهن، في الاساس بمساعدة جهات متماثلة مع « حماس القدس ». فقط قبل ثلاثة اشهر أغلق « الشباك » والشرطة ثلاثة روابط اقيمت من قبل الجناح الشمالي في الناصرة، وأعلن وزير الدفاع عنها كاتحادات غير مسموح بها. في « الشباك » قالوا إن نشاطها ايضا الممولة استهدفت ضعضعة أمن زوار الجبل والتسبب بالتصعيد وخرق النظام من خلال المس بسيادة اسرائيل في المكان.

النشاطات في الناصرة نجحت في تقليص حجم نشاط المرابطات في جبل الهيكل، ولكن في الاسابيع الاخيرة اصبحن المرابطات يقلقن الشرطة والزوار. في بداية الاسبوع حددت زيارات اليهود في الجبل، بعد أن تمت مهاجمة احداها في المكان من قبل عرب من سلوان. اعتقلت الشرطة اثنين من المهاجمين.

يافطات تحذير

نائب المفتش العام للشرطة، آسي اهاروني، المتحدث باسم شرطة القدس، صادق على أنه بعد هبوط كبير في نشاطات المرابطات فقد تجددت في الآونة الاخيرة. « عندما يتم تنفيذ خرق جنائي فاننا نعالجه. احيانا نحن نعرف مسبقا عن اعمال شغب يتم التخطيط لها ونقوم بمنعها. احيانا نعالجها اثناء حدوثها واحيانا، لاعتبارات عملياتية، نقوم باعتقال المشاركين فيها بعد فترة ».

العمل مع سلطة الاثار  يعتبره نائب المفتش انه « تعاون كامل، لا يتم اخفاء شيء عنهم »، ويضيف « كل الاعمال يتم القيام بها حسب المصادقات المطلوبة. عندما يطلبون فحص أي شيء – يأتون ويفحصون ».

ولكن رغم هذه الامور فان سلطة الاثار لا تعمل في جبل الهيكل كما في أي مكان آخر في الدولة. هي خاضعة ليس فقط لمدير عام السلطة، الذي في الاسبوع الماضي هدد باستخراج أمر وقف اعمال الاوقاف اذا لم تسمح لرجاله بالدخول الى قبة الصخرة، ولكن ايضا مكتب المستشار القانوني للحكومة ومكتب رئيس الحكومة الذي يشرف مباشرة على ما يحدث في الجبل.

الشرطة في جبل الهيكل الذي تم احراقه قبل ثمانية اشهر تم ترميمه لكنه ما زال لا يعمل. مقارنة مع النصف الثاني من 2014، فان عدد حالات خرق النظام في القدس تقلص بصورة دراماتية، لكن المنطقة ما تزال غير هادئة. من حين الى آخر وفي الاساس في منطقة التماس تحدث احداث القاء الحجارة. حادث الدهس الذي قتل فيه شالوم شركي يعتبر مثل اعمال دهس مشابهة، كعمل فردي، لا تقف خلفه منظمة. « الشباك » يفحص الان فيما اذا كان قد استلهم من الفوران الموجود في جبل الهيكل ومن نداءات التحريض « الاقصى في خطر » كما اتضح في عمليات الدهس السابقة في القدس. في هذه الاثناء يواصل رجال الدين المسلمين في جبل الهيكل اشعال النفوس، وحول الصراع المتعلق بالوعي على جبل الهيكل تتطور ايضا حرب اليافطات. مفتي القدس الشيخ محمد حسين حذر قبل بضعة اسابيع من وضع يافطة من قبل « بلدية الاحتلال » بالقرب من باب الناظر مكتوب عليها « جبل الهيكل ». بالنسبة للمسلمين يسمى جيل الهيكل « الحرم القدسي الشريف »، هم ينفون الان ايضا الاسم العبري للمكان كما هو الامر بالنسبة للهيكل الذي يسمونه « المزعوم » (المتخيل).

مسالة وضع اليافطات حدثت ايضا في حائط المبكى الصغير – قطعة من الحائط الغربي قرب باب الحديد، احد ابواب الدخول الى الجبل. يافطة وضعتها البلدية تشير ببعض الجمل وبثلاث لغات، العبرية العربية والانجليزية، ما هو حائط المبكى الصغير، هذه اليافطة ازيلت من مكانها في ظروف غامضة، لكنها مرتبطة كما يبدو بتحفظ المسلمين منها. في المقابل فقد تم في المدينة القديمة تدمير سطور بالعربية كتبت على يافطات اسماء شوارع ومواقع اخرى في البلدة القديمة.

في زياراته المتواصلة للجبل قبل 23 سنة وثق كاوفمان اشياء اثرية دمرت، أو غطيت بالتراب او طمست لعدم معرفة في جبل الهيكل. لقد زعم ان الاوقاف تعمل فقط بالقطارة. اليوم وبعد تقرير خطير لمراقب الدولة (الذي حظر نشر معظمه بصورة مستغربة)، وبعد سنوات من مشاركة الجناح الشمالي للحركة الاسلامية فيما يجري في الجبل، يمكن القول انه في كل ما يتعلق بالاضرار بالاثار في الجبل، فان المسلمين يعملون فقط من حين الى آخر دون قصد. تقريبا لا يوجد شيء صدفة في جبل الهيكل والذي يدور فيه الآن صراع ليس فقط على السيطرة في المكان ولكن ايضا على السيطرة على الوعي.